مراسل «القاهرة الإخبارية» من البحيرة يرصد عملية مراقبة لجان الانتخابات البرلمانية    رئيس حزب المؤتمر يتابع أداء غرفة العمليات ميدانيًا لدعم مرشحي الحزب    مدبولي: الشراكة الاستثمارية المصرية - القطرية توفر أكثر من 250 ألف فرصة عمل    الفريق البرهان: مليشيا الدعم السريع يرتكب جرائم حرب في مدينة الفاشر    زيدان يعلن اقتراب عودته للتدريب.. والأنظار تتجه نحو قيادة فرنسا بعد ديشامب    الزمالك يشكو زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر في السوبر    شبورة كثيفة وسقوط أمطار.. الأرصاد تحذر من حالة طقس الأربعاء    عاجل- مدبولي يحذر من التصرفات الفردية السلبية داخل المتحف المصري الكبير ويشيد بالإقبال الكبير    لحاملي بطاقات الصحافة.. المهرجان يتيح الحجز الإلكتروني المبكر لتذاكر عروض القاهرة السينمائي    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    إقبال متزايد في ثاني أيام التصويت بالجيزة.. والشباب يشاركون بقوة إلى جانب المرأة وكبار السن    هل تحاكم السلطة الرابعة الجيش الإسرائيلي؟    التعامل ب البيتكوين.. المزايا والمخاطر!    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط في يومها الثاني    تمكين الشباب وتحقيق التنمية المستدامة.. عادل زيدان يُشيد بدعم الدولة للقطاع الزراعي ودور الرئيس السيسي في نهضة الصعيد    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن جدول أيام الصناعة الكامل في دورته ال46    محافظ المنيا مشيدا بالناخبين: حريصون على المشاركة فى العرس الديمقراطى    مسار يكتسح 15 أغسطس بخماسية في مجموعة الموت بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    الحزن يخيم على أهالي حلايب وشلاتين بعد وفاة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة سموحة في سوبر اليد    فريق طبي بمستشفى العلمين ينجح في إنقاذ حياة شاب بعد اختراق سيخ حديدي لفكه    الجيش الملكي يعلن موعد مباراته أمام الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    «تعثر الشرع أثناء دخوله للبيت الأبيض».. حقيقة الصورة المتداولة    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    «الهولوجرام يعيد الكنوز المنهوبة».. مبادرة مصرية لربط التكنولوجيا بالتراث    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    تقنيات جديدة.. المخرج محمد حمدي يكشف تفاصيل ومفاجآت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46| خاص    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    الحكومة توافق على إزالة صفة النفع العام عن قطعة أرض بمنطقة أثر النبي بالقاهرة    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    معلومات الوزراء يسلط الضوء على جهود الدولة فى ضمان جودة مياه الشرب    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احذروا .. لا تقرؤوا هذا المقال .ج3
نشر في محيط يوم 14 - 08 - 2008


احذروا .. لا تقرؤوا هذا المقال .ج3

* يوسف الدعيكي

أعزائي القراء .. وقرائي الأعزاء .. عذرا .. نظرا لحدوث هرج ومرج حول نقطة كانت قد وردت بالجزء الثاني لهذه المقالة والمتعلقة بالأصول التاريخية لقبيلة(الشراكسة )وقبيلة( الكرغلية )والقاطنتان بمدينة مصراتة بليبيا ، رأينا انه من الضروري الرد على هذه الاعتراضات، وعلى هذا السخط اللا مبرر..

