"الوطنية للانتخابات": 2409 مرشحين على المقعد الفردي.. وقائمتان فى سابع أيام الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    وزير قطاع الأعمال يتفقد التشغيل التجريبي لمصنع بلوكات الأنود الكربونية بالعين السخنة    الإمارات.. الكشف عن أول موظف حكومي رقمي بالذكاء الاصطناعي في العالم    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025.. التفاصيل الكاملة وجدول الصرف حتى ديسمبر    النائب عصام هلال: قمة شرم الشيخ للسلام نقطة تحول تاريخية.. وكلمة الرئيس حاسمة لوقف إطلاق النار    عضو بحزب النهضة الفرنسي: اعتراف باريس بفلسطين مهّد لتوافق أوروبي بشأن حل الدولتين(فيديو)    صراع إيطالي مشتعل على ضم نيمار في الميركاتو الشتوي    تعرف على ترتيبات الشباب والرياضة لعقد الجمعية العمومية لنادي بني سويف    تأجيل محاكمة 3 أشخاص بتهمة هتك عرض طفل في بولاق الدكرور    عمرو سلامة يكشف سبب توقف إحدى مشروعاته الفنية: هذا ما يمكن قوله حاليا    عبدالغفار يبحث مع التحالف الصحي الألماني تعزيز التعاون الصحي والاستثماري.. ومصر تعرض تجربتها في الرقمنة والتأمين الشامل ومكافحة فيروس سي خلال قمة برلين    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    غدا.. فرقة النيل للموسيقى تختتم فعاليات معرض الزمالك الأول للكتاب    مدبولي يتابع الموقف التنفيذي لأعمال تطوير ورفع كفاءة بحيرة البردويل    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى قلين ويشدد على جودة الرعاية وحسن معاملة المرضى    التخطيط: استضافة مصر للأكاديمية الإقليمية للقيادة خطوة جديدة لترسيخ دورها الإقليمي كمركز للمعرفة    «البيئة» وشركات القطاع الخاص يطلقون حملة إعادة تدوير العبوات الكرتونية    محمود مسلم: قمة شرم الشيخ تمهد لسلام واستقرار الشرق الأوسط.. وحماس لن يكون لها تواجد سياسي في غزة    نجم الزمالك السابق: فيريرا لا يجيد قراءة المباريات    الزمالك ينهى أزمة خوان بيزيرا ومحمود بنتايج قبل موعد فسخ التعاقد    «الحرب الكيميائية» توقع بروتوكولا مع «المحطات النووية» لتوليد الكهرباء    تأجيل محاكمة 73 متهما بقضية خلية اللجان النوعية بالتجمع لجلسة 24 نوفمبر    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل أسيوط ل5 أطفال    «أمن الجيزة» يضبط ربة منزل اقتحمت مدرسة بأكتوبر    تشغيل عدد من الرحلات المخصوصة من وإلى طنطا الجمعة المقبلة    رحمة عصام تتعرض لحادث تصادم فى شارع البحر الأعظم    بدء أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام برئاسة المهندس خالد عبدالعزيز    «منتصف النهار» يبرز الإشادات الدولية بدور مصر في وقف الحرب على غزة    أرقام تفصيلية.. إطلاق سراح 3985 أسيرا فلسطينيا خلال صفقات التبادل    نقابة الموسيقيين: مصر راعية السلام فى المنطقة ودرع منيع للحق والعدالة    نادي أدب البادية يواصل فعالياته في بئر العبد في شمال سيناء    ميريهان حسين: «أصور فيلم جديد مع هاني سلامة.. واسمه الحارس»| خاص    ما حكم إخراج الزكاة في عمل تسقيف البيوت؟    إدارة ترامب تطلق برنامج "درونز" ب500 مليون دولار لتأمين مواقع مونديال 2026    عاهل الأردن يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا وهنغاريا وسلوفينيا خلال جولة أوروبية    وزير الصحة: فحص أكثر من 94 مليون مواطن للكشف عن الأمراض غير السارية وفيروس سي    وزيرا الري والإسكان ومحافظ دمياط يشهدون ورشة عمل إطلاق الخطة المتكاملة للمناطق الساحلية    موقف البنك الأهلي من رحيل أسامة فيصل للقلعة الحمراء    أهالي مطروح يهنئون الرئيس السيسي بنجاح قمة شرم الشيخ التاريخية للسلام    حقيقة تأجيل «القائمة الوطنية من أجل مصر» التقدم بأوراق ترشحها للانتخابات (خاص)    احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر.. الرقابة الإدارية تنظم ندوة حول مكافحة الفساد ببورسعيد    وزير الري يبحث مع مدير المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي حوكمة إدارة المياه ورفع كفاءة الاستخدام    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    بروتوكول تعاون بين المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة وهيئة قضايا الدولة    المرجان ب240 جنيهًا.. قائمة أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    صحيفة إسبانية: شرم الشيخ لؤلؤة سيناء تتألق كعاصمة للسلام وتخطف أنظار العالم    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    حماس توضح أسباب تسليم عدد أقل من جثامين الرهائن وتؤكد: «القيود الميدانية خارجة عن الإرادة»    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن ..وثقافة القتل..!!
