المبعوث الدولي الجديد للعراق.. المهمة الصعبة عادل سعد إلى أن يتناول المبعوث الدولي الجديد إلى العراق ستيفان دي مستورا ما تحتويه حقيبته السياسية من تصورات في إطار القرار الدولي (1770)، فإن الأمل بتطور مشاركة الأممالمتحدة بدعم العراق لن ترتفع إلى مستوى الآمال المعقودة على دورها في المساعدة، وذلك لعدد من الأسباب التي يمكن تلخيصها بأن المنظمة الدولية لم تبرح بعد الموقف الهامشي الذي أريد له أن يكون لها في العراق بحكم عدد من العوامل الضاغطة في مقدمتها أن الأميركيين لا يمكن ان يقبلوا إلا بالمواقف الدولية التي تخرج من أكمام احتلالهم للعراق لأن أي مواقف لا تستجيب لهذا المنظور تُعد في حساباتهم معادية لهم. ولعل أكثر ما يعزز هذا التشخيص أن المبعوث الدولي السابق في العراق أشرف جهانجينر قاضي كان باستمرار يتحاشى الاحتكاك بالمواقف الأميركية، وكأنه بذلك يتوسم الحذر من الخوض في مجاهل تلك المواقف، بل انه في الكثير من الأحيان كان يتناول الأوضاع العراقية بدون المرور بالقرار (1546) الذي يُعد الوثيقة الوحيدة المهمة لتنظيم العلاقة بين الاحتلال والأممالمتحدة، فهو القرار الذي وضع أساس ما ينبغي أن يتصرف بموجبه الأميركيون في العراق غير أنهم لم يأخذوا بالاعتبار هذا القرار في جميع تصرفاتهم في الشأن العراقي وقد صدر أكثر من مرة بيانات لدول أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي ما يعيب على الأميركيين تصرفهم الذي يتجاوز الإطار العام لذلك القرار. وهكذا فإن من الحتمي والواقعي ان يكون تحرك المبعوث السويدي دي مستورا محكوماً بذات العوامل التي حكمت تحركات سلفه اشرف قاضي والتي يمكن تلخيصها بثلاثة عوامل، أولها يتعلق بمدى استجابة الأميركيين لما تأمل به الأممالمتحدة في ضوء القرار الدولي (1770) وكذلك في إطار رؤية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن تحديد نوعية المواكبة الدولية لانجاز المصالحة الوطنية الكاملة والتعبير عن ذلك بمشاركة القوى السياسية العاملة، والربط في هذا مع طموح العراقيين بانسحاب عسكري أميركي يضع حداً ما للهيمنة الأميركية على المقدرات العراقية. أما العامل الثاني فيتعلق بالوضع الأمني إذ كلما تحقق انفراج ما في هذا الوضع، كلما أتيح للأمم المتحدة ان تتحرر ميدانياً بالاتصال مع كل المجموعات العراقية والإصغاء بحرية تامة إلى ما تطرحه، والبحث عن أسس للربط بين تصوراتها إزاء المستقبل العراقي، واعتقد ان البعثة الدولية برئاسة دي مستورا سوف تتعرض إلى المزيد من الضغوط الأمنية الشديدة خلال المرحلة القادمة بهدف شل إمكانيتها في التأثير بالمشهد العراقي، وقد يكون التهديد الأمني لهذا الدور الدولي على الأرض بأكثر من توجه، ومن عدة جهات لا تريد للعراق أية وصاية أممية على مقدراته لان ذلك يتعارض مع ما رسمته من سياسات إقليمية وأميركية هدفها الاستئثار بالعراق وتصفية خصوماتها على الأرض العراقية. والعامل الثالث أن اللعبة الإقليمية-الدولية بشخوصها السياسية المعروفة لا يمكن ان تقبل بمتسابق دولي تمثله الأممالمتحدة يعد دخيلاً على هذه اللعبة بما تتضمن من مصالح وأهداف بعضها يرتبط بأجواء تلك الخصومات. والملاحظ من تصريحات الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان انه اشتكى أكثر من مرة من وجود محاولات عزل المنظمة الدولية عن مسؤولياتها، ومن جملة ما اشتكاه في هذا الشأن أن موظفي المنظمة الدولية الذين كانوا يعملون في العراق هم بدون رعاية أمنية حقيقية على الرغم من الانتشار الواسع للقوات الأميركية، وهذا بحد ذاته ما تسبب في حصول ضحايا بين العاملين الدوليين في العراق، ومن ضمن ذلك مصرع المبعوث الدولي البرازيلي دي ملو الذي سبق اشرف جهانجير قاضي بهذا المنصب. إجمالاً من المستبعد أصلاً أن يتحسن أداء الأممالمتحدة في العراق إلا إذا ارتبط بإجماع وطني من القوى المؤثرة في المشهد العراقي وليس في إطار التمنيات أن تكون الأممالمتحدة راعياً حقيقياً لمصالح الشعوب، ولا بد أيضاً ان نشهد في المستقبل القريب مناكفات بين الموقفين الأميركي والاممي حول ذلك خاصة بعد تقرير بيتريوس-كروكر الذي أوحى بحصول تقدم في المشهد الأمني العراقي بما يدعم موقف الرئيس الأميركي بوش في مواصلة الانفراد إزاء ما يجري عراقياً. عن صحيفة الوطن العمانية 20/9/2007