وباختصار.. نقول لمن لم يعجبهم قول الحقيقة والواقع ، بأنه وحسب عديد المصادر، منها على سبيل المثال لا الحصر كتاب بعنوان( المجتمع العربي الليبي في العهد العثماني) لمؤلفه( تيسير بن موسى )الصادر عن دار العربية للكتاب عام (1988) حيث جاء بالصفحة رقم ( 17 ) منه بان (( ... القولوغلية وهم الأبناء الذين ولدوا من أباء أتراك وأمهات عربيات ... الخ)).. وجاء بالصفحة رقم( 22 ) من نفس الكتاب بان ((... الانكشارية وهم أبناء المسيحيين الذين يؤسرون صغارا ثم يدخلون في ثكنات خاصة يتعلمون فيها مبادىء الدين الإسلامي .. الخ )) ثم جاء أيضا بالصفحة رقم ( 27 ) من الكتاب نفسه بأنه ((.. بينما نرى ان سكان المدن صار بينهم وبين الأتراك نوع من الاتصال وتبادل المنافع ، نتج عنه عمليات زواج عديدة بين الجند الأتراك والعربيات ، وعرف نسلهم باسم القولوغلية ، ولكن قلما كان يسمح الآباء الليبيون لبناتهم مرافقة أزواجهن إلى بلادهم إذا انتهت خدمتهم في الجيش أو نقلوا من طرابلس ، كما ان الجند أنفسهم كانوا يجدون في اصطحاب زوجاتهم نوعا من المشقة ، ومن ذلك فان الأسر القولوغلية بقيت داخل الأراضي الليبية وانصهرت تماما في المجتمع الليبي لغة وطباعا وعادات ، وقد حاول الأتراك ان يستفيدوا من روابط الدم التي تربطهم بهم ، ليكونوا عونا لهم على المواطنين العرب فأعفوهم من الضرائب ومنحوهم بعض الامتيازات وادخلوا قسما من شبابهم في سلك الجندية ))..

وقد ورد بالصفحة رقم ( 373 ) من كتاب( معجم سكان ليبيا ) لمؤلفه( خليفة محمد التليسي )الصادر عن دار الربان عام (1991) بان ((.. من القولوغلية .. الشواليب ، ينتسبون إلى جدهم بشير شلبي ( وقد حرفت إلى شالابي ) وهو انكشاري . معاصر لعثمان باشا داي طرابلس من 1649 إلى 1672 )) .. كما ورد بالكتاب الخامس من سلسلة تاريخنا لمؤلفه( الصادق النيهوم ) الصادر عن دار التراث، وتحديدا بالصفة رقم( 54 ) فقرة 3 ، بان (( .. اكثرطورغود الوالي العثماني على ليبيا ، هو من استقدم الانكشارية الذين سيفرضون فيما بعد سلطة على الولاة متزايدة ويستبدون بالأهالي . ومن تزاوجهم بالليبيات نشأت طائفة الكواغلية التي ستشاركهم في التسلط والجور والعبث ))..

كما جاء بكتاب( آفاق ووثائق في تاريخ ليبيا الحديث ) لمؤلفه ( عمار جحيدر) الصادر عن الدار العربية للكتاب عام ( 1991 ) وبالصفحة رقم ( 244 ) منه ، بأنه (( ... وقد كان لهذه العناصر الوافدة أثارها الاجتماعية الواضحة في السكان ، ولا زلنا نلمس حتى اليوم اثر الوجود العثماني الذي تعد فئة الكراغلة مثلا ظاهرة من مظاهره الاجتماعية )).. وللتنويه ليس إلا ، فان المؤلفين المشار إليهم أنفا ، هم من أفضل المؤرخين في ليبيا .. وربما المسك ختامها ، إذ شهد شاهد من أهلها، حيث جاء بالموقع اللاكتروني الشخصي للأستاذ المهندس (عبد الحكيم عامر الطويل ) وهو مهندس نووي والالكترونات ويعمل بمركز البحوث النووية طرابلس ومقيم بمدينة طرابلس .. حيث أكد هذا المهندس بموقعه الشخصي على الانترنت وتحت عنوان ( اصل عائلتي .. الكولوغلية) بان عائلته(الكولوغلية) وكما كتب هو بنفسه ترجع بالأصل إلى الأتراك الذين تصاهروا مع الأهالي وقد عزز ذلك بكثير من الشواهد ، يمكنكم زيارة موقعه الشخصي والتأكد من ذلك ومناقشته شخصيا في ذلك ...