نشر في محيط يوم 15 - 07 - 2007


نحن ..وثقافة القتل..!!
* توفيق الحاج
قبل أي ذكر للحقيقة الساطعة في تتبعنا لمسيرة العنف والقتل عبر تاريخنا الطويل أقول بداية أنه يجب الفصل تماما بين مبادئ وارث ديننا الحنيف كرسالة سماوية وما نقلته المراجع التاريخية عن مسلسل الاغتيالات والمؤامرات والحركات الدموية في التاريخ الإسلامي والعربي..!! فظاهرة القتل والاغتيال السياسي ليس مبعثها دين أو مبدأ إنساني قط وإنما مبعثها شهوة بشرية جامحة للحكم والسيطرة وقد وجدت هذه الظاهرة منذ الأزل بوجود قابيل وهابيل ومما يسهم في تأجيجها أيضا رد الفعل الناتج عن ظلم حاكم أو قهر محكوم ..!!
لقد بدأ التاريخ الإسلامي بمحاولة اغتيال قريش للنبي محمد عليه الصلاة و السلام في مكة بخطة خبيثة تفرق دمه بين القبائل أراد الله لها أن تفشل..!! ومبعث هذه المحاولة لم يكن الا خوف قريش على مكانتها الدينية والسياسية والاقتصادية. وتلتها عدة محاولات يهودية فاشلة هي الأخرى لاغتياله في المدينة سواء بإلقاء حجر كبير أو بدس السم له في كتف شاه..!!
ولعل الأسباب نفسها هي التي جعلت يهود المدينة أن يقوموا بما قاموا به. ثم كانت أول محاولة اغتيال سياسي ناجحة للخليفة الثاني الفاروق عمر على يد أبي لؤلؤة المجوسي وكان أن قتل القاتل وأثنين معه على يد ابن الخليفة القتيل دون أن يلحقه القصاص.. وكان ذلك أول مأخذ تاريخي على الخلافة الجديدة!!
وتتم تصفية الخليفة الثالث عثمان بن عفان بشكل بشع للغاية بعدما حاصر الثوار المصريون داره ومنعوا عنه الماء ثم تسوروا عليه وقتلوه وهو يقرأ القرآن..!! في حين تخاذل عنه المقربون والمتاجرون بقميصه وأولهم معاوية أملا بأن تؤول إليه الأمور وقد تحقق ذلك بخدعة التحكيم الشهيرة التي أحدثت شرخا عميقا في الصرح الإسلامي وباغتيال علي كرم الله وجهه الخليفة الرابع على يد الخارجي عبد الرحمن ابن ملجم..بعد أن انغمس الصحابة و السيدة عائشة أم المؤمنين معه في أتون الصراع السياسي وخاضوا موقعة الجمل وجها لوجه .
ثم تقوم الدولة الأموية لما استتب الأمر لها قليلا بالقضاء على الحسين في كربلاء وبدس السم للحسن عن طريق زوجته التي أملها معاوية بالزواج منها بعد ذلك..!! وقام معاوية بإرهاب صريح للصحابة فإما البيعة ليزيد وإما السيف والقصة معروفة للجميع..!! ويتجلى الصراع الدموي بين الأمويين والعباسيين والعلويين ويصل الى درجة تتجاوز كل المحرمات والشرائع بقصف الكعبة بالمنجنيق على يد الحجاج وتعليق جثة ابن الزبير على صارية حتى تساقطت أعضاؤه الى أن ترجل الفارس..!!
