لا نعرف علي وجه التحديد، من هي الجهة التي روجت لفكرة عقد اجتماع للاتحاد البرلماني العربي في مدينة أربيل في شمال العراق، التي يتخذها حزب كردي عنصري معاد للعروبة والعرب مركزا له، وحولتها قيادات كردية انفصالية في السنوات الاخيرة الي عاصمة ما يسمي باقليم كردستان الذي صار بفضل الدعم الامريكي والصهيوني والايراني، شبه دولة لها رئيس وجيش وعلم خاص، وحكومة يقودها رجل لا يعرف كلمة عربية واحدة، بينما يتكلم الفارسية أفضل من السيد خامنئي، وبرلمان ثلاثة ارباع أعضائه يجاهرون علنا بان عرب العراق مستعمرون يجب محاربتهم، بينما يعتبرون احتلال العراق نعمة امريكية. وعندما يكشف النقاب في بغداد عن هدايا مليونية وسيارات مصفحة وفلل فخمة قدمتها قيادات حزبية كردية تتحكم في الشمال العراقي وتحكم في العاصمة بغداد الي أعضاء في برلمان المنطقة الخضراء لتمرير قانون تخصيص (17 بالمئة) من الموازنة السنوية للعام 2008، الي ثلاث محافظات كردية لا يتجاوز سكانها ثلث سكان العاصمة بغداد، وصحيفة هولاتي الكردية الصادرة في السليمانية نشرت ان تسعين مليون دينار هو الايجار السنوي لفيلا مخصصة لرئيس البرلمان العراقي الدكتور محمود الهاشمي في أربيل هدية من القيادة الكردية، يذهب اليها في المناسبات وكل خميس وجمعة للاستجمام وتغيير الجو، فان المراقب يتساءل: كم دفعت القيادات الكردية الي البرلمانيين العرب ليعقدوا مؤتمرهم القادم في اقليم بارزاني وطالباني؟ خصوصا وان هذا الاقليم ليس بلدا او دولة معترفا بها، وليس عضوا في الاتحاد البرلماني العربي، ومؤكد ان رئيسه عبد الهادي المجالي لا يعرف قادته الا من خلال الصور والتلفزة، وان أمينه العام نور الدين بو شلوج لم يتعرف عليهم الا قبل فترة وجيزة في زيارة يتيمة الي شمال العراق كان عرابها ودليلها المشهداني نفسه، ويشاع في الاوساط العراقية ان هذه الزيارة أنتجت صفقة عقد اجتماع للبرلمانيين العرب في اربيل وعلي نفقة حكومة الاقليم المشبوهة بسياساتها واموالها ومواردها، لاضفاء مسحة ديمقراطية علي الكيان الانفصالي، الذي فضحته التقارير الدولية مؤخرا، وكشفت ما يجري فيه من فساد واختلاسات وخراب، وايضا الاعتراف به من قبل مؤسسة عربية اسمها الاتحاد البرلماني العربي، رغم ان برلمانات دولية وليست عربية، في روسيا وفرنسا والصين، علي سبيل المثال اعتذرت عن ارسال وفود رسمية تمثلها الي اربيل مباشرة، مع انها تلقت دعوات فيها اغراءات وامتيازات تجارية وتلويحات بعقود نفطية. ومما يثير الشبهات في عقد مؤتمر للبرلمانيين العرب في مدينة او منطقة محظور علي العراقيين العرب زيارتها الا وفق (فيزا) مسّبقة وكفالة كردي وضمن مدة محدودة مما يوحي وكأنها دولة أجنبية، ان الاتحاد البرلماني العربي كمنظمة عربية له مقره وفروعه وشعبه في العواصم العربية، يفتح بابا غير مسبوق سابقا، في نقل اجتماعاته ومؤتمراته الي مدن ودول غير عربية مستقبلا، اجتماع في الفلبين وآخر في البرازيل اذا تلقي دعوة تغطي بطاقات السفر والاكل والنوم ومصروف جيب، واذا كانت الحجة ان اربيل مدينة عراقية، فهي عراقية بالاسم فقط ولا علاقة لها بالعراق اداريا وسياسيا، ويتذكر المسؤولون عنها العراق، عندما يتعرضون الي تهديدات من تركيا كما يحصل اليوم، وقبلها ايران كما حدث في الحادي والثلاثين من آب (اغسطس) 1996، وهم غيروا اسمها الحقيقي والاصلي (اربل) وتعني بالآشورية الاعمدة الاربعة الي هولير، فالمفروض في هذه الحالة ان يكون مكان الاجتماع في بغداد العاصمة، رغم تحفظاتنا علي طبيعة وتشكيلة وأداء البرلمان القائم فيها، علي أمل ان يطلع برلماني عربي شريف ويطلق من علي منبره صوته عاليا في شجب الاحتلال ونصرة الشعب العراقي وتوجيه التحية الي مقاومته الوطنية الباسلة، وبالتأكيد فان القيادات الكردية وهي تسعي الي جر البرلمانيين العرب الي مناطقها، وتوريطهم سياسيا واخلاقيا، فانها لا تنطلق من محبة العرب وهي التي تكره بغداد لانها عربية، وهذا ما سطره صديق الاكراد كما يوصف، الحاكم الامريكي السابق بول بريمر في كتابه (عامي في العراق) نقلا عنها، وليست حريصة علي اجتماع العرب وتضامنهم، وهي التي تآمرت علي العراق لانه عربي الهوية والحضارة والثقافة والتأريخ، وعملت علي تهميش عروبة العراق وتقسيم عرب العراق الي تصنيفات