عبدالرحيم علي يكتب: فضيحة من العيار الثقيل    محاكمة طفل بالإسماعيلية على خلفية جريمة الصاروخ الكهربائي..القانون يحدد التدابير الممكنة    رئيس الوزراء: مصر ستوفر 3 مليارات دولار سنويا بعد تشغيل محطة الضبعة    رئيس الوزراء: منطقة شمال سيناء تشهد نقلة مختلفة تماما خلال سنوات قليلة    خطة لإطلاق أول صندوق استثماري للرعاية الصحية برأسمال يصل إلى مليار جنيه    سرب من الطائرات الإسرائيلية يحلق في سماء سوريا    جروسى يعلن عودة مفتشى وكالة الطاقة الذرية فى عدد من المنشآت النووية الإيرانية    الإثنين المقبل.. انطلاق القمة السابعة للاتحاد الأوروبي و الإفريقي في أنجولا    يحيى أبو الفتوح: لم أقصد الإساءة لجماهير الأهلي والمقطع تم اقتطاعه    دوري أبطال أفريقيا.. تغيير حكام مباراة الأهلي والجيش الملكي المغربي    بعثة زيسكو تصل القاهرة لمواجهة الزمالك في الكونفيدرالية    الداخلية تكشف ملابسات فيديو مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالشرقية    وكيل وزارة الشباب بكفر الشيخ يتابع تجهيزات المقار الانتخابية    نمير عبد المسيح: جالي اكتئاب ووقفت تصوير فيلم الحياة بعد سهام 3 سنوات    وزير الشباب والرياضة يستعرض مستهدفات المشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي    مدبولي: بعثة صندوق النقد تزور مصر أول ديسمبر المقبل    تطورات جديدة في الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت    رصاصة طائشة تنهي حياة شاب في حفل زفاف بنصر النوبة    لتعزيز التعاون بين البلدين.. الهيئة العامة لميناء الأسكندرية تستقبل وفدًا برلمانيًا من جمهورية جنوب إفريقيا    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    غدًا.. انطلاق عروض الليلة الكبيرة بالمنيا    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    الرئيس الكوري الجنوبي يزور مصر لأول مرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي    صحة الإسكندرية: 14 وحدة و5 مستشفيات حاصلة على الاعتماد من هيئة الرقابة الصحية    لتصحيح الأوضاع.. السد يبدأ حقبة مانشيني بمواجهة في المتناول    هل يخفض البنك المركزي الفائدة لتهدئة تكاليف التمويل؟.. خبير يكشف    يديعوت أحرونوت: محمد بن سلمان يضغط لإقامة دولة فلسطينية في 5 سنوات    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    تكريم 15 متدربة متميزة بالقليوبية بماكينات خياطة لدعم مشروعاتهن الصغيرة    الداخلية تضبط أموالاً بقيمة 460 مليون جنيه من نشاط إجرامى    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    كونسيساو في مهمة جديدة مع الاتحاد.. والنصر يطارد الانتصار التاسع أمام الخليج    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    بيتكوين تستقر قرب 92 ألف دولار وسط ضبابية البنك الفيدرالى    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: أمطار على هذه المناطق    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    براتب 9000 جنيه.. العمل تعلن عن 300 وظيفة مراقب أمن    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القبعة الحديدية ومعضلة الدفاع في إسرائيل
نشر في محيط يوم 17 - 11 - 2007


القبعة الحديدية ومعضلة الدفاع في إسرائيل
د‏.‏ محمد قدري سعيد
