رئيس قبرص ردا على تحذيرات نصر الله: نيقوسيا ليست متورطة في حروب    بعد قرار فيفا بإيقاف القيد| مودرن فيوتشر يتفاوض مع مروان صحراوي لحل الأزمة    موعد مباراة صربيا وسلوفينيا في أمم أوروبا يورو 2024 والقنوات الناقلة    ننشر صورة عروس المنيا التى توفت بفستان زفافها    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بكفر الشيخ    بعنوان «قلبي يحبك يا دنيا».. إلهام شاهين تُعلن عن فيلم جديد مع ليلي علوي وهالة صدقي    استطلاع رأي: 15% من الإسرائيليين يفكرون بمغادرة إسرائيل    «زي النهارده».. اليوم العالمي للاجئين 20 يونيو 2001    ارتفاع سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن الخميس 20 يونيو 2024    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم الخميس 20 يونيو 2024    يورو 2024، ترتيب المجموعة الأولى بعد ختام الجولة الثانية    خاص.. موقف الزمالك من خوض مباراة الأهلي بالدوري    اتحاد الكرة يتحدى الزمالك| الغندور والبنا يديران مباراتي اليوم    عالم السكين والساطور| الأنواع الحديدية لتسهيل السلخ وسرعة تقطيع اللحوم    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 20 - 6 -2024    تشييع جنازة أم وبناتها الثلاثة بعد مصرعهن في حادث انقلاب ملاكي بترعة بالشرقية    كندا تصنف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    تامر حسني يشعل حفله بكفر الشيخ رابع أيام عيد الأضحى (صور)    وزير الرياضة ينعي مشجع نادي الزمالك    هآرتس: قيادات أمنية وعسكرية انتقدوا في اجتماعات مغلقة مطلب إسقاط حكم حماس وتدمير قدراتها    أرقام قياسية من توقيع نوير وشاكيري ضمن أبرز لقطات سادس أيام يورو 2024    معظم الحجاج المتوفين خلال موسم حج هذا العام من المخالفين    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 20 يونيو 2024 في البنوك    تفاصيل جريمة قتل اب لأبنته فى المنيا    تفاصيل انتشال جثة غريق بسبب الهروب من الحرارة بالمنيا    مصادر: معظم الحجاج المتوفين من غير النظاميين ولم يحصلوا على تراخيص    المركزي الكندي يدرس الانتظار حتى يوليو لخفض معدل الفائدة    هجوم سيبراني على شركة سي دي كي جلوبال مزود البرمجيات لتجار السيارات في أنحاء أمريكا    الخارجية الروسية تنفى وجود اتصالات منتظمة حول قمة السلام    الحلم الأوروبي يهدد الصفقة.. يلا كورة يكشف موقف الأهلي من ضم بلعيد في الصيف    وفاة الناقد الأدبي محمود عبدالوهاب    فرقة أعز الناس.. سارة جمال تغني "ألف ليلة وليلة" في "معكم منى الشاذلي"    إقامة نهائى كأس الجزائر بين المولودية وشباب بلوزداد فى عيد الاستقلال    ضبط مسجل خطر بحوزته 2 كيلو «حشيش» و200 جرام «شابو» في الأقصر    ارتفاع رصيد الذهب فى الاحتياطى الأجنبى لمصر إلى 456 مليار جنيه    توني كروس بعد التأهل: من النادر أن نفوز بأول مباراتين في بطولة كبرى    حظك اليوم| برج الجدي الخميس 20 يونيو.. «ثق بقدراتك»    حظك اليوم| برج الدلو 20 يونيو.. « الابتكار يزدهر بالأصالة»    هيئة الداوء تحذر من 4 أدوية وتأمر بسحبها من الأسواق لعدم مطابقتها للمواصفات (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية: تلقينا 1500 شكوى واستفسار منذ مطلع الأسبوع الجاري    مشروبات صحية يجب تناولها عقب لحوم العيد (فيديو)    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    إحالة مديرى مستشفى "ساقلتة" و"أخميم" للتحقيق لتغيبهما عن العمل فى العيد    بخطوات سهلة.. طريقة عمل كفتة داود باشا    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    إجازات شهر يوليو 2024.. تصل إلى 11 يومًا    النائب العام يلتقي نظيره الصيني على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف أجهض الربيع العربي طموح إيران في الشرق الأوسط
نشر في بص وطل يوم 04 - 01 - 2012


كتب: رضوان السيد
كانت الرؤية الاستراتيجية للدولة الدينية الإيرانية التي أنشأها الإمام الخميني في انقلابه عام 1979 تركّز على اعتبار إيران ممثلة الإسلام في أرض المعمورة كلها، وأن تكون الرمز الملهم للإسلام السياسي المنتصر، الذي بلغ مداه ووصل لسُدة الحكم.
