ازدواجية «حماس» تعكس انفصاما في الفكر مكرم محمد أحمد أيا كانت الأسباب وراء تغير مواقف حماس واعتبارها التهدئة مصلحة فلسطينية عليا، يستحق المحاكمة بتهمة التواطؤ مع إسرائيل، كل من يسعى للخروج عليها، فالأمر الذى لاشك فيه، أن حماس ترى في استمرار التهدئة ونجاحها مصلحة أساسية تلزمها أن تتعهد بالدفاع عنها وفرضها على كل الفصائل بقوة السلاح إن لزم الأمر، رغم أن التهدئة لا تعدو أن تكون مجرد ترتيبات أمن متبادلة مع إسرائيل، موقوتة في الأغلب، تلتزم الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بموجبها عدم إطلاق صواريخ القسام على المدن الإسرائيلية القريبة من الحدود، وتلتزم إسرائيل فى المقابل بوقف عمليات اجتياح القطاع ومطاردة كوادر هذه التنظيمات ورفع الحصار عن غزة، لكن التهدئة في حد ذاتها لا تفتح بابا جديدا لتسوية الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ولا تعني تزايد فرص نجاح الحوار الفلسطيني في تحقيق وحدة الموقف الفلسطيني! على العكس يكاد يكون قبول التهدئة في سياقها الراهن بعيدًا عن أي أفق سياسي اعترافا من جانب حماس بأن المقاومة الفلسطينية تواجه حائطا مسدودا في ظل الانقسام الراهن داخل الصف الفلسطيني، واستمرار الوضع الانفصالى في قطاع غزة الذي ضاعف من معاناة الشعب في القطاع، وغياب التحديد الواضح بين ما يمكن اعتباره عملا مشروعا من أعمال المقاومة وما يمكن توصيفه بأنه مجرد عمل إرهابي، واستحالة اعتماد حماس على برنامج سياسي لا يحظى بمساندة الشرعية الدولية تتحدد أهدافه بصورة عقائدية بعيدا عن سياق المتغيرات الدولية وحقائق الواقع في العالم العربي وموازين القوى في المنطقة. وإذا كان قادة حماس يعتمدون الآن في لقاءاتهم مع عدد من ممثلي الغرب لغة جديدة، تعترف بأن حلم فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر أصبح بحكم الأمر الواقع نوعا من السراب فات أوان تحقيقه، وأن الحقائق على الأرض تفرض على الفلسطينيين الآن قبول التعايش مع إسرائيل فى دولة فلسطينية تقوم على أرض الضفة والقطاع التي جرى احتلالها بعد حرب 67، فلماذا لا يجلس قادة حماس إلى نظرائهم في الداخل من قادة التنظيمات الفلسطينية الأخرى من أجل ابتداع برنامج سياسى فلسطيني مشترك، تتوحد من أجل تحقيقه كل جهود الفلسطينيين، أم أن حماس تفضل أن يكون لها برنامج سياسي سياحي للاستهلاك الخارجى يُحسن صورتها فى الخارج، بينما تتكلس مواقفها في الداخل حول شعارات جامدة وبرنامج سياسي هو السراب بعينه لا تسانده الشرعية الدولية ولا يحظى بموافقة عربية. ولو أن حماس أرادت أن تعطي التهدئة مغزاها الصحيح لتصبح إضافة قوة إلى الموقف الفلسطيني لكان لزاما عليها أن تنهي هذه الازدواجية التي تعكس انفصاما في الفكر وتعلن بشجاعة سقوط برنامجها السياسي القديم الذي أوصل المقاومة المسلحة إلى حائط مسدود!. عن صحيفة الوطن القطرية 2/7/2008