تعيش الجالية الاسلامية في بريطانيا التي يقرب تعداد افرادها المليونين، معظمهم من الكفاءات العلمية ورجال الاعمال، حالة من الغضب بسبب سماح الحكومة البريطانية للسياسي الهولندي العنصري غيرت ويلدرز بدخول اراضيها، والقاء محاضرات والمشاركة في ندوات نظمها اليمين البريطاني المتطرف ليبث من خلالها سمومه واحقاده ضد الاسلام والمسلمين. فهذا السياسي الذي يتباهى بانتاج شريط مصور يتهجم فيه على الاسلام ورموزه، ويطالب بتحريم دخول القرآن الكريم الى البلاد، سينقل اهاناته وتطاولاته هذه الى بريطانيا تحت شعار 'حرية التعبير' تماما مثل زميله الدنماركي الذي نشر رسوما كارتونية مسيئة للرسول الكريم (صلعم). لا نعارض حرية التعبير ولكننا نعارض حرية الاساءة لاتباع الديانات السماوية الاخرى من قبل ساسة عنصريين غوغائيين انتهازيين لا يهمهم التعايش بين الشعوب والديانات، وانما تحقيق مصالح انتخابية رخيصة. بريطانيا رفضت السماح للعلامة الاسلامي الدكتور يوسف القرضاوي من دخول اراضيها، وهو الانسان المعتدل، تحت تهمة واهية بالتطرف، وتحت ذريعة الحفاظ على الامن والتعايش بين الاديان. ولم يقل احد ان منعه وهو الشيخ الجليل يتعارض مع حرية التعبير. الدكتور القرضاوي لم يتطرق مطلقا للديانات السماوية الاخرى واتباعها باي سوء في جميع خطبه ومحاضراته، بل كان دائما داعية للحوار بين الاديان واتباعها، لتعميق روح التسامح والتعايش، ومع ذلك يتعرض للمنع وحملات التشويه والتحريض من قبل اوساط اعلامية وسياسية نافذة. فاذا كانت المسألة مسألة حرية تعبير، مثلما يحاول البعض تبرير ثقافة الكراهية والتحريض التي يتبناها ويلدرز وامثاله، فلماذا وتحت المعيار نفسه، لا يتم السماح لزعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، ونائبه الدكتور ايمن الظواهري باجراء سلسلة من المحاضرات والندوات في اوساط الجاليات الاسلامية على طول اوروبا وامريكا وعرضهما؟ العالم الغربي، وفي ظل ظاهرة 'الاسلاموفوبيا' المنتشرة في اوساطه بقوة منذ احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2000، بات يتخلى عن ابرز انجازاته، وهي التسامح ومحاربة الفاشية والعنصرية، ويسمح تدريجياً للجماعات اليمينية المتطرفة بالتمدد في اوساطه المجتمعية، الامر الذي قد يؤدي الى نتائج وخيمة على امنه واستقراره. ففي ظل هذا التوجه بدأت الاحزاب المتطرفة تحقق نجاحات في الانتخابات المحلية والاوروبية، مثل حزب ويلدرز اليميني الذي يعتبر من اكثر الاحزاب شعبية في هولندا، والحزب الوطني البريطاني الذي فاز بمقاعد في البرلمان الاوروبي ويستعد زعيمه للظهور في احد اشهر برامج محطة التلفزيون البريطانية شبه الرسمية (B.B.C) للتعبير عن وجهة نظره العنصرية بكل حرية.