إخوة الإسلام، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، إن القراءات القرآنية قرآن منزل على رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات و قد بلغه كاملا للناس و هذا الكنز العظيم ملزم علينا و لم نعطيه مع الأسف االشديد حظا للوجود بيننا. فأين نحن من معرفة مصحف البزي و قنبل؟ أو مصحف السوسي؟ أو مصحف الدوري و الليث؟ و... ما ذكرته لكم من المصاحف لا زالت لم تطبع إلى يومنا هذا و هذا و الله مهزلة وعيب، ففي الوقت الذي تضيع فيه ثروة الأمة في الغناء و الرقص و المجون نجد مسلمين غيورين على دينهم ولا يجدون من يمولهم في سبيل نشر كتاب الله و علومه و الله المستعان...
فقد أنجز إخوانكم في جمعية دار القراءات بألمانيا و تحت إشراف علماء القراءات القرآنية مع إجازة الأزهر الشريف مصحف مكة بروايتي البزي و قنبل و لأول مرة بعد أئمة أهل مكة و هم يشكون ضعفهم المادي و غياب أهل الخير لتمويل طبع ذهه المصاحف الشريفة و توزيعها على الأمة الإسلامية ؛ فانظموا إلى إخوانكم يا أهل الخير و تبنوا طباعة القرآن الكريم!
فأي خير أكبر من هذه الصدقة الجارية؟ تعريف مختصر عن الرواة: البزي الراوي البزي هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة و اسم أبي بزة بشار ، فارسي أسلم على يد السائب بن صيفي. كان أبو الحسن البزي مؤذن الحرم. قال أبو عمرو الداني :" توفي البزي بمكة بعد سنة 240 و هو ما نجده كذالك في التيسير، صفحة5 . قنبل الراوي قنبل هو محمد بن عبد الرحمان بن محمد بن خالد بن سعيد بن جُرْجَة المكي المخزومي، كذا نسبه ابن مجاهد.
و قال ابن عبد الرزاق:" مَخْلَد بن خالد" مكان " محمد ". يلقب " قنبلاً "، و يقال هم أهل بيت بمكة يعرفون بالقنابلة . توفي سنة 1 91ه و له 69 سنة. و قد قطع الإقراء قبل أن يموت بعشر سنين. هذان الراويان البزي و قنبل يرويان القراءة عن الإمام البدر عبد الله ابن كثير المكي المتوفى بمكة سنة 120 ه. قال الإمام الشاطبي عن القارئ البدر ابن كثير المكي و عن راوييه في قصيدته : " حرز الأماني و وجه التهاني ": وَ مَكَّةُ عَبْدُ اللهِ فِيهَا مُقَامُهُ + هُوَ ابْنُ كَثِيرٍ كَاثِرُ الْقَوْمِ مُعْتَلاَ رَوَى أَحْمَدُ الْبَزِّي لَهُ وَ مُحَمَّدٌ + عَلَى سَنَدٍ وَ هْوَ الْمُلَقَّبُ قُنْبُلاَ للتظامن و الإستفسار: إيميل الجمعية: [email protected] موقع الجمعية: www.dar-alqeraat.net
تفسير مختصر للموضوع: ما القراءة القرآنية؟ أحسن تعريف للقراءة وصلنا هو ذالك الذي أطلقه الإمام الداني ، قال رحمه الله:" كل قراءة وافقت العربية و لو بوجه و وافقت المصاحف العثمانية و لو احتمالاً و صح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها و لا يحل إنكارها بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن و وجب على الناس قبولها سواءً كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، و متى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواءً كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم.
هذه الأركان الثلاثة كما هو مصرح به في الضابط أعلاه هي: أولاً: أن توافق وجهاً من وجوه النحو سواءً كان أفصح أم فصيحاً مجمعاً عليه أم مختلفاً فيه لا يضر مثله إذا كانت القراءة مما شاع و ذاع و تلقاه الأئمة بالإسناد الصحيح. و لا يؤثر إنكار بعض أهل النحو أو كثير منهم للقراءة إذا ما أجمع الأئمة المقتدى بهم من السلف على قبولها. ثانياً: موافقة القراءة لأحد المصاحف العثمانية .
بمعنى قد يقرأ قارئٌ بما في مصحف و يقرأ آخر بما في مصحف آخر. ثالثاً : أن يصح سندها معناه أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله و هكذا حتى تنتهي و تكون ، مع ذالك ، مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم. قال أبو عمرو الداني موضحاً هذه القضية في كتابه " جامع البيان " معطياً رأْي أئمة القراءة : ....و أئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة و الأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر و الأصح في النقل و الرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية و لا فشو لغة ؛ لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها و المصير إليها".
و أحسن ما يمكن أن نصدر به هذه المسألة قول عبد الله بن مسعود قال : "لا تختلفواْ في القرآن و لا تتنازعواْ فيه فإنه لا يختلف و لا يتساقط ؛ ألا ترون أن شريعة الإسلام فيه واحدة ؛ حدودها و قراءتها و أمر الله فيها واحد ، و لو كان من الحرف حرف يأمر بشيء ينهى عنه الآخر كان ذالك الاختلاف و لكنه جامع ذالك كله . و من قرأ على قراءة فلا يدعها رغبةً عنها فإنه من كفر بحرف منه كفر به كله". ما الرواية ؟ فإن أردنا اختصار الجواب قلنا: الرواية كل ما نسب للراوي عن الإمام.
و هذا الراوي حين ينقل عن الإمام لا يكون معتمداً ، في الدرجة الأولى ، إلا على حفظ القلوب و الصدور لا على حفظ المصاحف و الكتب ، و هذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذا الأمة . يعزز هذا الاتجاه الحديث الشريف الذي يرويه لنا عياض المجاشعي: أن رسول الله r قال:"......إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم ، عربهم و عجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب. و قال: إنما بعثتك لأبتليك و أبتلي بك و أنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء . تقرأه نائماً و يقظان. و إن الله أمرني أن أحرق قريشاً .
فقلت رب إذاً يثلغواْ رأسي فيدعوه خبزةً. قال استخرجهم كما استخرجوك ، و اغزُهم نُغْزِكَ، و أنفق فسننفق عليك. لقد أخبر الله تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤونه في الحال كما جاء في صحيفة أمته :" أناجيلهم في صدورهم ". و إن لكل قارئ من القراء السبعة راويان يأخذون عنه سامعين له أو مستمع هو لهم . و في كلتا الحالتين لا يروون عنه إلا بعد أن يأذن لهم. ما الطريق ؟ الطريق كل ما نسب للآخذ عن الراوي , إن سفل، مثال ذالك : إثبات البسملة للإصبهاني عن ورش.