وقتل على زين العابدين والتمثيل بجثته واللهو بجمجمته ككرة قدم..!! ولما دارت الدوائر على الأمويين وتولى العباسيون مقاليد الأمور قام هؤلاء بنبش كل قبور الخلفاء الأمويين ماعدا الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز وقتلوا من خصومهم الكثير الكثير ..!! وبالرجوع إلى المراجع الإسلامية أولا والمحايدة ثانيا فان الخلافتين الأموية والعباسية مارستا على السواء إرهابا فكريا صارما وتصفيات جسدية شائنة للمعارضين و لبعض أشهر الشعراء والكتاب في حينه بتهم الزندقة كما حدث لبشار بن برد والحلاج وابن المقفع وابن رشد وأبو العلاء المعري والخيام...و...و...!! كل ذلك عدا مانقل عن موبقات الترف والانحلال في قصور الولاة والحكام .
قد يقول قائل أنك تتجنى بذلك على عصر الفتوحات الإسلامية الزاهي وأنا أقول ببساطة أن الفتوحات كلها بما لها من عظيم الأهمية والأثر لا تشفع لخليفة أو سلطان أيا كان أن يقتل إنسانا ظلما..!! ونمضي قدما لنري الإرهاب والاغتيال السياسي باسم الدين أخذا يتفاقمان على يد الطائفة الإسماعيلية فقد قام الحشاشون بتوظيف جنة قلعة " ألموت " لتجنيد اتباعهم من أجل اغتيال معارضيهم من خلفاء ووزراء وقادة الى درجة أن ولاة الأمر في ذلك الزمن بحثوا عمن يستخلفوه على الأمة فلم يجدوا من فرط الخوف..!!
ومن الطريف أن تتشابه الأحداث التاريخية فيما بعد وتنتهي غالبا بتصفية الخليفة قتلا أو سما أو خنقا من أهله أو أتباعه أو أعدائه إلى درجة أن أكثر من 90% من الخلفاء المسلمين قضوا على هذا النحو..!! ونصل بالأحداث إلى عام 1928 عندما انشأ الشيخ الإمام حسن البنا حركة الإخوان المسلمين وهي حركة سياسية ذات منطلقات دينية تسعى الى الحكم وذلك في جو من رضا الملك فؤاد الذي كان يمني نفسه بالخلافة وجند مشايخ الازهر للدعوة اليها وقام بقمع معارضيها وأكبرهم الشيخ على عبد الرازق..!!
كما وأن الشواهد التاريخية تثبت دعم الانجليز المادي للحركة عن طريق شركة قناة السويس التي مولت بناء مسجد جديد لها في الاسماعيلية بغرض مواجهة مد التيار الوطني المتمثل في قوة دفع ثورة 1919. وقد أسست الحركة بعد تعرضها لتحديات قاسية "الجناح الخاص " الذي يتولى مواجهة خصوم الحركة بالتصفية والاغتيال خاصة بعدما لقي أنصارها من قتل وعنت شديد في المظاهرات والاحتجاجات الاخوانية ومن هنا فان حركة الإخوان تبنت ثقافة القتل والاغتيال من خلال ارث سياسي طويل ولم تأت بجديد..!! لقد قامت الحركة بعدة اغتيالات كان أهمها اغتيال النقراشي باشا رئيس الحكومة المصرية في ذلك الوقت مما أثبت أن الجهاز الخاص بقيادة "عبد الرحمن السندي" اشتط كثيرا و قام بعمليات تصفية حسابات حتى في داخل الحركة وثبت فيما بعد أن اغتيال النقراشي تم دون الرجوع الى الإمام مما دعا الشيخ نفسه الى الاعتذار إلى الملك في دفتر التشريفات والتبرؤ علنا مما فعل السندي وجهازه في مقال كتبه للصحافة يدين به الاغتيال تحت عنوان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين "..!!
