روسيا ومسمار في نعش " الناتو " ليونيد ألكسندروفتش لا ترى الدبلوماسية الأميركية مبررا لاعتراض روسيا على توسع وتمدد حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي كان معاديا لها في الحقبة السوفييتية وكأنها تدعو روسيا لتبتسم عندما يصوب الناتو مسدسه نحو رأسها.
وما فتئت روسيا تحاول إفهام شركائها الغربيين أن انتشار الآلة الحربية الأميركية قرب روسيا أمر غير جائز.
إلا أن الأميركيين استمروا في نشر قواعدهم العسكرية قرب روسيا. وأخيرا ذهبوا إلى حد إرسال سفن حربية إلى البحر الأسود، وهو بحر تطل عليه روسيا. وجاء ذلك إيذانا بانفجار أزمة خطيرة. ودل على ذلك بطريقة غير مباشرة قيام روسيا بتجريب صاروخ يمكن تجهيزه برأس نووي من نوع «توبول - م».
وإزاء ذلك رأى فلاديمير بوتين، رئيس الحكومة الروسية، لزاما عليه أن يقول لإحدى الشبكات التلفزيونية الأميركية إن مَن يرى إمكانية قتل الروس معتبرا أن المقبرة أنسب مكان لهم فعليه أن يفكر في عواقب هذه السياسة بالنسبة لنفسه.
واعتدى الرئيس الجورجي ساكاشفيلي على مواطنين روس في أوسيتيا الجنوبية عندما كان زعماء العالم موجودين في بكين التي افتتحت فيها الألعاب الأولمبية. وبعدما أبلغ بوتين الرئيس الأميركي جورج بوش في بكين بأن جورجيا شنت هجوما انتظر الجانب الروسي أن ترغم واشنطن عميلها الجورجي على وقف قتل الأبرياء. إلا أن واشنطن لم تحرك ساكنا في هذا الاتجاه.
وهل يمكن لروسيا بعد ذلك أن تنظر إلى الولاياتالمتحدة كشريك وتنظر إلى الناتو بأنه تكتل محب للسلام يتطلع إلى تعاون متبادل النفع مع روسيا؟ من الواضح أن الإجابة ستكون بالسلب، ولهذا يمكن الجزم بأن موقف روسيا الرافض لضم مزيد من البلدان إلى الناتو سيزداد تشددا.
لقد ذكر نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية بواشنطن )ءئذ( ايلان بيرمان أن روسيا وضعت باستعراضها قوتها السياسية والعسكرية «في جورجيا»، علامة استفهام كبيرة على مسألة توسع حلف شمال الأطلسي.
وقال بيرمان الذي يعد مستشارا للاستخبارات ووزارة الدفاع في الولاياتالمتحدة في مقال نشر في واشنطن بوست تحت عنوان «مسمار آخر في نعش الناتو»، إن «التدخل الروسي في جورجيا» وضع حلف شمال الأطلسي أمام أكبر تحد جيوبوليتيكي منذ تفكك الاتحاد السوفييتي والى حد الآن.
وأعاد المحلل السياسي الأميركي إلى الأذهان أن حلف الناتو زاد عدد أعضائه في عام 1999 بأكثر من الثلث، وأعلن في قمة اسطنبول في عام 2005 عزمه على لعب دور ضامن الأمن في منطقتي بحر قزوين والقوقاز. وأضاف أن الحلف أعلن بشكل واضح في قمة بوخارست في أوائل أبريل 2008 أن جورجيا وأوكرانيا ستحصلان على عضويته في المستقبل.
وأكد أنه يتعين على الحلف حاليا إعادة النظر في خطة العمل هذه.، وذكر بيرمان أن الناتو كان يمكن أن يجد نفسه في أول نزاع مسلح له مع روسيا لو كانت جورجيا عضوا فيه.
ويذكر أن العلاقات بين روسيا والناتو قد ساءت بعد قيام روسيا بالتصدي لعدوان جورجيا على أوسيتيا الجنوبية، واعترافها في السادس والعشرين من هذا الشهر باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.
ودعت الدول الأعضاء في حلف الناتو في بيان مشترك صدر في ختام اجتماع مجلس الحلف على مستوى السفراء في بروكسل في السابع والعشرين من شهر أغسطس المنصرم روسيا إلى إعادة النظر في اعترافها باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.
وردا على ذلك أكد مندوب روسيا الدائم لدى حلف شمال الأطلسي دميتري روغوزين أن روسيا لن تعيد النظر في قرارها الخاص بالاعتراف باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. وقال إنه يتعين على حلف الناتو أن يقر بهذا الواقع السياسي الجديد. ودعا دول الحلف إلى التراجع عن الاعتراف باستقلال كوسوفو.
كما أعلنت روسيا في الحادي والعشرين من هذا الشهر «تجميد» تعاونها العسكري مع الناتو مؤقتا. ويشمل قرار التجميد زيارات الوفود العسكرية وإجراء تدريبات مشتركة، ولا ينطبق على التعاون في مجال نقل شحنات غير عسكرية للناتو إلى أفغانستان عبر أراضي روسيا الاتحادية، وهو ما سبق أن التزمت به روسيا مع الناتو في فبراير الماضي. عن صحيفة "البيان" الاماراتية 4/9/2008