أما فيما يخص أصول قبيلة ( الشراكسة ) فلقد ورد بالانترنت وبموقع ( وقف القفقاس ) صفحة المهجر تحت عنوان( الشراكسة في المهجر ) بأنه (( يشكل الشراكسة في ليبيا قبيلة كبيرة يقطن معظم أفرادها في ضواحي مدينة مصراتة وعلى بعد حوالي خمسة كم منها في منطقة معروفة باسم الشراكسة...)) وقد جاء بأسفل المقال الأتي (( وهذا وقد حضر احد الإخوة الشراكسة الليبيين إلى مدينة ( كراسنودار) للمشاركة بالمؤتمر العام للجمعية الشركسية العالمية الذي انعقد في الفترة الواقعة ما بين 25 28 / 6 / 1998 حيث ألقى كلمة باسم شراكسة ليبيا وبشر المجتمعين انه يتواجد في ليبيا حوالي 135 ألف شركسي وليس حوالي خمسة عشر ألف فقط .. وأنهم يتوقون بشغف للعودة إلى أصولهم الشركسية المتمثلة بإتقان اللغة الشركسية واستعادة تراثهم الثقافي الشركسي الذي افتقدوه مند مئات السنين )) وكتب بهامش الصفحة (( وقد اخذ المقال المنشور عن الشراكسة في ليبيا عن مجلة .. نارت .. التي تصدرها الجمعية الخيرية للشراكسة المركز الرئيسي العدد 63 السنة 27 أيلول ص 7. 8 . 1998 ..انتهى النقل ... ومن يريد بعد هذا ان يتهجم أو يسخط أو يخاصم ويقاضي ، فجدير به ان أراد ذلك ، ان يفعل ذلك مع من كان لهم السبق بالتأليف والكتابة والإعداد ، وكذلك في إجازته رقابيا ، وفي طباعته ونشره ، لا على من نقل عنهم ذلك بمصداقية وحسن نية .. وعليه يقع عبء نفي ذلك ، واثبات عكس ذلك، وان يجتهد بكل أدب وأخلاق واحترام وآدمية وشفافية ومصداقية لكي يتثبت لنا حقيقة الأمر ان كان للأمر حقيقة أخرى مغايرة وسنكون له من الشاكرين .. وبهذا نرى من جانبنا على الأقل بأنه قد سدل الستار تماما على هذا الجدل البيزنطي ... ومن جديد أحبائي يستمر وإياكم التجوال بربوع وطننا العربي الغالي ، الكبير مكانة ورفعة ومساحة.. ونبتدئي هذه الجولة المتميزة جدا من مركز الوطن العربي ومنبع القومية العربية ، من جمهورية مصر العربية ( أم الدنيا ) وربما سميت كذلك لانها تجمع متناقضات الدنيا ، فهي فعلا ( أم المتناقضات ) ولن يكون حديثنا عنها تقليديا ، فلقد كتب عن المحروسة( مصر) الكثير والكثير ، وطبعا دون ان يوفوها حقها ،إلا إننا سنركز هذه المرة على أمور ونقاط ربما تجنبها العديد ممن خاضوا غمار الكتابة فيها وعنها ، سواء من أبنائها أو ممن تبنتهم أو حتى من هم غريبين عنها..

وفي كل الأحوال نحن نعيش اليوم بزمن الحقائق والتي لن تبقى مغيبة عن الراغبين والطامعين بالمعرفة ، فهذا أمرا أصبح مرفوضا ومستهجن في زمن ثورة المعلومات ، زمن التعارف والمعرفة وعلى بساط احمدي كما يقولون ، وبعيدا عن التزييف والتملق والمجاملة الغير مجدية أصلا.. وليس من باب الكراهية أو البغض لا سمح الله كتبت ما ستقرؤونه عن الحبيبة مصر ، ولكن لأنني أحبها وأحب أهلها المخلصين وأتمنى ان أراها دائما في أحسن حال .. وأحسن الحال هذا لن يتأتى إلا إذا وضعنا أصابعنا على الجروح ، وكشفنا المستور والمخبئ والمستخبئ ، وبالبداية نبتدئي الحكاية مع أكذوبة فرعنة مصر والشعب المصري ، وهي فرية شائعة جدا بالأعلام المصري وعلى كافة المستويات وأعلاها ، فما من مناسبة إلا ونسمع بان الفراعنة فعلوا ، الفراعنة فازوا ، الفراعنة أبدعوا ، الخ الخ .. بإشارة إلى الشعب المصري الذي لا علاقة له أصلا بالفراعنة ، اللهم إلا علاقة العبد بالسيد ، القاهر بالمقهور ، الجاني بالمجني عليه ، الغاصب بالمغتصب، فالثابت تاريخيا بان أسرة الفراعنة والتي حكمت مصر طويلا لم تكن أصلا من مصر ومن صلب المصريين الأصليين ، فهم بالأساس من قدماء المستثمرين الذين دخلوا مصر فاستعبدوا واستغلوا أهلها بالبطش تارة وبالمال تارة أخرى وبالروحانيات اغلب الأحيان ،