حديث المدينة في إسرائيل هذه الأيام يدور حول قنبلة إيران النووية‏,‏ وصواريخ حزب الله‏,‏ والفلسطينيين‏,‏ وكيفية التعامل مع هذين التهديدين في المستقبل‏.‏ وتمثل قنبلة إيران النووية علي المدي البعيد خطا أحمر بالنسبة لإسرائيل‏,‏ أما الصواريخ‏,‏ بكل أنواعها البدائية والمتطورة‏,‏ والقصيرة والطويلة المدي‏,‏ فقد أصبحت هم كل يوم في غيبة وسيلة ناجعة للتعامل معها حتي الآن‏.‏
وطبقا لمعلومات وزارة الدفاع الإسرائيلية‏,‏ أطلق الفلسطينيون علي إسرائيل منذ بداية هذا الصيف نحو‏1040‏ صاروخا ودانة هاون‏,‏ بالإضافة إلي‏4000‏ صاروخ سقطت علي إسرائيل العام الماضي خلال حربها مع حزب الله اللبناني‏.‏ هذا الوضع المقلق كان وراء عودة العسكريين الإسرائيليين إلي طرح قضية الدفاع ضد الصواريخ‏,‏ ومشاريع التسلح المتعلقة بهذا الموضوع‏,‏ وما جري لها من انكماش خلال السنوات الماضية لأسباب مالية وفنية وفكرية‏,‏ واقتصار الأمر في النهاية علي نظام الأرو أوالسهم الذي دخل الخدمة بالفعل بعد أن مر بعمليات تطوير متعددة‏.‏
ومن المعروف أن نظام الأرو لا يصلح إلا للتصدي لصواريخ بعيدة المدي مثل صواريخ سكود الباليستية المنتشرة في المنطقة‏,‏ وكان الظن أن تهديد صواريخ الكاتيوشا والقسام البدائية يمثل خطرا يمكن تحمله والعيش معه‏,‏ وأن قدرة إسرائيل الجوية الهجومية سوف تمكنها من ردعه أو القضاء عليه أو إضعافه في نهاية المطاف‏,‏ إلا أن غالبية العسكريين الإسرائيليين اكتشفوا خطأ توريط السلاح الجوي في هذه المهمة‏,‏ وإشغاله بها بعيدا عن مهامه الأساسية الأخري‏.‏
تكره إسرائيل فكرة الدفاع‏,‏ وتراها من الناحية النفسية والاستراتيجية اعترافا للخصم بقدرته علي الفعل والإيذاء‏,‏ وهو شرف تحاذر إسرائيل كثيرا من إضفائه علي خصومها‏,‏ ومنذ بناء خط بارليف الشهير علي ضفة قناة السويس كأول إجراء دفاعي لها بعد تاريخ طويل اتسم بالهجوم المستمر‏,‏ لم تتوقف إسرائيل عن التفكير في مشاريع دفاعية أخري‏,‏ ربما كان أشهرها بناء الجدار العازل بينها وبين الفلسطينيين‏,‏ ونظام الصواريخ الأرو للدفاع ضد الصواريخ العربية والإيرانية‏,‏ والآن تفكر في كيفية التعامل مع ثغرة جديدة انكشفت مع حرب لبنان وتتعلق بتهديد الصواريخ والمقذوفات قصيرة المدي‏,‏ الذي لايتعدي مداها‏40‏ كيلومترا‏.‏
ولاشك أن لجوء إسرائيل إلي أساليب دفاعية قد يعني في الوقت نفسه أن جرعة الهجوم بأشكاله المختلفة عند جيرانها قد زادت وتنوعت مع الوقت في ظل وجود تآكل مستمر للردع الإسرائيلي لأسباب مختلفة‏.‏ وتذكرني إسرائيل وهي تمارس فن الدفاع بصورة فرسان العصور الوسطي‏,‏ كما نراهم في المتاحف‏,‏ وفي الأفلام التاريخية‏,‏ يغطون كامل أجسادهم بدرع حديدية لا تترك إلا فتحة صغيرة للعينين‏.‏
وفي يناير الماضي‏,‏ قررت الحكومة الإسرائيلية البدء في تطوير نظام جديد لاعتراض الصواريخ قصيرة المدي بحد أدني‏10‏ كيلومترات وحتي‏70‏ كيلومترا‏,‏ وأطلقت عليه القبعة الحديدية‏.‏ ومن المعروف أن اعتراض الصواريخ قصيرة المدي يمثل تحديا تكنولوجيا وعملياتيا صعبا‏,‏ حيث الزمن ما بين انطلاق الصاروخ ووصوله إلي الهدف قصير‏,‏ قد لا يسمح باكتشافه واعتراضه وتدميره‏.‏
وقد فرض ذلك علي المخطط الإسرائيلي عددا من التحديات المدهشة كان أهمها حاجته إلي رادار علي درجة عالية من التقنية يستطيع في ظروف العمليات اكتشاف الصواريخ بأعدادها الكبيرة ومسارها المنخفض في ثوان معدودة حتي يمكن إطلاق الصواريخ الاعتراضية عليها‏.‏
