الديني والسياسي في الأزمة الشيعية السُنّية! رجا طلب لقد ظهر التشاحن الطائفي بين السنة والشيعة على السطح بصورة بارزة بعد اشهر فقط من سقوط النظام العراقي عام 2003، ورغم محاولات اطراف عديدة منع مثل هذا الفرز الا ان هذا الاشتباك الطائفي في المنطقة ازدادت وتيرته بسبب عدد من العوامل كان من ابرزها الانتخابات العراقية عام 2005 واستحواذ الائتلاف الشيعي الموحد على السلطة في العراق بعد حكم تاريخي طويل للعراق الحديث من قبل السنة. وبسبب تزايد اعمال القتل الارهابية لتنظيم القاعدة والرد عليها من قبل جيش المهدي داخل احياء بغداد في منطقة الكرخ والبدء بحملة تطهير فيها، واغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، ووقوع حرب تموز عام 2006 بين اسرائيل وحزب الله وتفاعلاتها السياسية في لبنان، ورغم اعتقاد جهات عدة ان هذه المواجهة الطائفية وأجواءها دخلت مراحلها النهائية في طريقها نحو الفتور بعد الاستقرار النسبي في الموضوع الامني داخل العراق وبعد انجاز اتفاق الدوحة بين الاطراف اللبنانية وبدء حوار المصالحة الوطنية، الا ان المؤشرات العملية اخذت تتجه نحو العكس، فخلال اقل من اسبوع وقع حادثان لهما دلالتهما في هذا الشأن. الاول كانت تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي المعروف باعتداله الديني والسياسي، وهي التصريحات التي انتقدت الدور الإيراني في دعم حركة ''التشييع'' في الوطن العربي وتحديدا في البلدان السنية منه، واشارت الى الربط بين الديني والسياسي في هذا الامر حيث اتهم القرضاوي ايران بوقوفها وراء مخطط سياسي يوظف الدين لخدمة السياسة الثاني الحرب غير المسبوقة بين المواقع الالكترونية السنية والشيعية المؤيدة لمواقف ايران سواء داخل العراق ولبنان او داخل ايران نفسها، حيث كان موقع العربية الإخباري الضحية الابرز من قبل المحسوبين على الطرف الآخر وكأنه موقع محسوب على الاسلام السياسي السني مثل مواقع الشيخ العودة او ابن باز او عايض القرني الذين تعرضت للاعتداءات الطائفية في تلك الحرب الإلكترونية. لقد اظهرت هذه الحرب التى وصلت الى هذا المدى في تشخيص الخصوم والادوات حجم الحساسية السياسية بين الطائفتين، كما كشفت مدى الصراع السياسي الذي يختمر في ثنايا العلاقة بين المذهبين بسبب الدور الايراني المتنامي في المنطقة بعد سنوات طويلة من الركود والهدوء امتدت من نهاية الحرب العراقية الايرانية عام 1988 الى عام 2003 نهاية حكم نظام صدام حسين في العراق. ورغم هذه الحساسية الواضحة الا انه يخطئ من يعتقد ان الازمة في العلاقة بين الطرفين هي ازمة دينية او لها اية اسباب دينية، فهي ازمة سياسية بامتياز، وهناك العديد من الادلة على ذلك، ومنها الحرب العراقية ؟ الايرانية التي كان من المفترض ان تكون العنوان الابرز لهذا الشحن الطائفي، فرغم ان الخميني كان قد اعلن نفسه وليا للفقيه وكفر نظام صدام حسين وقتذاك ودعا الى اسقاطه عبر شعار ديني ؟ سياسي ان الطريق الى القدس يمر عبر بغداد الا ان الشيعة من العراقيين لم يهبوا لتنفيذ دعوى الخميني، بل على العكس فقد كان الشيعة من ابناء العراق هم الوقود الحقيقي في مواجهة ايران حيث تشير التقديرات الى ان اكثر من سبعين في المائة من قتلي تلك الحرب وجرحاها وأسراها هم من الشيعة، كما ان ايران التي عاد رئيسها احمدي نجاد واعلن بعد ايام من نجاحه في الانتخابات الرئاسية إيمانه بنظرية تصدير الثورة، تدعم حركتي حماس والجهاد وهما حركتان سنيتان، وما يؤكد ان ايران دولة تحركها المصالح التي تغلفها احيانا بغلاف ديني واحيانا بغلاف سياسي واحيانا بالاثنين معا نجد انها في الوقت الذي تقدم نفسها على انها الداعمة الاساسية لما يسمى بالجهاد في فلسطين، تقف مكتوفة الايدى تجاه جهاد المسلمين في الشيشان خوفا على مصالحها مع روسيا، كما قامت بدعم ارمينيا المسيحية ضد جمهورية اذربيجان المسلمة والشيعية، وتتحالف مع دولة يقودها شيوعيون مثل كوبا وفنزويلا رغم موقف الديني الحدي من الدول ''الملحدة والكافرة'' وهذه الامثلة وغيرها تؤكد ان الدور الإيراني الجديد والمتنامي هو دور يغلف السياسية بالدين والعكس صحيح وحسب الحالة والمصلحة العليا للدولة الايرانية، كما انه وعلى الصعيد الديني المحض نجد في العراق رجال دين لهم حوزاتهم الدينية يعارضون التبعية الدينية والسياسية لايران. ... كل ما سبق يؤكد ان الحساسية الحالية بين المذهبين السني والشيعي سببها التوظيف السياسي للدين وبخاصة من قبل ايران، وهو توظيف هدفه اولا واخيرا الوصول الى المصالح السياسية والاقتصادية للدولة وهي حقيقة لم تعد سرا كما لم تعد بالنسبة للقادة الايرانيين تهمة يتحرجون منها او يخجلون من تلقيها. عن صحيفة الرأي الاردنية 13/10/2008