ولكن ذلك لم يكن كافيا لمنع تصفيته وبنفس الطريقة على يد زبانية فاروق..!! ولا يغفل منصف ما قامت به حركة الإخوان المسلمين بعد ذلك من جهد نضالي كبير في حرب تحرير فلسطين وهذا يعد رصيدا تاريخيا عظيما دفعت ثمنه المئات من خيرة شبابها وكوادرها..لانه كان ببساطة في الاتجاه الصحيح..!! ومع قيام ثورة 1952 حاولت الحركة جاهدة احتواء الثورة والتحكم بقيادتها من خلال محمد نجيب خاصة وانه كان لها بعض الموالين ومستفيدة من شهر العسل ومن قرار استثنائها من حظر الأحزاب لكنها لم تفلح ومن ثم كانت القطيعة وحلت الحركة التي ردت بحادث اغتيال عبد الناصر في المنشية عام 1954 ورغم أن الحركة تنفي للآن مسئوليتها عنه وتعتبر أن ما جرى ليس الا مسرحية للتخلص منها إلا أنها تؤكد بالمقابل أنها خططت فعلا لقلب نظام حكم عبد الناصر نفسه عام 1964.
وهذا مثبت في أدبيات الحركة..!! والحقيقة أن نظام عبد الناصر تعامل مع رموز الحركة وكوادرها بمنتهى القسوة تماما كما فعل مع الشيوعيين فاعدم من أعدم وعذب من عذب واعتقد أن أي مبررات عن حماية النظام في حينه مهما كانت وجاهتها لم تكن لتعطي النظام الناصري الحق في أن يفعل ما فعل..!! ومع ظهور السادات بدأت حركة الإخوان المسلمين تنتعش من جديد في جو غزل سياسي مكشوف من الرئيس المؤمن تجاهها ودعمها في مواجهة التنظيمات الناصرية في الجامعات ولكن طموح الحركة كأن دائما وتلقائيا يتعاظم باتجاه الاحتواء و السيطرة والوصول الى الحكم وبالتالي تكرر سيناريو القطيعة بعدما خرج الاخوان عن النص ..وعانت الحركة من جديد وأخذت تتشظى منها جماعات إسلامية تكفيرية كثيرة اغتالت الشيخ الذهبي وآخرين منهم السادات نفسه في حادث المنصة الشهيرعام1981 ... وكان أن انقلب السحر على الساحر..!!
ثم تظهر أفغانستان في الصورة بعد الاحتلال الروسي وتستغل أمريكا وتوابعها من العالم العربي والإسلامي العامل الديني القوي لدى الحركة والتوجهات الإسلامية الأخرى والتي أطلقت صيحة الجهاد ضد الملاحدة الروس وتم بالفعل دعم المجاهدين بالمال والعتاد وتحقق النصر ..ولكن ما لبث أن تفتت المجاهدون بعد قليل بسبب المؤامرات الأمريكية والطموحات المتعارضة وتنازعوا فيما بينهم لينتهي الأمر بأصدقاء الأمس أن يصبحوا أعداء اليوم بعد أن استنفذت أمريكا أغراضها من الورقة الإسلامية ومثال أسامة بن لادن قاعدته واضح للعيان..!!
ويصل بنا التاريخ عبر هذا النفق الدموي المظلم الى يومنا هذا حيث يسود الظلم والقهر من الإمبراطورية المهيمنة ضد كل ما هو عربي و إسلامي ومما يساعد في ذلك بعض الممارسات الدموية الطائشة من قتل وذبح وتفجير هنا وهناك باسم الإسلام والمسلمين زورا يقع ضحيتها أبرياء..!! انظروا إلى حركات الإخوان المسلمين الإقليمية وتأملوا كم هي بعيدة أو قريبة من البوصلة الاخوانية الأم التي أسسها الإمام البنا رحمه الله. فإخوان العراق كانوا أول من رحب بالاحتلال الأمريكي وتعاونوا مع برايمر..!!
