أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي للرئيس الأنجولي    منال عوض تلتقى مع المدير التنفيذي لمركز البيئة والتنمية للمنطقة العربية وأوروبا لبحث سبل التعاون    جوتيريش يعين العراقي برهم أحمد صالح مفوضا ساميا جديدا لشؤون اللاجئين    الإعلام الحكومي بغزة: 12 شهيدا ومفقودا جراء المنخفض الجوي وانهيار المباني    الاحتلال الإسرائيلي يستهدف تدريبات "قوة الرضوان" في جنوب لبنان    تقارير إعلامية: 3 أندية أوروبية تهدد حلم برشلونة فى ضم جوهرة الأهلي    ضبط 27 شركة بدون ترخيص للنصب على المواطنين بزعم تنظيم رحلات حج وعمرة    بالصور.. أحدث ظهور للفنان تامر حسني بعد وعكته الصحية الأخيرة    الرقابة الصحية تحصل على اعتماد ISQua EEA لدليل معايير اعتماد مراكز العلاج الطبيعى    الشناوي يكشف كلمة السر في بطولات بيراميدز الأخيرة    ذا صن: تفاصيل اجتماع سري بين صلاح وهيندرسون في لندن    «الزراعة» تضبط مخزن لتهريب الأسمدة المدعمة بالمحلة    شروط بطاقة ترامب الذهبية لدخول الولايات المتحدة    نفاد تذاكر دخول المصريين للمتحف الكبير    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    ما حجم التطوير في مستشفى قصر العيني وأهم التحديات؟..رئيس جامعة القاهرة يجيب    أسعار الفراخ اليوم تصعق المربيين.. الكيلو ب 35 جنيه    جامعة المنصورة تشارك في المعرض الدولي لتسويق مخرجات البحوث والابتكار    القوات الروسية تعلن تدمر 90 طائرة أوكرانية مسيرة    رحيل الناشر محمد هاشم مؤسس دار ميريت    28 لاعبًا في قائمة نيجيريا استعدادًا لأمم إفريقيا 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    الأهلي يراقب 4 لاعبين في مركز الظهير الأيسر    سلوت: أرغب فى بقاء محمد صلاح مع ليفربول.. وأنا صاحب التشكيل    طقس اليوم.. أجواء باردة وانخفاض بالحرارة وأمطار على هذه المحافظات    وزير الثقافة يعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر ال37 بالعريش    3 ضحايا في انهيار حفرة تنقيب داخل منزل بعزبة الحادقة بالفيوم    الحصر العددي، المرشحون الأكثر حصولًا على الأصوات في انتخابات النواب بالمنيا    انطلاق انتخابات مجلس إدارة نادي محافظة الفيوم وسط انضباط وتنظيم محكم    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    جوائز مهرجان البحر الأحمر السينمائي في نسخته الخامسة    ترامب يوقع أمراً تنفيذيا لمنع الولايات من صياغة لوائحها الخاصة بشأن الذكاء الاصطناعي    الصحة: إغلاق مركز Woman Health Clinic للعمل دون ترخيص وضبط منتحل صفة طبيب    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    أيمن الجميل: أدعو رجال الأعمال للاستثمار في التصنيع الزراعي والاستفادة من النجاحات التنموية الكبرى وزيادة فرص التصدير    أمريكا تغرق.. فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء جماعية بولاية واشنطن    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    القطري عبد الرحمن الجاسم حكما لمباراة بيراميدز وفلامنجو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    نتيجة الحصر العددي للدائرة ال 5 بحوش عيسى بانتخابات النواب بالبحيرة    ياسمين عبد العزيز: خسرت الفترة الأخيرة أكثر ما كسبت.. ومحدش يقدر يكسرني غير ربنا    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    اللجنة العامة بأسيوط تستقبل محاضر الحصر العددي اللجان الفرعية استعدادا لإعلان النتيجة (فيديو)    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



55 عاماً على ثورة 23 يوليو
نشر في محيط يوم 30 - 07 - 2007


55 عاماً على ثورة 23 يوليو
علي جرادات
بصرف النظر عن وجهة نظر المحلل، لناحية اتفاقه أو اختلافه الفكري والسياسي مع قادة ثورة 23 يوليو المصرية، فإنني أعتقد أن مِن المغالطة انكار الدور الذي لعبته الثورة الناصرية، على النطاقين الوطني المصري والقومي العربي، ولصالح القضية الفلسطينية، ولصالح المشروع القومي العربي في مواجهة المشروع الأميركي الإسرائيلي عموماً، بل وفيه كثير مِن التجني عدم رؤية هذه الثورة كنقطة تحول نوعي في الواقع العربي، كان ما قبلها غير ما بعدها، وكان ما قبل اجهاضها غير ما بعده.
