إزالة طابق مخالف ببرج سكني في قلين بكفر الشيخ    10 جنيهات زيادة بأسعار الذهب في مصر مع ضعف الطلب المحلي    رئيسا وزراء مصر وبيلاروسيا يشهدان توقيع مُذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال الاستثمار    رئيس الوزراء: فرص واعدة للاستثمار بين مصر وبيلاروسيا    مفاجأة جديدة ل كورتوا مع ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    أستاذ جامعي: إصلاح التعليم يتطلب تخفيض أعداد المقبولين بكليات الآداب والحقوق والإعلام والتجارة    توريد 77283 طن قمح في كفر الشيخ    خلال زيارتها لمصر.. مايا مرسي تستقبل قرينة رئيس دولة البوسنة والهرسك    استشهاد «حسن».. سائح تركي يطعن جندي إسرائيلي في القدس (التفاصيل)    مقتل خمسة أشخاص وإصابة العديد الآخرين جراء الفيضانات بولاية «جامو وكشمير»    وزير التعليم ومحافظ القاهرة يفتتحان المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم    «بكاء ومشادة».. مفارقة مورينيو تهدد صلاح بالرحيل عن ليفربول    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة.. «سيدات الأهلي» يواجه سان دوني    مصرع شخص دهسه قطار الصعيد في أبوقرقاص بالمنيا    الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم وموعد ارتفاع درجات الحرارة    توقعات برج الثور في شهر مايو 2024: تحديات ومشكلات على كافة الأصعدة    إحالة حرامي الهواتف بالموسكي للمحاكمة    مدبولي: العلاقات الوثيقة بين مصر وبيلاروسيا تمتد في جميع المجالات    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    أسعار السمك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    فالفيردي: جاهز لمواجهة بايرن ميونيخ    القيعي: يجب تعديل نظام المسابقات.. وعبارة "مصلحة المنتخب" حق يراد به أمور أخرى    عضو إدارة الأهلي: دوري الأبطال ليس هدفنا الوحيد.. ونفقد الكثير من قوتنا بدون جمهورنا    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    بلينكن يتوجه للأردن لبحث سبل زيادة المساعدات إلى غزة    رئيس الوزراء الفلسطيني: لا دولة بدون قطاع غزة    تتزعمها سيدات.. مباحث الأموال العامة والجوازات تُسقط أخطر عصابات التزوير    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    طرح فيلم "أسود ملون" في السينمات السعودية .. الخميس المقبل    رئيس جامعة المنيا يفتتح معرض سوق الفن بكلية الفنون    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    كيف علقت "الصحة" على اعتراف "أسترازينيكا" بوجود أضرار مميتة للقاحها؟    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    "البيئة" تطلق المرحلة الثالثة من البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    ميدو يعلق على الجيل الجديد في كرة القدم    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    وزير الإسكان: نعمل على الاستثمار في العامل البشري والكوادر الشبابية    أقدس أيام السنة.. كيف تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بأسبوع آلام السيد المسيح؟    «الثقافة» تطلق النسخة السابعة من مسابقة «أنا المصري» للأغنية الوطنية    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرية لتعريب الادارة المغربية في عصر العولمة / محفوظ كيطوني
نشر في محيط يوم 29 - 10 - 2008


نظرية لتعريب الادارة المغربية في عصر العولمة


* محفوظ كيطوني

نظرية لتعريب الإدارة المغربية في عصر العولمة الأسس و الواقع يمثل موضوع تعريب الإدارة المغربية إحدى الهموم الرئيسية لأعظم المفكرين والباحثين و الجمعويين والسياسيين ( الشرفاء ) منذ فجر الاستقلال .وقد ثار هذا الموضوع بين الفينة والأخرى وفق المتغيرات السياسية والمستجدات العالمية .دون أن يحقق الهدف المنشود منه ،حتى أصبح اليوم أمر حتمي التفعيل في ضل عجلة العولمة التي دخلت علينا بدون استئذان ،والتي إما أن نكون حتى نحن لدينا القدرة في عضويتها والعمل على مسايرتها بما يخدم مصالحنا وهويتنا وإما ستدوسنا ونبقى ملتصقين بعجلتها أينما سارت سرنا معها وأينما وجهتنا توجهنا.توجه القطيع .

