الضياع بين شروط مشعل وشروط عباس عبد الله ربحي كمن يتحدث على ارضه وبين جمهوره تحدث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل امام مفكري الحركات الاسلامية والدعاة الذين اجتمعوا في الدوحة في مؤتمر الامام القرضاوي. مشعل كان محقا عندما أبدى استعداده للحوار مع الرئاسة الفلسطينية تحت رعاية عربية اسلامية وحدد اساس الحوار باعادة بناء الاجهزة الامنية واقامة حكومة توافقية كاملة الصلاحيات، وكان محقا عندما اكد على شرعية الرئيس الفلسطيني والمجلس التشريعي واتفاق مكة، ولكن الرجل وان تكلم بما هو حق كثيرا فقد تكلم الباطل من باب دعائي محض، فالرجل ابتدأ حديثه بالتحريض على «اعدائه» السابقين في غزة وقال ان ذوات النقاب والحجاب لم يكن آمنات بسبب الاجهزة الآمنية . وهنا وقع مشعل في مغالطة هو في غنى عنها فالشعب الفلسطيني قبل حماس وقبل فتح هو شعب عربي مسلم له تقاليده التي لم تجرؤ أية مؤسسة امنية فلسطينية على امتهانها. مشعل اعتذر لله وللشعب الفلسطيني عن التصرفات الفردية التي قام بها البعض خلال استيلاء حماس على غزة، وقال ان ذلك لا يشكل منهج الحركة ولو اكتفى مشعل بذلك لقلنا انه يعرف ما فعل اعضاء التنفيذية «المنضبطون» ويستنكره لكن الرجل ادعى ان معظم ما ارتكبه افراد التنفيذية كان تلفيقا وان عناصر من فتح هم من القى بفتى فلسطيني من على سطح مبنى وليس حماس وان الأمر اختلط على والد الفتى لان الرجال كانوا ملتحين وهنا غالط مشعل نفسه من جديد فهو الذي بدأ حديثه بادعاء ان عناصر الامن وعناصر فتح كانوا يقتلون المواطنين في غزة لانهم ملتحون وعند حديث مشعل عن «ملائكة» التنفيذية يتبادر الى الذهن ان الرجل لا يتابع قناة الاقصى التابعة لحماس التي عرضت مرارا صور القتل والاغتيال البشعة التي مارستها القوة التنفيذية بحق قوات الامن بكل تشف وكأن مشعل لا يعلم بعمليات الإعدام والمحاكمات الصورية التي اجراها رجال التنفيذية بحق قوات الامن الفلسطينية . مشعل محق عندما يرفض اتهامات رئيس السلطة الفلسطينية الظالمة لحماس بأنها تسهل تغلغل القاعدة لمناطق السلطة لكن لا حق للرجل اطلاقا في قسم الفلسطينيين، الى فسطاطين أحدهما خائن عميل يرتبط بالاميركيين والاسرائيليين كما أخطا الرجل عندما جرد منظمة التحرير الفلسطينية من شرعيتها وادعى ان باقي الفصائل وخصوصا فتح هي من رفضت دخول حماس والجهاد الاسلامي للمنظمة . لا احد ضد دعوة رئيس المكتب السياسي للحوار ولكن شروطه لا تبدو عملية فهو يريد الحوار شرط تشكيل حكومة وحدة وطنية كاملة الصلاحيات وهو يعلم تماما ان ذلك لم يعد ممكنا الآن بعدما اعطى فرصة اقصاء حماس سياسيا لعباس وبعد ان فشلت جميع الحكومات الائتلافية بسبب رفض حماس الاعتراف بالوضع الخاص للسلطة الفلسطينية وتعنت فتح في نقل الصلاحيات لحماس ويشترط مشعل ايضا تشكيل اجهزة امن جديدة تتشكل من القوى الوطنية «المقاومة» تتسلم المقار الامنية في غزة والجميع -وربما الرئيس عباس يتمنى ذلك- ولكن مشعل يعرف تماما استحالة تسلم حماس او اية قوى معارضة لاوسلو لاجهزة الامن التي يفترض بها رعاية وقف اطلاق النار وتمهيد الاجواء لاستئناف عملية التفاوض . شروط مشعل لاستئناف الحوار تبدو نظريا اسهل من شروط الرئيس عباس ولكنها عمليا تعني نسف اوسلو ومنظمة التحرير وهذا خارج عن ارادة الفلسطينيين في هذه الفترة على الاقل . عن صحيفة الوطن القطرية 19/7/2007