ثمن الفشل في أفغانستان السير سيريل تاونسيند وأعرب اللورد آشداون عن مخاوفه من أن يكون حلف «الناتو» قد بدأ سلفاً خسارة المعركة من أجل كسب العقول والقلوب في أفغانستان. و«الدليل أن المعركة حول تحقيق هذه الأهداف، إنما هي معركة من أجل كسب الرأي العام لصالح الأطراف المتنازعة هناك. والشاهد أن معدلات التأييد الشعبي للحلف بدأت في التراجع الملحوظ، مما يعني صعوبة رفع تلك المعدلات وتحسينها، ما أن تبدأ بالانزلاق والهبوط. وفيما نعلمه فإنه ليس في مقدور أي قوة محتلة أن تعيش في هامش حياة الدولة المحتلة، مهما قصرت الحياة الهامشية المتخيَّلة تلك». وإنه ليسهل جداً وصف المصاعب الماثلة في أفغانستان الآن. فهناك القوى المناوئة لحكومة كابول، بما فيها قوات «طالبان» المدحورة التي بدأت تستعيد قوتها وتركز هجماتها على قوات حلف «الناتو» والحكومة الأفغانية، وهناك مقاتلو تنظيم «القاعدة» المتحالف معها، إضافة إلى عصابات الجريمة المنظمة ذات الصلة بتجارة المخدرات، والجماعات القبلية المتعاونة معها. وقد رسمت مجلة «ذي إيكونومست» في عددها بتاريخ 10 يونيو الماضي صورة في غاية القتامة عن الوضع الفعلي هناك بقولها: «مما يزيد الوضع الأمني تعقيداً وصعوبة، وجود مافيا تمولها تجارة المخدرات التي تصل عائداتها إلى مليارات الدولارات سنوياً، مع العلم بأن أنشطة هذه المافيا تذللها وتوفر لها التغطية اللازمة، ظاهرة الفساد المستشرية في أفغانستان. بل لابد من أن نضيف، أن تولي بعض لوردات المخدرات السابقين للوظائف الحكومية في بعض الحالات، يطعن كثيراً في نزاهة ومصداقية الحكومة الأفغانية وحلفائها الخارجيين». وفي المقابل، فإنه لم يحدد مكان اختفاء أسامة بن لادن، زعيم تنظيم «القاعدة»، ولا رفيقه الملا عمر، زعيم حركة «طالبان»، خلال السنوات الخمس الماضية، كما لم يقتل أي منهما. بل تمكنت الجماعات الإرهابية من استثمار السنوات نفسها، في إعادة تجميع صفوفها، وبدأت بشن هجماتها المضادة لحكومة كابول وقوات «الناتو» المساندة لها منذ فصل الشتاء الماضي. وفي الوقت ذاته، تحولت المدارس الإسلامية الباكستانية، إلى مفرخة للمقاتلين التابعين لها. يضاف إلى هذا كله، أن لحركة «طالبان» كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، بما فيها بعض التكنولوجيا المتطورة، مثل تلك التي استخدمت مؤخراً ضد قوات التحالف الدولي في العراق. وإني لأفخر مثل كثيرين غيري من المواطنين البريطانيين، بمشاركة القوات البريطانية وقيامها بواجبها في دعم القوات الأفغانية. وكما نعلم فقد تم نشر ما يزيد على 750‚36 جنديا ينتمون إلى 37 دولة من شتى أنحاء العالم في أفغانستان، إلا أن معطيات الوضع الميداني، تشير إلى تنامي الحاجة الملحَّة لنشر المزيد من آلاف الجنود الدوليين هناك. ولنذكر أنه كان قد سبق للاتحاد السوفياتي أن نشر ما يزيد على المليون جندي من جنوده في أفغانستان، خلال سنوات اجتياحه لها بين عامي 1979 و1989، قبل أن يرغم على الانسحاب منها في نهاية الأمر. وعلى رغم الهزائم التي يتعرض لها مقاتلو «طالبان»، في أي مواجهة عسكرية لهم مع قواتنا البريطانية، إلا أن قراءتي للوضع العسكري من على بعد، تقول لي إن هذه ليست بالحرب التي يسهل علينا الفوز بها، خلال السنوات القريبة المقبلة. على أنه يلزم الاحتراز من التداعيات الدولية، التي ربما تنجم عن فشل الغرب في جهوده المبذولة في كل من العراق وأفغانستان.