والفراعنة هم الذين صمموا الاهرامات واشرفوا على بنائها ، وقد بناءها المصريين القدماء تحت الكرباج وجلد السياط ، وأسلافهم الحاليين هم الذين يقودون الجمال التي يركبها السواح الأجانب للاستمتاع بمناظرها الخلابة ، وقد استمر مسلسل الاستعباد والقهر والهيمنة هذا قرون طويلة جدا من الزمن ، ولم يتنفس المصريون الصعداء إلا حينما دخل العرب المسلمين مصر فاتحين عام (21 ه / 641 م) بقيادة عمر بن العاص ، وخلصوا الأخوة المصريين في ذلك الوقت من جور وظلم وبطش الرومان ، وأزالوا عن كاهلهم الضرائب التي كانت تجبا لصالح بيزنطة ، وأردوا لهم لأول مرة كرامتهم واعتبارهم وأدميتهم التي فقدوها دهورا ، ولعل اصدق دليل على ذلك ، تلك الحادثة الشهيرة التي وقعت بين ابن عمر بن العاص فاتح وحاكم مصر أنداك ، وبين احد المصريين ، حينما تسابقا ركضا على ظهور الخيل ، وعندما فاز المصري بالسباق ، لطمه ابن عمر بن العاص وضربه بالسوط بعد ان قال له( أتسبقني وأنا ابن الاكرمين ) ، وبعد ان تسنى للمصري الوصول للخليفة الفاروق عمر بن الخطاب ، واشتكى له ، أمر الخليفة العادل على الفور بإحضار عمر بن العاص وابنه ، وقال للمصري خد السوط واضرب ابن الاكرمين ، فكان له ما أراد ، وتحقق للمصريين العدل بعدما كانت سياط الروم ومن قبلهم الفراعنة تلهب ظهورهم بمناسبة أو بدونها ، دون ان يكون لهم حق الاعتراض ..

فهل يستطيع احد العامة من المصريين اليوم ان يسابق أو يضرب ابن محافظ مدينته ؟!!! ... إلا انه وبالمناسبة هناك قول شائع منسوبا لعمر بن العاص ، قيل بأنه قد ذكره في رسالته الموجهة للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، بعد فتحه لمصر ، فحواه ((.. لقد وجدت بمصر أناس طيبون ، نسائهم طرب.. ورجالهم عبيد لمن غلب.. يجمعهم المزمار ويفرقهم السوط )) ونحن إذ نكتبه هنا ليس تأكيدا عليه ، ولكن للتأكد من صحته.. ونحاول ان نعكسه على حال المصريين اليوم ..