وإخوان "البيانوني "في سوريا تحولوا علنا الى مخبرين في وكالة الاستخبارات الأمريكية ..!! لقد أصبحت المصالح الخاصة والشهوة للحكم بوصلة كل حركة اخوانية إقليمية تأخذها في اتجاه خاص دون أدنى اعتبار لدين أو وحدة مصير..!! ومن هنا يجب ألا يفاجأ المرء مما بينها من تناقض في المواقف أحيانا ولم نبتعد..ودمنا تحت أقدامنا ومشاهد التمثيل بخلقة الله بين أيدينا وكأننا نعود بذلك إلى القرون الوسطى.. ومما يؤسف له أن يقوم المتناحرون المتشهون للسلطة في عالمنا العربي أحيانا بتصدير بياناتهم ضد خصومهم أو تضمينها بآيات جهادية من القرآن الكريم قيلت أصلا في المشركين الذين حاربوا الله ورسوله ولا تنطبق بحال على فئتين مختلفتين في الاجتهاد الدنيوي ولهما نفس الدين والعقيدة ولكنها أي الآيات هنا توظف بخبث لغرض سياسي يخدم فئة بعينها تنصب من نفسها بالباطل وكيلا لله في الأرض تكفر من تشاء وتعطي صكوك الغفران لمن تشاء بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان..!!
اني ومنذ فترة ابحث عن اجابة لسؤال يثير فزعي وحيرتي معا وهو كيف تصل الجرأة والوحشية بالمسلم أن يذبح و يقتل ويسحل أخاه المسلم بدم بارد ويتفنن في تقطيع جثته واللهو بها مع صيحات النصر و التكبير..؟!! هل السبب تربية الحقد أو كما يقال حبوب السعادة..؟!!
لقد رأيت بأم عيني مشاهد حيوانية لا تتصورها مخيلة ولا يقر بها عقل ولا تغفرها توبة.. ولا يشرفني حقا أن تجمعني ومقترفيها أي صفة من صفات البشر..!! ولذلك لم يعد يدهشني ما يفعله اليهود من قتل لطفل وهو يلهو ببندقيته البلاستيكية..!! أو تقطيع لساقي مراسل صحفي بمشط كامل من الرصاص عيار 500 وفي بث مباشر..!!
اني بت على قناعة راسخة تؤكدها المعطيات التاريخية والآنية أن السياسة قادرة على تدنيس اطهر المبادئ وأعظمها وهناك فرق كبير أن تكون رجل حكم وسياسة أوأن تكون رجل دين ولا مجال للخلط بين الأمرين ثم ندعي الطهارة والنزاهة..!!
ان الدين الإسلامي بريء تماما من ثقافة القتل والاغتيال رغم انه يستغل في ذلك استغلالا قبيحا .. فهذه الثقافة الممتدة للأسف عبر التاريخ في محيطنا ليست من نتاجه وإنما هي مرة أخرى من نتاج شهوة الحكم والسيطرة.. نتاج يعبر عن إفلاس فكري وحضاري وإنساني قبل كل شيء..!! هذه وجهة نظر بعيون مفتوحة على مصراعيها ليست مزاجية أو عشوائية بقدر ما هي مدعومة بالتاريخ وأرجو من القارئ الحصيف أن يقرأها بتمعن وألا يكون انتقائيا ويغلب هواه على الموضوعية ..!!
ان من السهل أن نرفض بانفعال مالا نحب أو ما لا نتعود..ومن الأسهل أن نتهم ونرجم ونخون ولكن من الأفضل لعقولنا أن نتمعن وندقق ونراجع ونقارن ونحاكم حتى ولو كلفنا ذلك عناء إعادة بناء وتركيب مفاهيمنا في الاتجاه الصحيح ، فليس بالضرورة أن يكون كل ما نستسهله ونتعوده ونركن إليه عاطفيا صحيحا .
وأنا ربما لا استطيع زحزحة القوالب الفكرية المسبقة ولكني أستطيع أن أدعو من يريد الاقتراب من الحقيقة وملامستها إلى إعادة قراءة التاريخ بتجرد وحيادية وربطه بالأحداث الجارية وأعتقد أن هذا الأمر من أولويات واجبي نحو قرائي.. أليس كذلك..؟!! أخيرا سادتي القراء ..اغفروا لي تخففي من بصمتي الساخرة هذه المرة..لأن الدموع تملأ محجري والمقام لا يحتمل..!!
** من فلسطين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.