ما سلف مِن استخلاص حول الثورة الناصرية بعد مرور 55 عاماً عليها، لا يعني أنها كانت دون أخطاء أو ثغرات أو نواقص أو خطايا أحياناً، بل يعني رؤية الاتجاه العام لأثرها الايجابي البارز، لا تلغيه، ولا يجب أن تحجبه، النتائج الكارثية لهزيمة عام 1967، كأكبر ضربة تعرض لها المشروع القومي الناصري، فتعرضه لعدوان 1967 والعدوان الثلاثي (البريطاني الفرنسي الإسرائيلي) عام 1956، يعكس ما مثله مِن محاولة للنهوض القومي في وجه المشروع الاستعماري عموما، والرد على واقعة "النكبة" الفلسطينية تحديداً، وكانت حرب الاستنزاف التي خاضها الجيش المصري بعد هزيمة 1967، علاوة على بدء الاعداد لحرب عام 1973، دلائل يصعب تجاهلها على جدية المحاولة القومية الناصرية، ومؤشرات أكيدة على صدقية زعيمها وجديته وعمق انتمائه الوطني والقومي، ما يفسر شراسة الهجوم الأميركي الإسرائيلي ضده.
شكلت الثورة الناصرية المحاولة المصرية الثانية للنهوض القومي في التاريخ العربي الحديث والمعاصر، وسبقتها المحاولة الأولى لمحمد علي باشا وابنه ابراهيم، لكن المحاولة الناصرية انطوت هي الأخرى على العديد مِن الثغرات الداخلية، وشقت طريقها عبر وقائع عربية داخلية مجافية، وهجمة خارجية شرسة، ما جعلها محاولة وحيدة الجانب، لم تعضدها جدياً المحاولات العربية الأخرى، بل كان هناك مَن تآمر عليها وناكفها، ما أدخلها في دوامة التناقضات البينية والبنيوية للنظام الرسمي العربي في مرحلة تجزئة وأحلاف ما بعد الاستقلال الوطني.
انهارت المحاولة، وجرى الارتداد عليها واجهاضها في نهاية المطاف، ولم تصمد أمام متطلبات التجديد والمتغيرات والصراع مع المشروع الأميركي الإسرائيلي، بل تبقرط نظامها ووقف في منتصف الطريق وتثاقل وتراجع وارتد على منطلقاتها، وساهم في اجهاضها مِن داخلها بعد سنوات معدودة على رحيل زعيمها، أي لم تصمد المحاولة أمام امتحان التاريخ، الذي لا صدقية لغيره في نهاية المطاف، وثبت في التحليل الأخير، أنه لا ضمان لمسيرة حركات التحرر والاستقلال الوطني دون توفر الشرط الديموقراطي الداخلي، وأنه لا يمكن الاستغناء عنه لمواصلة المشوار، وأن أي إخلال به يشكل وصفة أكيدة للتراجع والارتداد والنكوص وانفضاض الشعوب عن قياداتها التي انجزت الاستقلال الوطني مِن المحتل الأجنبي.
ولكن انهيار المحاولة الناصرية للنهوض القومي العربي، هو شيء آخر تماماً عن القول: إن منطلقاتها والحاجات الموضوعية التي عبرت عنها قد توقفت، أو أنها كانت نزوة ذاتية لمن قادها وتحمَّل أعباءها، لأنها جاءت حصيلةً عامة لتفاقم تناقضات داخلية وخارجية في الواقع العربي، وتعبيرا عن الصراع بين المشروع القومي العربي والمشروع الأميركي الإسرائيلي. وهذا ما لا يمكن أن تطمسه محاولات واشنطن وتل أبيب اظهار الصراع كما لو كان صراعاً مع جهات عربية بعينها، يجري تحديدها وفقاً لمستوى الخطورة في كل مرحلة، لأن الصراع في الواقع والجوهر، هو صراع بين المصالح والطموحات الأميركية الإسرائيلية في الهيمنة والنهب والاستحواذ.
وبين مصالح الشعوب العربية وطموحاتها في التحرر والتنمية والتوحد، ما يجعل وقف هذا الصراع، واجتثاث عوامل تفجيره، وتجدده بهذا الشكل أو ذاك، أمرا مستحيلاً، حتى لو خفتت حدته في هذه المرحلة أو تلك، أو تم ضرب هذه المحاولة أو تلك مِن محاولات التعبير عنه، بل هو صراع يتفاقم بصورة موضوعية ويتعمق باستمرار، لعبت فيه القضية الفلسطينية وجوهرها قضية اللاجئين، وما زالت تلعب عاملَ تأجيجٍ محوريا، وإن مَرَّ في تعرجات والتواءات تجلت على شكل هزائم وانتصارات لطرفي الصراع تبعاً للشروط الملموسة وتطور القوى الاجتماعية المنخرطة فيه وللتغيرات الحاصلة في نسبة ميزان القوى بالمعنى الشامل في كل مرحلة، فما بالك بعد احتلال العراق، الذي افرز قضية ثانية للعرب، ليصبحوا بقضيتين بدل قضية واحدة، ما يعطى الصراع أبعاداً جديدة وطابعا متعمقاً وممتداً وواسعاً.