ثم توالت العصور ، من عصر الدولة الأموية .. والعباسية .. وعصر الطولونيون ، نسبة للوالي( احمد بن طولون ) الذي جاء مع الخلافة العباسية وحكم مصر عام 225 ه ، وهو من أصول تركية.. وعصر الفاطميون.. عصر الأيوبيون ، وهم من أصول كردية.. ثم المماليك، وهم أيضا من أصول مختلفة لكونهم كانوا بالأصل عبيد ومملوكين .. ثم العثمانيون ، وهم الأتراك الحاليين .. ثم احتلها الفرنسيون عام ( 1798 م) بحملة نابليون الشهيرة ، حتى بداية حكم أسرة محمد علي الكبير التي امتد حكمها لمصر من عام ( 1805م) حتى عام(1952م) وقد تخللها احتلال الإنجليز لمصر عام( 1882م).. ثم الخديوي إسماعيل ، الذي في عهده أنشئت وافتتحت قناة السويس في 16 نوفمبر عام(1869م) ، والتي أيضا شقت وأنجزت بسواعد المصريين الحقيقيين أصحاب الأرض مقابل أجورا زهيدة جدا ، وأحيانا مقابل لقمة عيش بسيطة فقط ، وقيل بان أعداد كبيرة جدا منهم قضت نحبها ، بسبب الإرهاق الشديد من العمل المستمر المضني ، دون ان يصرف لأهلهم ودويهم أي تعويضات ، وقد أقيم حفل افتتاح أسطوري للقناة حضره ملوك وأمراء غربيين ، وزوار أجانب وأبناء الخواجات، صرفت عليه أموال طائلة جدا، واكتفى المصريون حينها بالاستمتاع بالفرجة من بعيد .. ثم الخديوي توفيق ، ووصولا للملك فاروق ، والذي في عهده وصلت مصر إلى درجة غير مسبوقة بالفساد والعهر السياسي والاجتماعي ، وجميع هذه العائلة الحاكمة من اصل تركي .. وبقيام ثورة 23 يوليو(1952م) التي خطط لها وقادها الزعيم العربي المصري الراحل ( جمال عبد الناصر) تكون مصر قد تخلصت تماما من عهود العبودية والهيمنة الدخيلة والاستبداد الخواجي ، وأصبحت لأول مرة في التاريخ تحكم من قبل أبنائها الخالصين المخلصين ، وأصبحت بجدارة قبلة الثوار ومنارة العرب ورمز عزتهم ووحدتهم وأملهم في النصر،


ومن خلال هذه الثورة المجيدة وقائدها العربي البطل تمكن المصريين الحقيقيين من نيل كافة حقوقهم ، كما يرجع كل الفضل لثورة 23 يوليو، بالقضاء على الطبقية المزمنة والباشاوية والبكاوية المزيفة ومساواة المصريين الغلابة أصحاب الأرض الحقيقيين ، خاصة ( الصعايدة ) منهم ، بغيرهم من الوافدين وأصحاب الامتيازات والنفوذ المالي والاجتماعي ، وتمت مصادرة العديد من المزارع والأراضي الصالحة للزراعة من مغتصبيها وغاصبيها بدون وجه حق وإرجاعها لأصحابها الحقيقيين من الفلاحين المصريين ، واعتمدت البلاد على مواردها الطبيعية وما تنتجه من محاصيلها الزراعية بعد بناء السد العالي ، وأممت قناة السويس ، ومسحت بذلك دموع أحفاد التكالى ، والأرامل واليتامى الذين لم ينصفهم الخديوي إسماعيل وآسرته وطغمته المستبدة الحاكمة ، وأصبح لمصر بين دول العالم مكانة سامية ومؤثرة على كافة الأصعدة .. وبرحيل جمال عبد الناصر ، وبظهور ما يسمى سياسة (الانفتاح) بالعهد الساداتي ، كشرت الإقطاعية والطبقية والهيمنة الخواجية عن أنيابها، وعادت للساحة بكل ما لها من قوة وبطش لتصب جام غضبها وحقدها على رؤؤس الغلابة من المصريين ، والصعايدة بالذات ، وسبب ذلك، تضامن الصعايدة شبه الكامل والتام مع العهد الناصري ووقوفهم المشرف قولا وعملا مع الزعيم عبد الناصر ومساندتهم إياه في السراء والضراء ، لإيمانهم بمبادئه الخالدة ولكونه مصري صعيدي منهم ، قد انصفهم ومنحهم حقوقهم المهضومة ، لهذا كانوا هدفا سهلا ومشروع لسهام الحاقدين المسمومة بالاضطهاد والاحتقار والاستهزاء بالنكت السخيفة التي تسخر من كل ما هو صعيدي ،

