لا حل إلا بالوفاق ممدوح طه حتى الرابع والعشرين من نوفمبر المقبل، تستمر المهلة الدستورية لاختيار رئيس لبنانى جديد خلفا للرئيس «إيميل لحود» في ظل مداخلات دولية واهتمام عربي احتمالات متباينة، وأجواء لبنانية ساخنة من حملات المزايدة ومحاولات التصعيد بين الموالاة والمعارضة، وتوقعات مختلطة بين التفاؤل والتشاؤم بشأن إمكانية الخروج من الأزمة، حيث تبدو الأزمة الرئاسية الحالية هي الأصعب مما سبقها في الأزمة الحكومية حول صيغة تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل شهور.
ومن المقرر أن تعقد بعد المشاورات جلسة برلمانية ثانية لمجلس النواب اللبناني بعد طول غياب بدعوة من الرئيس نبيه بري لبحث الترشيحات الرسمية لمرشحي الرئاسة من الجانبين وأبرزهم من الموالاة النائب بطرس حرب والنائب نسيب لحود والنائب الجنرال ميشيل عون رئيس التيار الوطني الحر المتفاهم مع حزب الله اللبناني مع احتمال تقدم آخرين للترشيح في ظل عجز الموالاة والمعارضة عن تأمين النسبة الدستورية اللازمة لانتخاب رئيس للجمهورية.
وبالتوازي، وفى غياب دور عربي مماثل، شهدت العاصمة اللبنانية بيروت لقاءات ومشاورات يجريها وفد «الترويكا الأوروبية» لوزراء الخارجية الفرنسية والإيطالية والإسبانية مع الرئاسات البرلمانية والحكومية ومع أقطاب الكتل السياسية أعضاء الحوار الوطني السابق والذين حضروا لقاء «سان كلو» في باريس للتمهيد لاستئناف هذا الحوار إلا أن لم يعقد وفشلت المحاولة الفرنسية في ظل تمسك الطرفين الرئيسيين في البرلمان بمواقفهما وفى ظل الانحياز الفرنسي لأحد طرفي الأزمة.
وكنا نتمنى أن يكون الساعون بين الأطراف «ترويكا عربية» مصرية سعودية سورية تفعيلا للمبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية، إلا أن عمرو موسى الذي تحرك من «القاهرة» باتجاه «الرياض»و«دمشق» حيث تكمن مفاتيح الحل العربية، تكاملا مع تحركات باتجاه مفاتيح الحل الإقليمية والدولية لم ينجح أيضا لعوائق لبنانية نتيجة لغياب التوافقات السعودية السورية والمصرية، وحضور التدخلات الأميركية والفرنسية!
ولأن لبنان واقف بين الزوايا الأربع اللبنانية والعربية والإقليمية والغربية، حيث تتصادم في ساحته الرياح الغربية مع العربية، والغربية مع الغربية، والعربية مع العربية، والأميركية الإسرائيلية مع السورية الإيرانية فإن المشكلة تبدو تعقيداتها بين أربعة خيوط وحلولها لابد أن تتعامل مع هذه الخيوط الأربعة، وعلى من يريد حل العقدة اللبنانية المتشابكة أن يعرف أولا بأي خيط يبدأ وفى أي طريق يسير.
فمن ينقذ لبنان؟ من العدوانية الإسرائيلية، ومن الخلافات العربية، ومن التجاذبات الإقليمية، ومن المشاريع الدولية؟.. وقبل ذلك كله من الحالة اللبنانية ذاتها وعلى الأخص حالة التبعية لعدد من رموز الطبقة السياسية؟
..وهل يمكن خروج لبنان من المأزق الراهن بالاغتراب عن شقيقه العربي والاقتراب من صديقه الغربي؟. وإذا بدا ذلك الخروج من خرائط الجغرافيا، والهروب من روابط التاريخ أمرا مستحيلا .. فما هو الحل؟
المرئي لغالبية المراقبين أنه لا حلول ممكنة للأزمة اللبنانية يمكن أن تأتى من خارج دائرة الوفاق الوطني اللبناني أولا ووفقا لمبادرة الرئيس بري بوفاق جامع على برنامج سياسي للرئاسة الأولى تمهد الطريق للتوافق حول اسم الرئيس بعد التنازل عن مطلب حكومة الوحدة الوطنية، وإن كان الصحيح هو ما يراه الرئيس بشار الأسد من أنه «لا يهم الاسم فكل الأسماء تتساوى إذا حدث وفاق وطني على أي واحد منها»، الأهم هو الوفاق كطريق لحل كل الأزمات.
ولا حلول ممكنة إلا بعيدا عن التبعية أو الارتهان لعواصم أو سفارات أجنبية لم يعد خافيا على أحد مدى تدخلها السافر في الساحة اللبنانية ومدى سعيها الخبيث للفتنة اللبنانية والسورية والفلسطينية وبصورة علنية، والهدف هو استمرار الأزمات بغير حل ليحدث بعدها الانزلاق إلى المجهول أو طوفان الفوضى المدمرة المطلوبة تحت اسم جديد هو «الفوضى المعمرة» ليتناسب مع مشروع «الشرق الأوسط الكبير». عن صحيفة البيان الاماراتية 23/10/2007