ما تقدم يفرض سؤال: بعد 55 عاما على الثورة المصرية، المحاولة القومية الأبرز للنهوض القومي في مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني وانتهاء حقبة الاستعمارالمباشر، أين كان العرب؟ وأين أصبحوا؟
قلت سابقا، وكتبت في موقع آخر، إنه بعد 55 عاما على الثورة الناصرية، وبعد نصف قرنٍ على موجة الاستقلال وانتهاء حقبة الاستعمار المباشر للبلدان العربية، بما تخللها مِن نجاحات، لم تثمر في التحليل الأخير عن بناء دولة قومية، مثلما لم تحمِ فلسطين، بل وتعرض العراق للاحتلال المدمر، ووصل المشروع القُطري إلى طريق مسدود، ولم يستطع بناء دولة وطنية ديمقراطية ومستقلة اقتصاديا.
بمقارنة التجربة العربية ومحاولات مشروعها القومي، وأبرزها المحاولة الناصرية، بالمشروع القومي الهندي واللاتيني والصيني، نجد أن الأخير أحرز خطوات نهضوية تنموية بعيدة المدى بعد أن انتفض على المحتل الأجنبي، وحقق تحولات اجتماعية لصالح المرأة، وضرَبَ العشائرية والخرافات الغيبية، وأنجز تحولات لصالح الفئات الشعبية، ناهيك عن بلورة حركات اجتماعية وصيغ قانونية تكفل حياة ديمقراطية بهذا القدر أو ذاك.
كل ذلك بما يفوق كثيرا التجربة العربية، التي وضعتها التبعية للمشروع الأميركي في وضعية تكاد تكون خارج التاريخ مِن ناحية مساهمتها في العلوم والصناعة والسياسة الدولية، إلى درجة أن يقول تقرير الأمم المتحدة أن أفريقيا تتصنع والعرب لا، والأمية تندثر في جنوب آسيا فيما هي 40% لدى العرب، وعائدات النفط التي تناهز 700 مليار $ سنويا بالكاد تستطيع أن تبنِ مدينة عصرية، علاوة على التناقضات البينية والبنيوية بين النظم الرسمية العربية، التي تنتهج نظام التوريث في الحكم، ولا ترى في شعوبها أكثر مِن "رعايا" يجري حكمها خارج سلطة القانون وسيادته.
وفي العقدين الأخيرين، وفيما يشهد العالم تكتلات كبرى، نجد العرب ينتقلون مِن التجزئة القومية إلى التقسميات المذهبية والطائفية، ما يعطي الاحتكارات المتعدية الجنسية فرصةَ استهدافِ ثروات العرب وجغرافيتهم وحقوقهم و"قضيتهم الأولى فلسطين"، علاوة على محاولات تخريب الشعوب واستحداث حوامل اجتماعية مرتهنة في أوساطها.
ما سلف وسواه في الواقع العربي يؤجج التناقضات الداخلية والخارجية ويستدعي إرادة التغيير، تجلى في لبنان بانتصار مقاومته عام 2000 بتحرير الجنوب، وتفشيل العدوان الإسرائيلي في 2006، وفي فلسطين بالصمود رغم الشرخ الداخلي القاتل، وفي العراق الذي رغم ما يشهده مِن عملية ذبحٍ مبرمجة وفتنة مذهبية وتقسيمية متصاعدة، تندفع وطنيته الجامعة بمقاومة باتت تترنح معها القوات المحتلة التي ناهزت خسائرها آلاف القتلى ومئات مليارات الدولارات، إلى درجة أن يدعو الحزب الديمقراطي الأميركي وبعض الجمهوريين صراحة لجدولة الانسحاب.
وفي مصر يسقط التطبيع في الأوساط الشعبية والثقافية وتضغط القوى المجتمعية لإدخال إصلاحات على سياسات النظام الداخلية والخارجية وتحرير مصر مِن التبعية لتعود وتضطلع بدورها القيادي للعرب، بعد ثبوت أن الأمن الوطني المصري يترابط بنيويا بالأمن القومي العربي، وأنه لا مشروع تنمويا مصريا دون مشروع تنموي عربي، بحسبان ثورة 23 يوليو وزعيمها الراحل عبد الناصر، الذي لم يجرِ سد الفراغ الذي تركه كصاحب مشروع قومي، جعل للعرب في العالم شأناً لم يكن لهم قبله، وكان أكثر أصحاب المشاريع القومية العربية التصاقاً بالقضية الفلسطينية، التي بفقدانه والارتداد على مشروعه خسرت الكثير مِن عمقها القومي، وما زالت.
عن صحيفة الايام الفلسطينية
30/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.