ومما يحز في النفس ، ويجعل المرارة تخنق الحلق ان معظم الكتاب والمثقفين والفنانين الذين يهاجمون الناصرية اليوم هم بالأساس من خريجي مجانية التعليم التي ما كانت لتكون ، وما كان لهم ان يدخلوا تلك المدارس ، لولا الصعيدي جمال عبد الناصر...أما عن مصر اليوم، فيمكن القول عنها بأنها المارد العربي النائم في العسل ، فمصر والبالغ عدد سكانها حوالي (80) مليون نسمة ، علما بان أول تعداد للسكان بمصر كان عام( 1800 م) بإشراف ( جومار ) احد علماء الحملة الفرنسية ، وقد بلغ سكانها بذاك الزمن (2.5) اثنان ونصف مليون نسمة فقط ، واليوم تشكل لوحدها ما يقارب ثلث سكان الوطن العربي ، يعيش معظمهم بالأحياء الشعبية والعشوائية والمناطق الريفية الخارجة عن نطاق التغطية ، والتي تشكل فيها نسبة الأمية أعلى مستوياتها ، حيث يقدر عدد الأميين بحوالي (20) مليون نسمة .. وعدد الذين يعيشون تحت خط الفقر حوالي ( 15) مليون نسمة.. ووصل بها عدد أطفال الشوارع إلى حوالي ( 3 ) مليون طفل .. كما سجلت فيها أعلى نسبة إصابات بالأمراض المزمنة مثل الالتهاب الكبد الوبائي( السي) بحوالي( 10 ) مليون اصابة ..
ونسبة المدمنين من الطلبة بكافة المراحل التعليمية قدر بحوالي( 6 ) مليون مدمن، وهو رقم ان صح فعلا يعد بمثابة كارثة إنسانية رهيبة بالفعل، تفوق أي تصور .. ونسبة النساء المدمنات على المخدرات والكحول قد وصل إلى (400) ألف مدمنة ، وهي إحصائيات غير رسمية بطبيعة الحال ، إلا ان معظم المدمنين هم بالأساس من الطبقة الراقية القادرة ماديا على شراء المخدرات ، خاصة المكلفة منها ، أما المدمنين من العامة فإدمانهم مقتصر على البانجو والحشيش وهو اقل أصناف المخدرات تكلفة وتأثيرا أيضا ، ولكنه أكثرها انتشارا .. وبالنسبة لإجمالي عدد الراقصات فهو غير معروف ، لكونه خارج نطاق السيطرة ..

أما الأحياء الراقية مثل(( غاردن سيتي ، الزمالك ، مصر الجديدة ، مدينة نصر، لوران ، زيزينيا، جليم ، رشدى)) فهي مقتصرة فقط على عائلات الطبقات الراقية دات النفوذ المالي والاجتماعي والسياسي ، والفني أيضا، وهولاء غالبا ليسوا من أصول مصرية مئة بالمئة .. وحتى المنتجعات السياحية ( شرم الشيخ دهب نويبع طابا ) الواقعة بجنوب سيناء ، التي ارتوت رمالها وشواطئها بدماء المصريين البسطاء الشرفاء الزكية بحربي 67 ، 1973 وحروب الاستنزاف ، وقام شارون وجنوده بدفن خيرة أبنائهم من الجنود والضباط المصريين الأسرى وهم أحياء بصحراء سيناء ، قد اقتصرت اليوم السياحة فيها على من هم ابعد ما يكون عن الوطنية والتضحية والفداء ، فالطامة الكبرى ان أبناء وأحفاد من ضحوا بأرواحهم ودمائهم الطاهرة من اجل سيناء ، هم الذين غير قادرين على الإطلاق بالتنزه والتمتع بجمالها وسحر شواطئها ، لان ذلك مكلفا جدا ، ولأن معظمهم من بسطاء الناس ذوي الدخل المحدود ، هذه هي مصر دائما ، وهكذا هو حالها وحال أولادها ، فليس لهم من خيرها إلا الشيء القليل ، وربما اليسير جدا ، حتى بالشهرة والنجومية ،

وبنظرة خاطفة على أصول أهم أعلام ومشاهير مصر على المستوى الأدبي .. عباس محمود العقاد .. كردي الأصل .. أحسان عبد القدوس من اصل تركي .. الشاعرة عائشة تيمور ، من أب كردي وأم شركسية .. والمفاجأة الكبرى .. أمير شعراء العرب بالعصر الحديث .. احمد شوقي .. من أب كردي وأم تركية ، وجدته لأبيه شركسية ، وجدته لامه يونانية .. والمفاجأة الأكبر.. محرر المرآة المصرية( قاسم أمين ) من اصل كردي..( عمار يا مصر )...

