وزير العدل يشهد أداء اليمين القانونية للأعضاء القانونين الجدد ب الشهر العقاري    نصف مليون سيارة.. مصر تفاجئ العالم بأرقام خطة توطين صناعة المركبات | خاص    "التموين" تفتتح الفرع الرابع ل"كاري أون" بمدينة الإنتاج الإعلامي الثلاثاء    رئيس مياه الفيوم يتفقد عددا من مواقع الشركة بمركز سنورس    أول تعليق من الزمالك على بيان النيابة العامة بشأن أرض النادي بالسادس من أكتوبر    مقتل 4 عناصر من قوى الأمن السوري في إطلاق نار بريف إدلب    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم ترمسعيا وكفر مالك شمال شرق رام الله    ألونسو يعلن تشكيل ريال مدريد لمواجهة ديبورتيفو ألافيس    100 ميدالية لمصر ببطولة العالم للبياثل والترياثل والليزر-رن بجنوب إفريقيا    خلافات مالية تشعل مشاجرة في الجيزة وإصابة 8 أشخاص    نقابة المهن التمثيلية تنعي شقيقة الزعيم عادل إمام    رئيس اتحاد كتاب مصر ينعى محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    نقيب التشكيليين وشاليمار شربتلي يفتتحان معرض الفنان عبدالحليم رضوي.. صور    محافظ مطروح يكرم المتميزين بقطاع الصحة (صور)    كنيسة القديس مار مرقس الرسول بدمنهور تعقد لقاء بعنوان "النجاح في حياة زوجة الأب الكاهن"    فرحة لم تكتمل.. مصرع عريس بعد 45 يومًا من زفافه بالصف    طارق بن شعبان: قرطاج السينمائي يدعم سينما المؤلف الملتزمة بالقضايا الإنسانية    هل تصح صلاة المرأة دون ارتداء الشراب؟.. أمين الفتوى يوضح    محفظ قرآن بالأقصر يسجد شكرا لله بعد فوزه برحلة عمرة مجانية ويهديها لوالدته    ألافيس ضد الريال.. مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الملكي في الليجا    الأثنين.. افتتاح متحف المقرئين بالعاصمة الجديدة    بعد تسجيل عبلة كامل.. مفيدة شيحة تشيد بلميس الحديدي: رجّعتي لنا صوت بنحبه ونحترمه    مدرب بصالة ألعاب يعتدى على شاب لخلاف على قيمة مشروبات ببولاق الدكرور    العثور على جثة رضيع حديث الولادة بقنا    مصر تدين الهجمات على مقر بعثة الأمم المتحدة بمدينة كدوقلي في السودان    بحضور كمال وزكي.. وزير العمل يستقبل وفد لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ    كرة القدم وكأس العرب «1»    الإفتاء: التنمر عدوان محرم شرعًا.. وإيذاء الآخرين نفسيًا إثم مبين    مسئولو الإسكان يتابعون سير العمل بالإدارة العقارية بجهاز مدينة دمياط الجديدة    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    محافظة القليوبية تنتهي من تجهيزات اللجان وترفع درجة الاستعداد    البورصة تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي وربح 7 مليارات جنيه    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    وفاة طفلة دهسا تحت عجلات القطار في محافظة أسيوط    محمد صلاح ولاعب الزمالك بالقائمة.. موعد حفل جوائز ذا بيست 2025    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    محافظ كفر الشيخ: شلاتر إيواء وتدريب متخصص لمواجهة ظاهرة الكلاب الحرة    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    سوريا تكشف ملابسات هجوم تدمر: المنفذ غير مرتبط بالأمن الداخلي والتحقيقات تلاحق صلته بداعش    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    اليوم، وزارة الداخلية تعلن نتيجة القبول فى كلية الشرطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للأقصى رجال يحمونه / عبد الباري عطوان
نشر في محيط يوم 14 - 03 - 2010


للأقصى رجال يحمونه

*عبد الباري عطوان

عبد البارى عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس
الانتفاضة الأولى بدأت لتحرير الأقصى، والثانية احتجاجا على تدنيسه، والثالثة، التي بدأت تكبر ككرة الثلج، جاءت لحمايته في مواجهات تقويضه، تمهيدا لتهويده، وفضح التواطؤ العربي، الرسمي والشعبي، المتمثل بالصمت الكامل وإدارة الوجه إلى الناحية الأخرى.

المرابطون في القدس المحتلة يدافعون عن مقدساتهم بأيديهم.. بحناجرهم.. بصدورهم العارية.. باعتصامهم.. بتحدي الرصاص الحي قبل المطاطي.. مرفوعو الرأس.. مستعدون للشهادة.. لا يبحثون عن أعذار.. ولا يؤمنون بالواقعية.. ولا يخشون الفارق الكبير جدا في موازين القوى.

يفضحون 'سلطة رام الله' التي تطلق قوات أمن دايتون لمنع المقاومة، بل لمنع كافة أشكال التظاهر السلمي ضد تهويد الحرم الإبراهيمي ومسجد الصحابي بلال بن رباح، وتقبل بالعودة الى المفاوضات غير المباشرة في ظل الاستفزازات الاستيطانية المهينة، وتلغي احتفالا بإطلاق اسم الشهيدة دلال المغربي على ميدان في مدينة البيرة تنفيذا لاملاءات إسرائيلية.

السلطة الفلسطينية منهمكة في استقبال المبعوثين الأمريكيين الذين يريدون مفاوضات فلسطينية إسرائيلية غير مباشرة، لتحسين الوجه الدموي العنصري لحكومة نتنياهو أمام العالم، وعرب الاعتدال منهمكون في تقديم الإغراءات المالية والنفطية للصين للانضمام إلى الحصار الاممي القادم ضد إيران.

المدافعون عن الأقصى يفجّرون انتفاضتهم هذه في توقيت من يستشعر الخطر على أرضه وعرضه ومقدساته، فالحكومة الإسرائيلية أعلنت عن بناء خمسين ألف وحدة سكنية في القدس المحتلة، ومستوطنوها يستعدون يوم الثلاثاء القادم لإطلاق يوم عالمي من اجل بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى، يقتحمون خلاله باحته، ويضعون حجر الأساس، ويقدمون قرابين الفصح العبري.

لم يعودوا يستنجدون بالحكام العرب، ولا حتى بالشعوب العربية والإسلامية، فقد ملوا من ذلك، وقرروا ان يخوضوا المواجهة لوحدهم، مسلّمين بأقدارهم، ومعتمدين على أنفسهم وخالقهم.

' ' '

نحن أمام تقسيم جديد للمنطقة العربية يذكرنا بنظيره الذي حدث بعد غزو القوات العراقية للكويت، فهناك نغمة جديدة يرددها بعض المسئولين بوتيرة متصاعدة، تقول اذهبوا انتم عرب الشمال وحاربوا إسرائيل وحدكم، فهذه مشكلتكم، وخذوا من شئتم من 'المخدوعين' من أهل الاتحاد المغاربي، وفقراء اليمن والسودان، أما نحن فلنا عدونا، لنا ايراننا، ولكم اسرائيلكم.

سيدنا محمد رسول البشرية (صلى الله عليه وسلم) عندما اسري ليلا إلى المسجد الأقصى، لم يأت إليه من نابلس آو غزة او دمشق، وإنما من المدينة المنورة عاصمة النور والهداية، ومقر الدعوة المحمدية، والبابليون جاءوا الى القدس من ارض السواد، والأيوبيون من ارض الكنانة.

لا نعطي دروسا في التاريخ، ولا نلقي المواعظ الدينية والأخلاقية، ولكننا نذكّر من يحاول أن ينسى او يتناسى، ويريد جرّنا الى حروب مدمرة في المكان الخطأ مرة أخرى، يختارها لنا الأمريكيون والإسرائيليون، مثلما جرّونا إلى حرب العراق تحت أكاذيب وحملات تضليل ما زالت المنطقة تعيش نتائجها الكارثية.

