لعبة الحرب النفسية بين المخابرات المصرية والإسرائيلية محمد صادق دياب هل نشهد قريباً دراما مصرية بحجم «رأفت الهجان» بطلها هذه المرة أشرف مروان؟.. أغلب الظن أن الكثير من كتاب الدراما قد أشهروا أقلامهم من غمدها ليكتبوا سيرة ذلك الرجل، خاصة بعد تبرئة الرئيس المصري حسني مبارك له، ونعته بأجمل النعوت، إذ قال عنه مبارك: «إن أشرف مروان قام بأعمال وطنية لم يحن الوقت بعد للكشف عنها»، وإنه كان بالفعل مصرياً وطنياً ولم يكن جاسوساً على الإطلاق لأية جهة، وان الرئيس ذاته يعلم بتفاصيل ما كان يقوم به أشرف مروان لخدمة وطنه. هذه الشهادة من أعلى الهرم في الدولة المصرية يفترض أن تسكت كل الأصوات التي شككت في وطنية مروان، وكالت له الاتهامات، فالصراع بين الاستخبارات المصرية والإسرائيلية صراع تاريخي ومستمر، ولا يزال عملاء إسرائيل في مصر يتساقطون تباعا، أمثال: محمد عصام العطار، وعزام عزام، ومحمد سيد صابر، وغيرهم.. في الوقت الذي نجحت مصر في تحقيق اختراقات هامة داخل إسرائيل من خلال أفراد مصريين استطاعوا تضليل جهاز الموساد طويلا كرفعت الجمال «رأفت الهجان»، وجمعة الشوان، وأشرف مروان. الذي ستكون قصته بكل المعايير أكبر حجما، وأكثر إثارة من حكايات الآخرين، فهو لم يكن مجرد رجل عابر في زمن عابر، إنه صهر الزعيم جمال عبد الناصر، ورجل الرئيس السادات، والمسؤول في قطاع المعلومات الرئاسية في مصر على مدى سنوات، فأن يلعب مروان دورا تضليليا للمخابرات الإسرائيلية الموساد، ويتلقى منها كما يشاع نحو ثلاثة ملايين دولار، فذلك دور لا بد أن يتسم بالبراعة والدقة والإثارة. وقد تأخر المصريون في إبراز دور مروان الوطني، ولم يستثمروا نجاحاته إعلاميا كما استثمروا نجاحات جمعة الشوان، ورأفت الهجان وغيرهما، فبقاء الرجل كلاعب في الساحة الاقتصادية العالمية ربما أدى إلى تأجيل ذلك الكشف، وإطلاق المعلومات، في انتظار الزمن المناسب، وأخال الشهور القادمة ستكون حافلة بإضاءة الجزء الغامض من سيرة أشرف مروان، فلعبة الحرب النفسية بين المخابرات المصرية والإسرائيلية لم تنته بعد. وحسنا فعل الرئيس المصري حسني مبارك في الإسراع بتبرئة الرجل، والحديث عن وطنيته ووفائه لمصر، قبل أن تتزامن مع رحيل مروان حملات المشككين، وخيالات «الحكواتية» من المؤلفين. عن صحيفة الشرق الاوسط 4/7/2007