وفي خضم هذه الثورة العلمية العالمية ،وهذه السيطرة الفرانكفونية على الثقافة الوطنية ،وهذه الهوة بين الإدارة والمواطن المغربي ... أي لغة تحتاج إدارتنا المغربية لتحقيق أهدافها – من خلال الاستخدام السليم للموارد البشرية والمادية المتاحة – أخذ في الاعتبار البيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ،بالإضافة إلى الإيديولوجية السياسية التي توجه أنشطتها وعملياتها وتشكل الإطار العام لها ؟؟ وبعبارة أخرى أين نحن ( أفراد ،أسرة ، مؤسسات ، دولة ،حضارة ) من هذا الاستعمار اللغوي والفكري للإدارة والحياة المغربية ؟؟والهادف إلى تحطيم الهوية ( المغربية ،العربية ،الإسلامية )وجعلها لا شيء في معادلة العولمة ؟؟ وسنحاول بإذن الله طرح موضوعنا ،نظرية لتعريب الإدارة المغربية في عصر العولمة من خلال ثلاث محاور رئيسية : نرى أنها تعطي منطلق فكري تصاعدي في طرح القضية التي لم تعد فقط نزعة ثقافية وأدبية بل هي مسألة سياسية وإستراتيجية بامتياز .

أولا : الأسس : وتعتبر هذه الأسس هي الثوابت والمرجعية التي تبنى عليها نظريتنا والداعية إلى ضرورة وحتمية تعريب الإدارة المغربية ،وتتمثل في :

1- الأساس العقائدي : بداية ..لابد أن يكون لدينا الاعتقاد التام بأن أي عمل ضد ما شرعه الله فهو حرام .ونعلم أن الدين الإسلامي دين ودنيا ،وبالتالي فان النظام الإسلامي هو نظام متكامل سياسيا وإداريا واقتصاديا واجتماعيا ،بالإضافة إلى كون الإسلام جاء للعالم كله ويتجه بمضمونه وقوانينه لإرساء منهج متكامل لصالح البشرية جمعاء عبر الزمان والمكان ،فلا يتقيد بطبقة ولا جماعة ولا جنس ولا يرتبط بعصر دون عصر ،وذلك بسبب طبيعته كرسالة خاتمة تتم ما سبقها من حلقات رسالات السماء وتحمل دين الله ،الذي يهدي الناس كل ألناس والكتاب الذي نزلت به الرسالة هو كتاب عربي لكل الناس . ولهذا فان العقيدة الإسلامية لابد أن تكون أقوى من أي موجات للتغريب والعولمة ،لكونها هي العولمة الحقة.

2 - الأساس اللغوي : انطلاقا من كون اللغة العربية لغة القرآن فهي بذلك هي مفتاح ديننا ووعاء تراثنا ،وهي ضامن هويتنا واستقلاليتنا وهي وسيلة وحدتنا ونهضتنا.فهي لغة الخلق و القران والبعث. فلو علم الله أن لغة من لغات البشر تستوعب كل الحكم والدقائق والأسرار التي احتواها كتابه المعجز ((القران الكريم ))لاختارها لسانا فصيحا لهذا الكتاب العظيم ،واختياره سبحانه اللغة العربية وعاء لكتابه دليل على أنها أصلح لغات البشر في الإبانة والإفصاح ودقة التصوير في مفرداتها وجملها وفقراتها،وهذا ما أكده ويؤكده خبراء الأساليب و علماء اللغة ونقذ الكلام قديما وحديثا.

3 - الأساس القانوني : وهو ما أكده ويؤكده دائما وأبدا الدستور المغربي المراجع بموجب استفتاء 13 شتنبر 1996،فقد جاء في تصدير الدستور أن " المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة لغتها الرسمية هي اللغة العربية وهي جزء من المغرب الكبير .

فنحن نعلم أن هذه الأسس جد كافية لذوي العقول الواعية والفكر الحر والخلق الحسن لحتمية تعريب الإدارة المغربية والحياة العامة ،ولكن سنزيد لنؤكد لكل فكر متشتت وكل نفس طفيلية من المعارضين والساعيين إلى تحطيم الهوية المغربية و الهادفة إلى اجتثاث حضارة .. أن الواقع يفرض تعريب الإدارة ،طبعا الواقع المغربي وليس واقع دولة أخرى ربما الحامل لجنسيتها أو مقر سكناه أو الداعمة له أو ..؟؟

ثانيا : الواقع : وهذا الواقع الذي نعيشه نحن هو نتيجة ما تأصل لدينا منذ عهود الاستعمار الذي دأب على إضعاف كيان الأمة العربية الإسلامية ،ومنه ما ترتب على العوائق والاختلالات السياسية للدولة ومنه ما هو مستورد بامتياز ،وفي جميع الأحوال فقد أصبح هذا الواقع يدعوا بمرارة وحسرة وبطرق غير مباشرة إلى ضرورة تعريب الإدارة المغربية ،مادامت هذه الأخيرة تمثل الكيان والهوية والتقدم .. وكما نقول دائما :لا توجد دولة ضعيفة ودولة قوية بقدر ما توجد إدارة ضعيفة وإدارة قوية ،فقوة الدولة رهينة بقوة إدارتها.