طائفية، لذلك من سابع المستحيلات ان يقدر السيد المجالي وزميله بو شكوج علي اقناع عرب العراق ان مؤتمر البرلمانيين العرب في اربيل، عاصمة اقليم كردستان المعلن من طرف واحد، والمنفصلة عن العراق وغير المرتبطة به، ما فيها (شي) أو مسألة عادية، بالعكس فان عقد مثل هذه الاجتماعات والمؤتمرات العربية برعاية مسعود وعلي نفقته وفي مقره والحديث في حضرته، اهانة للعراق العربي وتآمر علي سيادته ووحدة أراضيه، خصوصا وان الاحداث والوقائع في العراق أثبتت ان قادة الاحزاب الكردية لم يشاركوا في احتلال العراق ومساعدة الامريكان كأدلاء ومحرضين فحسب، وانما مارسوا التنكيل والتقتيل والتهجير وما يزالون ضد عرب كركوك والموصل وديالي، اضافة الي ما يقومون به في بغداد سيدة المدن وعنوان المجد العربي من سياسيات عرقية، اقصائية واجتثاثية وقمعية، واجراءات سلطوية واستحواذية، والسؤال الذي يقفز الي الذهن ولا يجد جوابا شافيا ووافيا هو: ماذا يجني الاتحاد البرلماني العربي من عقد اجتماعه أو مؤتمره في أربيل برعاية القيادات الكردية وعلي نفقتها، علي الصعيدين السياسي والتشريعي؟ خاصة وان كبار مسؤولي الاتحاد بمن فيهم رئيسه السيد المجالي وصاحبه الامين العام بو شكوج يعرفون جيدا من الاخبار والتقارير الصحافية والتلفزيونية الدولية، الاوربية والامريكية علي الاقل، ان ما يسمي بتجربة كردستان الديمقراطية هي كذبة كبري، فالمنطقة التي يزعم الشوفينيون الاكراد بانها جنة، تعاني من ويلات وكوارث وأزمات يومية يدفع ثمنها الانسان الكردي جوعا وحرمانا وبطالة، وآخر تلك التقارير، تقرير أصدره مركز ابحاث امريكي عرف بدفاعه عن الاحزاب الكردية وصداقته مع مسعود وجلال ومعاونيهما، وندواته العديدة في تحريض ادارة بوش علي اسقاط الرئيس صدام حسين واحتلال العراق بالقوة يقول: ان حلم المواطن الكردي البسيط بات اليوم، الهجرة عن كردستان الي اي مكان خارجها، بعد ان استفحل الظلم والاستعباد، وارتفعت مستويات الفساد والسرقات وتراجعت الخدمات واتسعت الاوبئة والامراض من الكوليرا الي انفلونزا الدواجن والطيور. واذا كان البرلمانيون العرب لا يعرفون انتهاكات القيادات الكردية ضد العراقيين من عرب وتركمان ومسيحيين ويزيديين وشبك، خصوصا وهم علي تماس يومي بالاحداث السياسية في العراق والوطن العربي، واطلاع علي الانباء والمعلومات التي تتناقلها الوكالات والفضائيات كما يفترض فتلك مصيبة، اما اذا كانوا يعرفون ويغمضون عيونهم عن الحقائق، فالمصيبة أعظم، وهذا يعني ببساطة ان من يعتبرهم العراقيون العرب، أخوة وأشقاء اصبحوا خصوما وأعداء، لا يختلفون عن اولئك الذين لا هم لهم ولا شاغل غيرالاساءة واضطهاد عرب العراق واتهام الدول العربية بلا استثناء بالارهاب الذي اختلقوا اصطلاحا جديدا له أسموه الارهاب العربي، رغم ان سيرتهم الموثقة بالوقائع والتواريخ والارقام، تثبت انهم ارهابيون بامتياز، وجرائمهم لم تطل جنودا وشرطة وموظفين وعمالا ومواطنين عربا فقط، بل امتدت حتي لابناء جلدتهم وقومهم والادلة والحيثيات موجودة ومحفوظة لا تقبل الجدل او الاعتراض، واسألوا اهالي وذوي ضحايا حروب حزبي بارزاني وطالباني في اعوام (1994 1998) في السليمانية واربيل وكويسنجق وشقلاوة وقلعة دزه وراوندوز وحلبجة وبنجوين وميركة سور وغيرها من البلدات والقري الكردية؟ ان الاتحاد البرلماني العربي باعتباره هيئة عربية ويحمل اسما عربيا ويضم اعضاء عربا، يرتكب خطيئة لا تغتفر ضد الشعب العراقي الذي يواجه اليوم قهر الاحتلال الامريكي وغدر الاحزاب والمليشيات الكردية الفاشية وشقيقاتها التنظيمات الطائفية، اذا استمر علي طريقه الاعوج وقبل بانتقال اعضاء ادارته وهيئاته الي اربيل، واجتماعها هناك بدولارات مسعود وحماية بيش ميركته، ويتحمل البرلمانيون العرب مسؤولية قومية وتاريخية تحاسبهم عليها الامة العربية لا محالة، اذا لم يمنعوا شيوخ وباشوات ورؤساء وأمناء اتحادهم من سلوكيات خيانية وتصرفات خاطئة، تلحق أضرارا بسمعتهم ومواقفهم وتسيء الي دولهم وبلدانهم، فرائحة الصفقة المريبة فاحت، وعيب علي من يدعي انه عربي سواء كان برلمانيا او انسانا عاديا ان يصافح أعداء العروبة ويأكل من فتات موائدهم المسمومة، ويقبض السحت الحرام من ارصدتهم الملوثة، علي شكل لقاءات او مؤتمرات او اجتماعات.