حيث لم يكن الخميني يهدف من التجييش والحشد والتعبئة الدينية في كل أنحاء العالم سوى الحصول على التأييد المطلوب لهذه الدولة الدينية الجديدة ضد الحرب الشرسة التي تعرضت لها من الغرب بشكل أخصّ، ولمساعدتها في تلك المرحلة الحرجة التي يمر بها أي مذهب شيعي عندما ينتقل من مرحلة التُقية (أي الدعوة للمذهب الشيعي سراً وليس علناً) إلى الإعلان الرسمي والصريح لهذه الدولة الجديدة التي يقطرها الإسلام الشيعي ويتبعها في كل شيء.
ولكن الأمور اختلفت بشكل جذري عقب تولي الإمام خامنئي ولاية الفقيه، والذي كان متأثراً هو وكل رجاله بأفكار الأستاذ سيد قطب الستينية، فإذا كان الإمام الخميني يعتبر إيران ممثلة الإسلام في كل المعمورة، بصرف النظر عن الاختلافات المذهبية، إلا أن الإمام خامنئي كان فكره مغايرا بعض الشيء، حيث كان يهتم بالتأصيل الحزبي والمذهبي، أي التركيز على استغلال قوة الدولة الإيرانية الثورية الجديدة في نصرة كافة الأقليات الشيعية التي يعتبرونها مدحورة في الدول الإسلامية الأخرى، وهذا هو ما يطلقون عليه "الكتلة الصلبة" في العالم الإسلامي، وبناء على ما سبق فقد ساعدوا في إنشاء تنظيمات شيعية في هذه الدول مثل حزب الله في لبنان وغيرها في إيران وباكستان والعراق وسوريا، وهي كلها تنظيمات تحمل نفس الفكر الثوري الإيراني.
وعلى الرغم من أن مذهب الشيعة الإثناعشرية تقوم فكرته الأساسية على تركيز كل المقومات والجهود والأموال في دولة واحدة هي دولة التمهيد أو الدولة التي ستمهّد لظهور الإمام المهدي المنتظر، إلا أن الإمام خامنئي تخلى عن هذا التفكير التاريخي للمذهب، واستنفر كل جهود الدولة ومواردها وموارد المذهب في نشر نفوذ المؤسسة الشيعية في كل أنحاء العالم، وبالأخص في الشرق الأوسط، وفي سبيل ذلك بدأت إيران في تكوين تنظيمات تدين بالشيعية والولاء للمرشد الأعلى، رغم كونها تقع في نطاق دول أخرى.
