إحياء الدولة الفارسية يداعب أحلام القائمين علي نظام الحكم في إيران ويعملون علي تحقيق ذلك كمرحلة في المنطقة العربية سواء من خلال علاقاتها مع بعض دول المنطقة أو إنشاء كيانات شيعية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بها في بعض الدول العربية. وقد تقلدت الثورة الإسلامية في إيران الحكم بقيادة الإمام الخوميني بعد رحيل شاه إيران بمنظومة دينية افتقرت للخبرة السياسية داخلياً وخارجياً .
واستمر هذا التخبط صعوداً وهبوطاً وأطلقت شعار تصدير الثورة الإسلامية للمنطقة العربية مما أزعج كل الأنظمة الحاكمة فيها واتخذت هذه الدول سياسة الدفاع عن نفسها ضد النفوذ الإيراني وقطع أي تعاملات مع النظام الإيراني، إلا أنه قد بدأ في التحرش بالأنظمة العربية مما أدي إلي فقدان الثقة بينهما.
وبعد رحيل الإمام الخوميني بدأت الثورة الإسلامية في التجديد بدءاً بإصلاح النظام السياسي وبدأت التيارات السياسية في الصراع لوضع منظومة سياسية تتفق مع المتغيرات الدولية ومقبولة داخلياً وخارجياً واستقرت الأوضاع لبدء بناء منظومة سياسية تنطلق من قاعدة ديمقراطية تؤمن بالتعددية الحزبية والسياسية ونظام انتخابي لرئاسة الدولة والبرلمان وتشكيل حكومة تنفيذية لإدارة شئون الدولة.
وبالإضافة إلي ما سبق فقد استقر رأي حكماء الثورة الإسلامية علي تكوين قوة مسلحة خاصة لحماية الثورة الإسلامية من أعداء الدولة والحفاظ علي استمرار الثورة الإسلامية ولقد تم تشكيل الحرس الثوري لتحقيق هذه الأهداف وتأمين بعض المناطق المهمة الحدودية البرية والبحرية والجوية وإدارته وسيطرته علي منظومة الصواريخ الإيرانية أرض/ جو أرض/ أرض متوسطة وبعيدة المدي. ولاستكمال منظومة تأمين الدولة.
فقد تم إنشاء منظومة علمية تعتمد علي التكنولوجيا الذرية بإنشاء العديد من المفاعلات الذرية لتحقيق هذا الهدف وصولاً إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود النووي والنظائر المشعة لاستخدامها في الأغراض السلمية وفي ظل عدم قناعة الدول الغربية وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالاستخدام السلمي والذي يمكن أن يتعداه لامتلاك السلاح الذري.
الأمر الذي أدي إلي قيام هذه الدول بالحيلولة ومنع إيران من الاستمرار في هذا النشاط سواء لفرض العقوبات عليها أو منحها مزايا اقتصادية وعلمية والتلويح بالعمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية ومازال الحوار حول الملف النووي الإيراني يشغل المنظمات الدولية والذرية والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكية بدون الوصول إلي حد يرضي كل الأطراف العاقلة في هذا الملف وينهي الصراع مع إيران .
ولتحقيق الدعم المادي والعسكري لحزب الله الشيعي الإيراني في لبنان فلقد اتجهت إلي توطيد علاقتها مع سوريا في إطار يتناول المصالح السياسية والعسكرية، بينما حتي وصلت إلي مرحلة التحالف ولقد أدي هذا الاتجاه إلي استمرار حزب الله كقوة فاعلة ضد أطماع إسرائيل في جنوب لبنان.
ولقد برز ذلك جلياً في العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان سنة 2006 والاشتراك في المنظومة السياسية اللبنانية والتمركز في الضاحية الجنوبية من لبنان والتي تخضع لسيطرته وتقع عليه مسئولية تأمينها وبأغلبية سكانية من الشيعة الذين ينتمون لحزب الله وتحتضن هذه المنطقة مسئولي المنظمات الفلسطينية التي تتبني اتجاهاتهم وتوجهاتهم مع حزب الله.
وبالإضافة إلي ما سبق فإن سوريا تلعب دوراً رئيسياً في استقرار الأوضاع في العراق لاحتضانها معظم قيادات حزب البعث العراقي وتتقاسم هي وإيران مستقبل استقرار الأوضاع السياسية فيها خاصة أن الغباء الأمريكي بغزوه العراق قد خلص كل من إيران وسوريا من صدام حسين العدو الرئيسي لكليهما.
ومن خلال علاقة إيران بسوريا فإنها وبطريق غير مباشر قد حققت الاتصال والتنسيق مع المنظمات الممانعة التي تحتضنها، خاصة حركة حماس والتي تمركزت في قطاع غزة في إطار تلاقي المصالح بينهما، فقد كانت حركة حماس تبحث عن حليف قوي يتبناها ويوفر لها الدعم المادي والعسكري وفي نفس الوقت تبحث إيران عن موطئ قدم آخر في المنطقة العربية إلي جانب حزب الله لدعم موقفها كقوة فاعلة ضد إسرائيل في المنطقة وبما يساعدها أيضاً في إنهاء الملف النووي بما يتمشي مع رغباتها.
وإذا انتقلنا إلي البؤرات الإيرانية الشيعية في العالم العربي فإن بؤرة الحوثيين في اليمن تشكل هدفاً إيرانياً تعمل علي إحيائه ككيان مستقل ومما يساعدها علي ذلك تفاقم المشكلة الاقتصادية باليمن واستمرارها وتدني مستوي المعيشة وسوء إدارة النظام الحاكم لشئون المنطقة الشمالية، بالإضافة إلي أن جذور هذا الكيان بدأ في صعدة بقيادة الحوثيين وتنامت بصورة مزعجة من خلال 6 مواجهات مع نظام الحكم آخرها أوائل سنة 2010 .
والتي انتهت بموافقة الحوثيين علي الصلح مع النظام نتيجة استخدامه للقبائل ضدهم واستعراض النظام لقوته العسكرية مستنداً في ذلك إلي دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية في هذا المجال وإحكام السعودية حدودها مع اليمن، مما أثر علي خطوط إمدادها عبر الأراضي السعودية من إيران.
وبالرغم مما سبق فإن أطماع الحوثيين لإنشاء الكيان الشيعي الإيراني في منطقة صعدة لن يتوقف ويمكن أن يتعداه إلي مناطق تجمع الزيدية الأخري، خاصة منطقة عمران والذين يشكلون 30? من سكان اليمن ويضعهم أهل السنة مع الإمامية الاثني عشرية في منزلة واحدة وأن حسم هذا النزاع لصالح الحوثيين مرهون باستمرار الدعم الإيراني مادياً وعسكرياً.
وعلي ضوء ما سبق فإن إيران تسعي إلي تعزيز دورها الإقليمي المحوري في منطقة الشرق الأوسط من خلال إنشاء بؤر وكيانات شيعية إيرانية في المنطقة العربية ظاهرها العمل ضد إسرائيل وهي في الحقيقة للضغط علي الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي لمسايرتها في إنهاء الملف النووي بما يتفق مع مصلحتها، بالإضافة إلي نشر المعتقدات الشيعية الإيرانية في المنطقة العربية.
وبالإضافة إلي ما سبق فإن الحد من تطلعات إيران لإنشاء كيانات شيعية علي حساب العالم العربي يتطلب وحدة الصف العربي لوضع استراتيجية للتعامل مع النظام الإيراني وإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار والذي يعد من مسئولية الدول العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي.