أن العملية الانتخابية التي أجريت في العراق تحت مظلة الرئيس الأمريكي اوباما وبمرافقة الحكومة الإيرانية للميليشيات الطائفية تثير التهكم وتدعو الى السخرية والإستخاف بمن يقودون هذه الحملة والمكلفين للدعاية لها وخاصة الذين نسمعهم من على شاشات الفضائيات من أمثال الناطقين باسم بعض هذه الميليشيات او ممن نصب لإدارة الأعلام العراقي تحت الاحتلال وغيره من اللاهثين وراء الذهب ودولار النفط وعلى قليل من السلطة.
فبيمنا انكشفت للعالم أجمع مخططات إمبراطورية الجشع والإبادة والجرائم ضد الإنسانية والقتل باليورانيوم للمدنيين والأطفال لأجيال وقرون ضد شعبنا العراقي بحيث ان الإنسان الأوروبي العادي يمكنه وببساطة وبمعرفه لمصلحته هو أهداف حروب العولمة الجديدة ضد البشرية وبالأخص ضد العراق.
فالمواطن الفرنسي او البريطاني وهو ابن الديمقراطية - التي غدت اليوم شمولية - لن يخرج لك مقولة الديمقراطية الكاذبة، ويعلم انه لن يكون صادقا اذا تكلم عن التخليص من الديكتاتورية وعن النظام السابق لأن الإمبراطورية لم تأت لتخليص العراق من أي شيء بل العكس هو الصحيح أي تدمير هذا البلد لاستعماره وتفتيته وابتلاعه لقمة سائغة.
فإن الوكلاء العراقيين الذين يخوضون الانتخابات وبعد أن قبضوا أثمان أعمالهم من مجرمي وقتلة الشعب العراقي يستخدمون نفس أكاذيب المحتل وشركات دعايته وفرق موته من إعلانات الديمقراطية والبناء والتعددية وإنهاء الظلم ممارسين كل أنواع الإرهاب ضد الشعب العراقي للضغط عليه كي يذهب الى بيت طاعة الإمبراطورية ليتذوق طبق الديمقراطية الغربي الذي يأكله منذ سبع سنوات ويتقيؤه.
هؤلاء الوكلاء المصدقين بأن من أختارهم- أمريكي او إيراني - وأعطاهم الأهمية أنما أختاره لشخصه او أنه يريد ان يصدق انه اختير لشخصه وليس لعمل قذر ينفذه ضد شعبه ووطنه مقابل مبلغ او وظيفة تسلطية تلعب بأقدار وحياة الأبرياء وكل تاريخ الوطن.
هؤلاء الوكلاء المنبطحين أمام سادتهم والذين لا يفقهون من الديمقراطية شيئا ولا من الثقافة ولا من تاريخ العراق- فضيحة الشهادات المزورة والأخطاء الإملائية واللغوية في كل مرافق الدولة ومعاملاتها ومنها كتابة الشعارات والإعلانات المترجمة اما من الانكليزي او الإيراني - يعطون بكل وقاحة وصلافة دروسا للعراقيين في مزيد من الظلم والقتل والاجتثاث والتطهير العرقي والطائفي.
يتكلمون مثل روبوتات لقنت من ممثلي أعلام المحتلين الكلام والتهجم والبذاءة والإساءة للعراقيين عامة ،لكرامتهم ولجروحهم ولحزنهم ولأحوالهم المنكوبة ولمعتقداتهم ولأصولهم ولتراثهم وتاريخ كل واحد منهم وكل ما يمثله على ارض الرافدين منذ الأزل.
احد هؤلاء المرشحين الذي يردد بمناسبة وبغير مناسبة كلمة دولة رئيس الوزراء تملقا يقول لنا ان الشعب انتخبهم-يقصد الائتلاف - وقال كلمته الفصل - .لكنه لم يقل لنا لماذا أذن حملتكم الطائفية في جمع الأصوات وتوزيع الرشاوى والترغيب بالمناصب لهذا الشيخ وذاك في أنحاء واسعة في العراق وسب وتشويه الآخرين؟
هذه صحيفة 'نيويورك تايمز' تكتب بأن مرشحي الانتخابات يغدقون الهدايا على الناس لانتخابهم.هذا من يوزع زيت القلي والأخر من يوزع ملابس أطفال وأحذية صينية رخيصة والآخر من يوزع وتحت شعار( دجاجة في كل قدر) دجاج مستورد مجمد لمغازلة معدة العراقي الذي لا يستطيع شراء غذائه منذ وصول ديمقراطية بوش له.
وتكتب نفس الصحيفة بان رئيس الوزراء قدم بنفسه مسدسات لرؤساء العشائر تأكيدا من (دولته) على منهج العنف والاجتثاث للعراقيين الأبرياء ممن يرفضون الاحتلال.
برنامج ميلشيات الاحتلال وأحزاب العملية السياسية لا يمكنه إلا ان يكون برنامج استكمال للخطط الأمريكيةالغربية القائمة في العراق منذ سبع سنوات .
من أتى مع الدبابات يستمر بالعمل بأجندة بريمر وتشيني واوباما وجارة العراق التي لم تتغير. واكبر دليل هو استمرار التطهير العرقي والطائفي تحت أعين المحتلين المستحسنة لهذا الأداء (الراقي) الذي تعلموه من فرق الموت الإجرامية.
وآخر هذه العمليات الإجرامية تلك التي تمت بحق العائلات العراقية المسيحية وطردها من قراها وقصباتها لإرضاء أصدقاء السيد الطالباني والمتحمسين لإقامة وتأمين خط النفط كركوك - حيفا الذي لن يستقيم أمره الا بسيطرة مليشيات رئيس الجمهورية الذي خاطب بوش مرة وقال له خذوا كل شيء وخلصونا من صدام حسين ونسي في حماسه هذا أنه كان يقبل صدام حسين ويقبض منه الملايين بعد كل خدمة او أزمة يمر بها مع عدوه سيد المليشيات البرزانية.
ان العراقيين المسيحيين هم أصحاب هذه المدن والقرى وليس أكراد إيران ولا أكراد تركيا ولا حتى العراقيين الأكراد ولا صهاينة شمال العراق فكل التاريخ والآثار يشهد على ذلك رغم الأكاذيب المصنوعة في تل أبيب التي لا يقبلها حتى الأكراد الأصلاء الذين يعرفون ان هذه الممارسات لا تصب في مصلحتهم بل تذهب الى جيوب مافيات العولمة الذين ينهبوهم اليوم في مدنهم وأريافهم هم والعالم أجمع.
كيف ينتخب العراقيون وكلاء يدعون ان الشعب العراقي قد أختارهم ولا يريد الا غيرهم وهو يردد مقولة التعددية ؟ يتحدث بالمظلومية ويتمسك ويعتبر ان من واجبهم ان يجتثوا الوطنيين وكل من هو ضد الاحتلال، وكل من هو وطني لم ينخدع بأكاذيب المحتل وأصدقائه.
كيف ينتخب العراقي مرشحين لا يهمهم ان يطردوا مواطنيهم من بيوتهم ويشردوهم لكي يحل أجانب من دول أخرى محلهم ؟ الا يشكل هذا التطهير العرقي انتهاكا لحقوق الإنسان التي يتبجح هؤلاء بها ليل نهار ويتباكون من شاشات الفضائيات؟ لم يسمع العراقيون أي كلمة أزاء ما يجري ضد مواطنينا من مسيحيي العراق لا من متملق دولة رئيس الوزراء ولا غيره من المتملقين والمهرجين للاحتلال ؟
كذلك لم يسمع كلمة من أصدقاء الوكلاء من الوزير كوشنر صاحب شعارات التدخل الإنساني في شؤون بعض الدول والممر الإنساني ولا من ضمير أوربا الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان. بل ان الوزير الفرنسي أقترح أعطاء فيزا للمسيحيين العراقيين ليس لإنقاذهم بل للمساهمة في خطط التطهير العرقي في شمال العراق المعروفة أهدافها ومساعدة أصدقائه في تل أبيب.
إضافة للتطهير العرقي يبرر هؤلاء الوكلاء القتل والاجتثاث والملاحقات والسجن والاعتقال العشوائي والأوامر التي أصدرتها حكومة الاحتلال لملاحقة كل من يرفض الخنوع للمحتلين ويرفض صك الاستعمار طالما بقي في العراق دم يهدر ويسال.
ويتهجمون باستمرار وهم مرعوبون على البعثيين والوطنيين العراقيين. فقد عمم الاجتثاث كوصفة أساسية على كل الأصعدة مثل سلاح إبادة شاملة لكل ما هو عراقي وطني أصيل، سلاح إبادة للمقاومة العراقية ضد المحتلين.
كيف يمكن للعراقي تصديق المرشحين الذين يرددون من على شاشات الفضائيات العراقية والعربية أنهم سيحققون استقلال العراق ويعيدون له السيادة؟ هم الذين يستلمون رواتبهم من سلطات الاحتلال وغيره ويذهبون في كل صغيرة وكبيرة لاستشارة سفير الولاياتالمتحدة و بريطانيا ويخضعون لأوامر الجندي الأمريكي الواقف بباب المحمية الخضراء ولا يتجرؤون على الكلام معه.
أن الذهاب الى الانتخابات هو إعادة رؤية فلم الرعب نفسه بوجوهه الطائفية والعنصرية ممن أوكل لهم تجريف ذاكرة العراق وتاريخه. لقد باع هؤلاء العراق في توقيعهم اتفاقية العار ولن يتجرؤوا الا أن يستكملوا عقد البيع كاملا لكل العراق قطعة قطعة كما في المزاد
. والذهاب للانتخابات هو الذهاب مع حكومة ستستكمل بيع العراق بالمفرد كما في سوق النخاسة لمرابي العولمة وصندوق النهب الدولي. ان وكلاء المحتلين يشبهون أسيادهم ويتماهون معهم في التطرف والحقد الأعمى الذي لن يؤدي بهم إلا إلى التهلكة والانهيار.
إن الاجتثاث الجسدي والتاريخي والرمزي الذي يعجلون به في العراق باسم الطائفة والمظلومية منذ سبع سنوات يشبه بشكل كبيرهوس المحافظين الجدد الصهاينة-سكارى لهذا اليوم بخططهم في التعجيل بانهيار الاتحاد السوفييتي- الذين يقول عنهم هوبير فدرين وزير خارجية فرنسا الأسبق 'أنهم ليسوا محافظين بل - ثوريين 'يريدون تجريف ذاكرة البشرية للتأسيس لحضارة عولمية جديدة قائمة على جماجم الشعوب وإبادة الأوطان وبالأخص نهب الثروات.
ان هذه التوصيفات ربما تكون قليلة بحق غزاة ومجرمي تدمير العراق الذين نعتهم شومسكي المفكر الأمريكي قبل فترة بأنهم حتى أسوأ من المافيات.
فلا مشاركة في انتخابات مقاولي المال الحرام المنهوب والمرابين وتجار العبيد الجدد الذين نصبوا على صدر الشعب العراقي وعلى أرضه لنحر كل ما فيه من تعددية ومن جمال في الاختلاف، من كرامة ونخوة، من طيبة وعزة وأنفة وآباء، من تاريخ وتراث وعلم وإبداع.
ان الامتناع عن الذهاب للانتخابات والعصيان المدني الجماعي هو عمل وطني وعراقي وإنساني أصيل لوقف تقدم المحتل ووكلائه في تفصيل عراق جديد على شاكلة الشرق الأوسط الفاشل. فهل يريد العراقي ان يستيقظ ويجد ان بلده قد تحول الى يوغسلافيا ثانية ؟
ان الإنسان السوي يرفض ان يحفظ ماء وجه مجرمين يعرفهم حق المعرفة اقترفوا في حرب وغزو غير شرعيين إبادة شعب وإبادة وطن وإبادة ديانات في أرض الحضارات والديانات والقوانين من اجل الإنسانية فما بالك بالمقاوم الذي لا خيار له في مثل هذه الأوقات الا المقاومة من اجل وجوده ووجود أرضه وشعبه.