هذا ما يريده الكيان الصهيوني عبدالله السويجي على الرغم من أن منصب رئيس الكيان الصهيوني أقرب إلى أن يكون فخرياً، إلا أن شيمون بيريز ينشط في إجراء اتصالات مع القادة العرب والفلسطينيين، وربما يتفاوض معهم حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية والعلاقات العربية الصهيونية، وبهذا المشهد يكون الكيان الصهيوني قد واصل العملية التفاوضية التي بدأت منذ أكثر من اثني عشر عاماً من دون التوصل إلى حل نهائي، ودون الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في أن تكون له دولته المستقلة، ذات السيادة الكاملة والمطلقة على أراضيه، وبالتالي يواصل السياسيون الصهاينة ترجمة مبدأ التفاوض إلى الأبد من دون تحقيق إنجاز، ليكون مطلبهم الأول في ظل استراتيجية تقوم على اللعب بالوقت أكثر من الجدية للتوصل إلى اتفاق سلام، غير عابئين بمعاناة الشعب الفلسطيني، بل لماذا يعبأون بتلك المعاناة وهم صانعوها؟ إن ما يريده الكيان، كما تؤكده السياسات العملية، والتصريحات والمواقف لكل رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا على السلطة، هو كما يلي: 1 يريدون أن يوقعوا اتفاقيات سلام مع الدول العربية من المحيط إلى الخليج، وبناء علاقات كاملة تسمح بفتح سفارات ورفع الأعلام، وتحقيق التطبيع الكامل، الذي يقود إلى دخول وخروج الصهاينة من الدول العربية وإليها، وتوظيف أموالهم في المشاريع الاقتصادية، وربما في شراء العقارات وبناء المصانع، وربما في المشاركة الاجتماعية، عن طرق العمل والإقامة بوضوح تام، وممارسة طقوسهم الدينية والحياتية، وربما إصدار صحف ومجلات باللغة العبرية لجالياتهم التي يطمحون أن تنتشر في المجتمعات العربية. 2 يريدون أن يتحكموا بالمناهج التعليمية، بحيث يتم إلغاء أي جملة تشير إلى اليهود بوصف لا يعجبهم، وإلغاء مفهوم الجهاد ضد الصهيونية، وضد الأعداء الذين يغتصبون الأراضي العربية، ونشر مفاهيم التعايش والسلام والتلاقح الثقافي بين الثقافتين العربية والعبرية، إنهم يرسخون باختصار شطب أي إحساس بالعداء أو التذمر أو الاحتجاج على وجودهم بأي شكل كان أو أية طريقة كانت. 3 يريدون أن يتم التعامل معهم على أنهم دولة من نسيج المنطقة، يشاركون في رسم السياسات الإقليمية، والتخطيط للاقتصاد الإقليمي، بما يضمن مصالحهم وتوظيف رؤوس أموالهم وخبراتهم. 4 يريدون القضاء على كل التنظيمات الفلسطينية المسلحة، فهي تنظيمات تخريبية وإرهابية، مهما كانت معتدلة أو متسامحة، وبالتالي تدجين مفهوم الكفاح المسلح وتحويله إلى ذكرى. 5 يريدون القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. 6 يريدون أن يمنحوا الفلسطينيين حكماً ذاتياً إدارياً، ويتحكموا بالاقتصاد والسياسة ويراقبوا الحراك الاجتماعي والثقافي بحيث يمنعون أي تهديد يمكن أن يمس سيادتهم وسيطرتهم على الوضع العام، وبالتالي يريدون ألا تقوم دولة فلسطينية ذات سيادة في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. 7 يريدون أن تكون القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وأن يبنوا هيكلهم على أنقاض المسجد الأقصى، وأن يعطوا الفلسطينيين حق الصلاة يوم الجمعة في باحة المسجد، ووفق معاييرهم الأمنية. 8 يريدون من المملكة الأردينة المشاركة في إدارة الضفة الغربية، ومن مصر المشاركة في إدارة قطاع غزة. 9 يريدون السيطرة على المعابر والحدود، من خلال مشاركة قوات أمن أردنية أو مصرية. 10 يريدون مراقبة كل مغادر وداخل لأراضي الحكم الذاتي الفلسطيني. 11 يريدون شطب حق العودة، واعتبار اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات الضفة والقطاع قد نالوا حق العودة، ودمجهم بالمجتمع الفلسطيني وهدم المخيمات أو إعادة تأهيلها. 12 يريدون تعويض اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين بمبالغ يتم تقسيمها بين الدول التي استضافتهم وبين أجيال اللجوء المتلاحقة. 13 يريدون تفكيك المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا والأردن لأنها تشكل خطرا. 14 يريدون تبديل وثائق السفر الفلسطينية بجوازات سفر من أي نوع، فهذه ليست مشكلتهم. 15 يريدون القضاء على كل حركات المقاومة وعلى رأسها الحركات الإسلامية داخل فلسطين وخارجها. هذا ما يريده الكيان الصهيوني، فماذا يريد العرب؟ هل يريدون تنفيذ مبادرة قمة بيروت التي تطالب الصهاينة بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها الدولة العبرية في العام 1967؟ وهل يريدون أن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية الموعودة؟ وهل يريدون تنفيذ قرار مجلس الأمن القاضي بحق عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم؟ إن الرد الصهيوني واضح وصريح في هذا الشأن، لا عودة للاجئين، والقدس عاصمة الكيان الأبدية، والانسحاب إلى حدود عام 1967 يضر بأمن الكيان الصهيوني. فماذا سيفعل العرب بعد ذلك؟ هل لديهم خطة بديلة أو مبادرة بديلة؟ هل لديهم تنسيق مشترك لمواجهة الرفض الصهيوني المؤكد؟ ماذا يريد العرب بالتحديد؟ سؤال لن تكون الإجابة عنه: القبول بمبادرة قمة بيروت.. إن التشرذم العربي يساعد الكيان الصهيوني على التمسك بسياساته، والانقسام الفلسطيني يعين الكيان على الانتصار عليهم، تفاوضياً وعسكرياً، وعدم وجود رؤية واضحة واستراتيجية ثابتة سيبقي التفوق الصهيوني السياسي والعسكري إلى ما لا نهاية، فهل هذا ما يريده العرب؟ عن صحيفة الخليج الاماراتية 27/10/2008