السياسة نفسها استمرت بعد حرب العراق عامي 1990 - 1991 ولكن بصورة مختلفة، حيث دخلت -أي إيران- في صراع مع الولايات المتحدة على تقسيم الشرق الأوسط وإعادة رسم خارطته بالصورة التي ترتأي لها، وفي سبيل ذلك لم تكتفِ فقط بالتواصل مع الأقليات الشيعية في البلدان العربية، بل لم تمانع أيضاً من التواصل مع الجماعات الإسلامية السنية المعارضة لأنظمة هذه البلدان مثل جماعة الإخوان المسلمين وحماس وغيرهما من الجماعات التي تسعى لتطبيق نظام إسلامي من خلال الآليات السياسية الانتقالية، وساعدت بعض هذه الأنظمة بالفعل على الوصول للحكم، كما حدث مع حماس في فلسطين، وحزب الله في لبنان، وحزب الدعوة في العراق.
ولكن الأمور اتخذت منحى آخر في مطلع القرن الحادي والعشرين بعد هجمات سبتمبر عندما بدأت الولايات المتحدة تضرب في كل الجبهات في أفغانستان والعراق، وتضغط على سوريا؛ بحجة مكافحة الإرهاب أو "إخضاع الأنظمة العاصية"، هنا رأت إيران أنه يجب أن تستنفر خلاياها النائمة داخل هذه الدول حتى يكونوا شركاء في التقسيمة الجديدة التي تطرحها الولايات المتحدة، فظهرت على الساحة بصورة جلية، ولكن بشكل عنيف ومسلح؛ بسبب طبيعة هذه التنظيمات الثائرة والمتأثرة في ذلك باستلهام أفكار الثورة الإيرانية.
وهنا بدأت الأمور تنفجر بين الشيعة والسنة، وأصبحت كل الدول العربية والإسلامية التي تحمل أقليات شيعية في حالة نزاع وتنافر وتناحر، ففي البحرين والسعودية واليمن وأفغانستان والعراق كانت تلك التفجيرات الدموية التي تمارس من قبل الأقليات الشيعية ضد الأغلبية السنة بحجة نصرتها ضد القهر الذي تتعرض له في هذه الدول على مدار التاريخ، وبالتالي فهذا السلوك العدائي من قبل الجماعات الشيعية أيقظ في قلوب الأغلبية السنية الحساسيات الدينية بين الطرفين، وظهر على السطح من جديد التوجس من التشيّع، خاصة أن بعض المنظمات الشيعية في العراق كانت تعمل مع القوات الأمريكية لإجهاض المقاومة السنية.
وبالتالي ترسخ اعتقاد عام بين الأغلبية السنية في مختلف البلدان العربية والإسلامية في الشرق الأوسط أنهم يتعرضون لهجمة إيرانية أمريكية، حيث تهدف الولايات المتحدة إلى استنزاف خيراتها، بينما تريد إيران نشر التشيع ونصرة الأقلية التابعة لها في هذه البلدان والوصول بها إلى سدة الحكم؛ كي تصبح المتحدث الرسمي باسم المسلمين في الشرق الأوسط، وبالتالي تتفاوض على قضاياهم وتساوم بها الولايات المتحدة.
ولكن الربيع العربي قد أتى برياح لا تشتهيها السفن الإيرانية، حيث إن الشعوب العربية التي خرجت إلى الشوارع هي أغلبية سنية لن تقبل بأي حال من الأحوال ذلك التدخل الشيعي في شئونها كما كان يحدث في وقت سابق بفضل حكومات لا تمثلها، فهو يرفض الطائفية بصفة عامة تماما كما يرفض حكوماته المستبدة التي ثار عليها في وقت سابق، ولا يقبل التدخل في شأنه على الإطلاق فكيف يكون الحال لو كان هذا التدخل إيرانياً.
وبهذا تكون إيران قد خرجت من اللعبة ومن الوعي العربي العام دون عنف أو دماء، وباتت فرصها في الوصول للحكم ضعيفة بعض الشيء، ولكن يبقى -رغم كل ما سلف- رغبتها في الخصوصية والتميز ونشر التشيّع، وكلها أمور ستظل قائمة لن يوقفها سوى مبادرات عاقلة وكبيرة من الطرفين على المستوى العربي والإيراني.

نشر في صحيفة الشرق الأوسط (بتصرّف)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.