وأهم ما يطبع واقعنا - الذي يساعدنا في نظريتنا – الفقر والجهل من جهة ،و فرانكفونية الإدارة واختلالها من جهة ثانية ،وفوضوية بعض أمازيغ من جهة ثالثة . 1 – الفقر والجهل : يساهم الأول بمفهومه الطبيعي في تدني مستوى المعيشة نتيجة للعوز المادي الذي هو أساس منظومة الحياة ،فأكثر من ثلثي الساكنة المغربية تعيش تحت عتبة الفقر ،أي أقل من 15 درهم في اليوم.

أما المعضلة الثانية فتتمثل في الجهل ،وهو الغالب ،ويعني تدني مستوى التعليم والثقافة معا،فنسبة 42.7? من المغاربة تعاني الأمية ( 60?على المستوى القروي ). فالدولة الغنية قوية الإدارة تضع في أولى اهتماماتها النهوض بالتعليم والثقافة وترصد لها ميزانيات ضخمة للارتقاء بمستوى الخدمات التعليمية –فنرى الدول المتقدمة والواعية كاليابان على سبيل المثال كانت قد حددت لها سنة 2000م لمحو أمية الكمبيوتر،ولغتها الإدارية هي اللغة الرسمية للبلاد- فما بلنا نحن الذي مازلنا نغط في أحضان أمية الكتابة والقراءة? .

فكيف نجابه طوفان المعلوماتية التي تحتاج إلى قدرات ومهارات عالية للتعامل مع الأجهزة الذكية بهذا العدد الهائل من الأميين والجهلة ؟؟وأي إدارة ستأطرهم وترشدهم وتوجههم ولغتها هي غير لغتهم ؟؟.

2 – فرانكفونية الإدارة واختلالها : لقد أصبح من الحقائق المسلم بها وجود معامل ارتباط قوي بين تطور الإدارة وبين مستوى التقدم الذي يحققه بلد ما ، والإدارة المغربية أخفقت إخفاقا مهولا وعلى كل المستويات ،وأهم أسباب هذا الإخفاق هو عدم تبنيها عمليا وتنفيذيا للغة العربية اللغة الرسمية للبلاد يا حسرة !

فهي تعتمد على 90? من الوثائق في إدارتها العمومية باللغة العربية،بالإضافة إلى الاختلالات المتراكمة( أنظر مقالنا : اختلال الإدارة عائق أمام المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ). وهذه الاختلالات يمكن أن نشير إلى أهمها باختصار : * قصور الإدارة عن تكييف البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية لتحقيق التنمية المنشودة والتقدم و تحقيق الرخاء .

* تنامي ديكتاتورية البيروقراطية وأمراضها وانتشار الفساد الإداري بشكل واسع أكثر من السنوات القليلة الماضية : ضعف أجهزة الرقابة،وضعف حقيقي للرأي العام ممثلا أساسا بالسلطة الرابعة( الصحافة ) والسلطة الخامسة ( المجتمع المدني ).أدى تحول البيروقراطية العامة إلى مركز قوة حقيقي في المجتمع واكتسابها لحصانة ومناعة ضد المساءلة والحساب، رغم وجود وتعدد الأجهزة الرقابية الإدارية .

* غياب مقاييس موضوعية لكفاءة الإدارة والاعتماد على الولاء أو صلات الرحم في اختيار القيادات الإدارية العليا والأخطر من ذلك أنها أصبحت المناصب الإدارية تباع وتشترى بالمال،إذ تعمل أغلب المؤسسات الإدارية في ظروف تحميها من أي منافسة حقيقية ،وتمنع وجود أي ضغوط فعالة تمكن من فرز القيادات الإدارية على أساس من الكفاءة والفعالية .

* غياب أي إبداع جدي وهادف وفكر اجتهادي بناء وإصلاحي مثمر ..والنظر إلى الإدارة باعتبارها عملية علمية بحتة لها قواعدها العملية وأسسها الموحدة بغض النظر عن الزمان والمكان ونوع المجتمع والثقافة والقيم السائدة فيه ،وتبرز جليا هذه النظرة في مجال التعليم والإدارة والثقافة والمؤسسات الاجتماعية ..،وحتى خلال محاولات الإصلاح والتطوير الإداري المختلفة التي تتم .