وتمتلك إسرائيل قدرة تكنولوجية عالية في تطوير وإنتاج الرادارات الخاصة والحساسة‏,‏ وهي متفوقة جدا في هذا المجال علي المستوي العالمي‏,‏ وقد تسبب بيعها لأحد هذه الرادارات المحمولة جوا للصين في مشكلة مع الولايات المتحدة اضطرتها في النهاية إلي إلغاء صفقتها مع الصين‏.‏
والمهم في نظام القبعة الحديدية‏,‏ أنه لن يعترض كل الصواريخ المهاجمة التي من المحتمل أن تكون غزيرة العدد‏,‏ ولكن سيكون في مقدوره من لحظة اكتشاف الصاروخ وحساب مساره بسرعة فإذا وجده سوف يسقط في منطقة خالية من السكان أو غير حيوية كما حدث لعدد كبير من صواريخ حزب الله في حرب لبنان فسوف يتركه وشأنه حتي يوفر صواريخه الاعتراضية المكلفة لتدمير صاروخ آخر في طريقه إلي هدف حيوي مهم‏.‏
وبجانب نظام الرادار سيكون هناك صواريخ اعتراضية تنطلق في الوقت المناسب بسرعة تفوق سرعة الصاروخ المهاجم لمقابلته في منتصف الطريق وتدميره‏.‏ وخلافا لعملية اعتراض الطائرات التقليدية‏,‏ يطرح اعتراض الصواريخ تحديات هائلة‏,‏ أهمها بجانب عملية الاكتشاف المبكر للصاروخ المهاجم ضرورة الوصول إليه مباشرة وليس بالقرب منه حتي يمكن التأكد من تدميره برغم سرعته الكبيرة‏.‏
وفي الحقيقة‏,‏ هناك انقسام في إسرائيل حول زمن التطوير المتوقع لنظام القبعة الحديدية الذي قد يصل إلي ثلاث سنوات تقريبا‏..‏ وبسبب الرغبة في الحصول علي حل سريع للمشكلة‏,‏ توجه انتقادات كثيرة للحكومة بسبب أن إسرائيل كانت قد بدأت بالفعل تطوير نظام متطور بالتعاون مع الولايات المتحدة لاعتراض الصواريخ قصيرة المدي باستخدام أشعة الليزر عالي الطاقة‏.‏
وقد استغرق العمل في هذا المشروع مدة عشر سنوات‏,‏ وأجريت عليه‏47‏ تجربة ناجحة‏,‏ وأنفق عليه‏300‏ مليون دولار‏,‏ لكن تقرر في النهاية وقفه في‏2004‏ بسبب انسحاب الشريك الأمريكي‏,‏ وبسبب مشاكل أخري فنية وتمويلية‏.‏ وأهمية نظام الليزر أنه يستخدم شعاعا وليس صاروخا اعتراضيا لتدمير الصاروخ المهاجم‏.‏ وميزة الشعاع أنه ينطلق بسرعة الضوء‏,‏ وليس له وزن‏,‏ ولكنه يحمل طاقة عالية مركزة‏.‏
وفي مثل هذه الظروف‏,‏ من الممكن الاشتباك مع مئات الأهداف في زمن قصير للغاية‏,‏ كما نشاهد أحيانا في أفلام الخيال العلمي‏..‏ وهناك في إسرائيل من يقترح استئناف العمل في هذا المشروع وتطويره وتمويله من مصادر ذاتية‏.‏
ومن أجل أن تكمل إسرائيل الدرع تماما حول جسدها دون ثغرات‏,‏ تعمل حاليا في تطوير نظام ثالث للدفاع ضد الصواريخ أطلقت عليه اسم العصا السحرية‏,‏ ويغطي هذا النظام فجوة الدفاع الموجودة بين الصواريخ بعيدة المدي والمسئول عنها نظام الأرو‏,‏ وبين الصواريخ قصيرة المدي‏,‏ وسوف يتولاها في المستقبل نظام القبعة الحديدية‏.‏
ويركز نظام العصا السحرية علي تلك النوعية من الصواريخ التي يصل مداها إلي نحو‏200‏ كيلومتر‏,‏ مثل صاروخ زلزال الإيراني‏.‏ وبطبيعة الحال سوف يكون هناك قدر من التداخل بين الأنظمة الثلاثة‏,‏ كما كانت تتداخل ألواح الصلب فوق أجساد فرسان العصور الوسطي في أوروبا‏,‏ فتشعرهم بمزيد من الأمان والحماية‏,‏ لكنها كانت في فترات تاريخية معينة تثقل من حركتهم إذا واجهوا جحافل من أعداء يتحركون بخفة ومرونة ولا يهتمون كثيرا بقضية الدفاع والحياة والموت‏.‏
عن صحيفة الاهرام المصرية
17/11/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.