غزة رام الله.. أولا فؤاد حسين نتابع بكثير من الاستهجان الاعتقالات المتبادلة بين حماس وفتح في غزةورام الله، فالفصيلان الفلسطينيان الرئيسان، أنجزا بجدارة تحرير فلسطين، ولم يبق أمامهما سوى الخلاف على بعض التفاصيل الصغيرة.. السلطة!! لم يعد الشعب الفلسطيني يحتمل المزيد من المهاترات، فالقابعون تحت الاحتلال تحملوا طوال العقود الطوال الماضية؛ الجوع والاعتقال والقتل والتشريد والحصار من أجل عيون فلسطين، وليس كي يصبح رهينة للصراعات بين فصائله المقاتلة في تقاتلها على فتات ما تلقيه سلطات الاحتلال لهم. والشعب الفلسطيني في الشتات تحمل أكثر من نصف قرن معاناة التشرد والضياع والتضحيات ليرى فصائله المتقاتلة تقربه من حلم العودة، وليس حلم الكراسي الخاوية. لقد مل الشعب الفلسطيني تكرار فصول الملهاة التي يغرقه فيها المتصارعون على السلطة في غزةورام الله، وفقد الأمل في أن يحقق أولئك المتصارعون على المكاسب، حلمه الذي طال ، وبات مجبرا على البحث عن خيار ثالث، يعيد للشعب الأمل في تحقيق أهدافه، فلا أوسلورام اللهقربه من الحلم، ولا الشعارات الاسلامية في غزة أقنعته بالبديل، وبات للأسف يترحم على أيام الاحتلال الخوالي. فهل ثمة يأس أكبر من هذا، واليأس معروفة المسالك التي يودي اليها، وليس أقلها الكفر بكل طروحات الأخوة المقتتلين، وغير المقتتلين. فهل يستفيق الأخوة الأعداء من سباتهم قبل أن يلفظهم الشارع خارج وجدانه، وبالتالي خارج نطاق ثقته واهتماماته، الفلسطيني في المحتل من الأرض كان يقبل عن طيب خاطر كل المعاناة، وفي المقدمة منها فقدان الأمن حين كان الصراع دائرا مع العدو المحتل، لكنه لا يستطيع تحمل كل ذلك وأكثر ثمنا لصراع على كرسي غير موجود اصلا. غزة وحدها لا تصلح أن تكون دولة لتفرح حماس بسيطرتها على السلطة فيها، كذلك رام الله لا تصلح لذلك، وغزةورام الله معا ؟ ايضا ؟ لا يقويان على تشكيل نواة دويلة، فلم الصراع العبثي اذا على سلطة لا تسمن ولا تغني عن شيء، أم هو ارتهان للقرار الخارجي، وكأن التجربة اللبنانية الماثلة أمامنا، لا تكفي لنتعظ من فداحة ثمن ارتهان القرار المحلي للقوى الاقليمية والدولية، وكأن فلسطين لم تعد قضية مركزية للأمة، بل باتت بيدقا في لعبة صراع المصالح بين القوى الاقليمية والدولية. لقد بات واضحا لكل ذي عقل وبصيرة، أن ادارة بوش ستغادر البيت الأبيض دون الوفاء بوعدها إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهذا دأب ادارة بوش على مدى ثماني سنوات، فهي ذات الادارة التي وعدت بانجاز الدولة الحلم عام 2005، ولم تف بذلك. كما بات واضحا أن ايران هي الأخرى في طريقها لمقايضة فلسطين والعراق ولبنان، ببرنامجها النووي. مما سيسقط بيدي فتح وحماس رهانهما على تحالفهما مع القوى الدولية والاقليمية، ويبقى الشعب الفلسطيني وحده هو الذي يدفع الثمن الفادح لقصر النظر السياسي لفصائله. حين نقلت فتح البندقة الى كتف المفاوضات، التجأ الشعب الفلسطيني الى حماس أملا في أن تمثل البديل الذي يوصل الى تحرير الأرض، بعد أن تبين عبثية المفاوضات، لكن حين دخلت حماس لعبة الانتخابات، متخلية عن تحفظاتها السابقة على العملية الانتخابية والمشاركة في سلطة رسمت أطرها اتفاقية أوسلو، باتت نموذجا مكررا للسلطة الفلسطينية، لكن بغلاف اسلامي، مما يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد انفضاضا جماهيرا عن كلا الفصيلين، وربما تلجأ الجماهير الى خيار سيكون بديلا لهما، لعله يقرب الحلم الفلسطيني الى أرض الواقع. عن صحيفة الرأي الاردنية 30/7/2008