يرسلون الوفود الى روسيا والصين، بتعليمات أمريكية، لإغرائهما بالوعود السخية بصفقات رخيصة من النفط والغاز، ومئات المليارات من الاستثمارات المستقبلية، مقابل عدم التصويت ضد قرار بفرض حصار خانق على دولة مسلمة، وكل ما سيحصل عليه هؤلاء في المقابل هو المزيد من المستوطنات والتهويد للمقدسات الإسلامية في فلسطين، التي من المفترض أن تكون مقدساتهم أيضا.

'' '
تواطئوا في الحربين الأولى والثانية ضد العراق، ودمروا هذا البلد العربي الذي حماهم من 'التسونامي' الإسلامي القادم من الشرق، ليحصدوا الشوك، والفتنة الطائفية، واختلال التوازن العسكري والجغرافي، ونظام حكم أكثر عداء وتهديدا لهم من سابقه.

الحصار الخانق على العراق، وإغراق الأسواق بالنفط الرخيص، واستفزاز القيادة العراقية في كبريائها وعرضها، دفع بها إلى كارثة احتلال الكويت، وما ترتب على ذلك من نتائج معروفة ما زلنا نعيش تداعياتها، ولكن هل فكر الذين يسعون لفرض حصار خانق على إيران، وحشد القوى العالمية في وضح النهار للمشاركة فيه، بردود الفعل التي يمكن ان تترتب على خطواتهم هذه؟

ماذا لو قرر الإيرانيون الانتقام من الذين يحاصرونهم بطرق ووسائل شتى، اقلها 'الإرهاب' وتحريك الخلايا النائمة كخطوة أولى، يتلوها القصف وحرق الآبار والبنى التحتية كخطوة لاحقة، هل نستطيع أن نتحمل ذلك، أو نوفر الحماية لمواطنينا وناطحات سحابنا وأبراجنا؟

لماذا 'الواقعية' مقدسة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وأسلحتها النووية الجبارة، واحتلالها لأرضنا وتهويدها لمقدساتنا، ولكن هذه 'الواقعية' تتبخر تماما عندما يتعلق الآمر بدولة عربية او إسلامية، ونبدأ فورا بقرع طبول الحرب وإشهار سيوف الحصارات؟

' ' '
في الوقت الذي يتدفق فيه الآلاف من أبناء القدس المحتلة وعرب فلسطين المحتلة عام 1948 لحماية المسجد الأقصى، نرى أكثر من 'مسجد ضرار' يبنى في عواصم عربية للترويج للتحالف مع الإسرائيليين وتوثيق عرى الصداقة معهم، باعتبارهم الأنصار الجدد للعدو الآخر على الأمة والمنطقة.

أهل القدس يقاومون ويستبسلون لأنهم خارج حدود السلطة في رام الله، ولا يُحكمون من قبل أي نظام عربي، فهم يحاربون العدو مباشرة، وليس من خلال وكلائه العرب، وهذا هو سر جبروتهم واستعدادهم للتضحية بالأرواح من اجل الحفاظ على الهوية الإسلامية العربية لمقدساتهم وأرضهم.

أنهم يعرّون النظام الرسمي العربي، وجامعته في القاهرة، ويفسدون الخطط لنسج التحالف العربي الإسرائيلي المتنامي، ويعيدون الصراع في المنطقة الى منابته الحقيقية دون اي رتوش.

هؤلاء المجاهدون البررة، نقطة الضوء الوحيدة المشرقة في ظلام هذه الأمة الحالك السواد. ودماؤهم الطاهرة التي تنزف دفاعا عن المقدسات، وحماية لها، وتمردا على الخنوع العربي والإسلامي الذليل هي الاشرف والأنقى، ومبعث الفخر والكرامة والعزة.



*رئيس تحرير القدس العربي
جريدة القدس العربي
14/3/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.