وان مؤسساتنا سواء التي تقوم بتدريس علوم الإدارة أو الوزارات الساعية إلى إحداث برامج أو مشاريع أو تطوير في خدماتها ..فإنها تعتمد بنسبة 95 ? على نقل عن أدبيات الإدارة والوزارات الغربية ،دون أي محاولات جادة للتأصيل أو التطوير ،أو خلق فكر إداري إبداعي مغربي مستقل يحترم مرجعية المملكة الشريفة الدينية والتاريخية والوطنية ويسعى إلى تشييد مغرب الديمقراطية والتقدم ،مغرب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،مغرب الحكامة الجيدة .- أنظر مقالنا : اختلال الإدارة عائق أمام المبادرة الوطنية للتنمية البشرية -.

* غياب الشفافية الإدارية :وهي العلانية والتصريح الواضح للبيانات والآليات والواردات والصادرات والصرفيات الحكومية والإدارية من خلال وسائل الإعلام والوسائل الرقابة الأخرى.

3 – المسألة الامازيغية : في الخمسينيات كتب عبد الكريم غلاب في مجلة (( العالم العربي )) بالقاهرة للمرحوم أسعد حسني ،مقالا بعنوان (( المنابع الرئيسية للثقافة المغربية ))جاء فيه : نحن عرب وبربر من الجنس السامي الذي انتقل إلى هذه البلاد مهاجرا من الجزيرة العربية وأطرافها..واحتفظنا بالطابع الذي طبعنا به الإسلام والعربية كدين ولغة وحضارة ..ونحن أيضا على طرف بارز من القارة الإفريقية ،في الأبيض المتوسط وأوربا)).

خلف هذا الكلام رغبة في تدقيق أمور هي دائما بديهية بالنسبة للمغاربة ،ولكن يغيب عن البعض أن عروبة المغرب اختيار وراءه إرادة . لذا لا يكتشف شيئا جديدا من يقول بالبعد الامازيغي في الشخصية المغربية ،الجديد حقا هو الأولوية التي أصبحت للمسألة اليوم ،حيث أقدمت الدولة على تأهيل المجال الثقافي ،حتى يعكس التعددية الثقافية والعرقية للمغرب .

إلا أنه بحكم أن المسائل المرتبطة بالهوية هي بطبيعتها تفرز نزاعات غير عقلانية ،ولنستحضر كلام ابن خلدون عن العصبية ،فانه لا مفر من أن تطفو على السطح مقولات تتسم بالمبالغة وأن تنزلق النقاشات ،بل والمجادلات،إلى بعض المزايدات وشيء من النزق.(الخفة في كل أمر، أو العجلة في جهل وحماقة).وهناك في البيئة السياسية المغربية الحالية ما يتيح ذلك .

أولا بسبب الانفتاح الإعلامي الذي جعل ذي قول لا يجد ضيرا في إبداء قوله،مهما كان شاذا،أو غير مبني على منطق سليم والثاني هو أنه حينما يعوز المنطق ،تبرز مقولات ومواقف يكون الاستفزاز المصاحب لها مقصودا لذاته،لأنه الوسيلة السهلة لاحتلال مكان في شاشة الأغبياء. وأغبى شيء حصل ويحصل الآن هو التماطل على اللغة العربية والتجرد من كل شيء عربي والمطالبة بسحب أي مشروع يتعلق بتعريب الإدارة والحياة العامة وقد وصلت درجة الجرأة في الخبث إلى المطالبة بالحكم الذاتي ،من عند شرذمة – ربما إن بحثنا سنجد أنها لا تمت بأي صلة للامازيغ الأحرار و الثقات و الشرفاء ،والمعتزين بإسلامهم ووطنيتهم ومجدهم.. .

وفي الوقت الحالي هناك حملة على مقترح قانون يروج في البرلمان المغربي ،يرمي إلى الاقتصار على استعمال اللغة الرسمية وحدها في مخاطبة الإدارة والجمهور ،بدلا من استعمال الفرنسية .وهذا أمر لا علاقة له باضطهاد الامازيغية،وتدعو الكنفدرالية الأمازيغية إلى سحب هذا المقترح قانون . إن التهويل يكثر حينما تنقص الحجج،والصراخ يعلوا حينما ينقص المنطق .

ولا ينتظر أن يكون للتصعيد الحالي مردود لأن الصيغة التي ضبطت حياتنا الوطنية طيلة قرون لا بد أن تصمد في النهاية .والعقلانية التي سادت حياتنا غالبا هي التي ستبز الشعارات السطحية ..ويمكن القول أن النهوض بالامازيغية هو مطلب للأمة وليس لفئة . سيتبع مع ذكر المراجع .
** باحث في الإدارة المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.