أما مشاهير الوسط الفني ، نجوم ( فوليوود )عاصمة الفن العربي ، وكلمة فوليوود هنا اشتقاق لكلمتين لأكثر الأكلات الشعبية انتشارا في مصر،وهما( فول )و( يوود ) المشتق من الفسيخ...وهم فنانون من اصل ارمني .. نيللي .. لبلبة .. إيمان .. فنانون من اصل لبناني ..عمر الشريف.. يوسف شاهين .. فريد شوقي لبناني درزي .. فنانون من اصل سوري .. فريد الأطرش .. أسمهان .. فائزة احمد .. أنور وجدي .. سعاد حسني .. نجاة الصغيرة .. فنانون من اصل تركي عادل ادهم.. ليلى طاهر.. شادية.. بوسي .. نورا .. شويكار.. ليلى فوزي .. مديحة يسري.. مي عز الدين.. نرمين الفقي .. فنانون من اصل عراقي .. نجيب الريحاني .. يوسف وهبي .. فنانون من اصل شركسي .. حسين فهمي .. مصطفى فهمي .. شيرين سيف النصر .. رشدي أباظة .. عزت ابوعوف.. فنانون من اصل كويتي .. الفنان نور الشريف .. فنانون من اصل سعودي .. الفنانة شريهان .. فنانون من اصل مغربي .. ليلى مراد وهي يهودية.. وربما هناك غيرهم الكثير ..

والجدير بالذكر هنا ان للفن وخاصة الأعمال السينمائية بالآونة الأخيرة، الدور الأكبر في تشويه المجتمع المصري لاسيما صورة المرآة المصرية ، والمصري الصعيدي لدى المشاهد العربي بشكل عام، إذ إنها قد أظهرت المرآة المصرية بمظهر المرآة الراقصة اللعوب والممتلئة شبقا ورغبة وغدرا وخيانة ، المحترفة في هز النهود والأرداف ، ومؤخرا تفننت في هز المؤخرة بشكل شهواني مستفز على طريقة المعلمة ( شاكيرا ) ، ولا هم لها سوى الحصول على المال بكافة الطرق والسبل ، كما أنها سطحية وسهلت المنال ، سريعة الانقياد نحو الرذيلة ، وأظهرت الصعيدي بأنه إنسان بمنتهى الغباء والحمق والتخلف ، والمواطن المصري البسيط بشكل عام على انه ، ضعيف خنوع مستسلم لهمه وقدره ، يلطم على وجهه ويسكت ، ويضرب على قفاه ، دون أي ردة فعل تذكر عدا قوله( حاضر يا بيه، وأمرك يا باشا ) ، شعاره الدائم( أنا غلبان يا بيه ) وهدفه الوحيد في الحياة ، الحصول على( اللحمة ) والسكن بحجرة فوق السطوح ، دون اعتبار لأي قيم أو أخلاق أو مشاعر إنسانية وآدمية ، بل كثيرا ما نشاهد تهكمات على القيم والمبادئ ، والتطاول على أبطال ورموز المرحلة الناصرية ، من قبل بطلات وأبطال الأعمال السينمائية الهابطة ، بل وحتى المسرحيات الهزلية التجارية ، التي ابتعدت كل البعد عن الفن المسرحي الراقي ، وأصبحت عبارة عن كازنيوهات وديسكوات ونوادي ليلية تعرض فيها المفاتن المغرية المصحوبة بالألفاظ الشوارعية البدئية ، والتعليقات السخيفة ، والنكت والايمات الجنسية المقززة ..

وكذلك المسلسلات التلفزيونية التي سقطت جماهيريا أمام الدراما السورية وخاصة التراثية منها الملتزمة إلى حد كبير ، والراعية للذوق العام ومشاعر المتفرجين من الآسر العربية المحافظة والتي تشكل النسبة الأكبر بالعالم العربي .. فعلا عظيمة يا مصر.. يا أم الدنيا ... نستودعك بأمان الله وحفظه .. ويستمر بنا التجوال .. وللحديث بقية .
** محامى ليبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.