أفردت الأسبوعية الفرنسية "لونوفال أوبسارفتور" عددها المميز لهذا الصيف، للمفكر والسياسى الإيطالى الشهير نيقولو مكيا فيللى صاحب كتاب "الأمير". وفى المقال الافتتاحى للملف الذى أعدته "لونوفال أوبسارفتور"، كتب رئيس تحريرها جان دانيال يقول: "لماذا مكيا فيللي؟ أولا لأننا لا نعرفه. ثم لأننا إذا ما نحن تجاهلناه، فإننا نمر بجانب رؤية للكائنات وللعالم ليس كما يمكن أن يكونوا، وإنما كما هم. ولكن هل كان مكيا فيللى مكيا فيليا؟ نعم، ربما فى البعض من الأوقات فقط. ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية قول دانيال: "والآن، هل بإمكاننا أن نقول أن مكيا فيللى هو ذلك الذى يرى أن الغاية تبرر الوسيلة وأن كل شيء فى الحياة، يتلخص فى معرفة الوسائل التى تمكن من بلوغ الغايات المرجوة؟ نعم فى مستوى معين وبشرط أن لا يكون هناك حكم أخلاقى على هذه القاعدة المتبعة. وبالنسبة إلى الأخلاق، يمكن القول أن مكيا فيللى كان يرى أنها تشترك مع الدين فى نقطة معينة، ألا وهى عدم ارتباطها بالسياسة بأى شكل من الأشكال، والقاعدة الوحيدة التى يحددها مكيا فيللى للانسان هى أن يظهر الشجاعة، إما للحفاظ على مجده، أو لتحطيم وتدمير مجد خصومه وأعدائه". ولد نيقولو مكيا فيللى فى مدينة فلورنسا الإيطالية عام 1469، وهو ينتمى إلى أسرة عريقة تميز بعض أفرادها بالانشغال بالشؤون السياسية، ومثل المتميزين من أبناء جيله، حصل مكيا فيللى فى بداية حياته على ثقافة واسعة وعميقة فى الآداب والعلوم والفلسفة، وقرأ تاريخ الرومان، والترجمات اللاتينية لمختلف الكتب الإغريقية القديمة. عاش فترة شبابه فى عصر الأمير المديشى لورنزو الذى كان الفلورنسيون يسمونه "لورنزو العظيم" لما تميز به من رعاية بأهل الفن والفكر والأدب، ولقدرته الفائقة على الحفاظ على التوازن بين الوحدات الرئيسية الخمس للسلطات فى إيطاليا، وهى مملكة نابولي، والدولة البابوية فى روما، والبندقية، وفلورنسا، وميلان. وبعد وفاة لورنزو العظيم وذلك عام 1492، غزا شارل الثامن ملك فرنسا، فلورنسا. وفى عام 1498، انتخب مكيا فيللى سكرتيرا للمستشارية الثانية لجمهورية فلورنسا، مشرفا على الشؤون العسكرية والخارجية، وقد سمح له منصبه هذا، بأن يصبح من الواضعين الحقيقيين والأساسيين للخطط السياسية، كما أنه كان ضمن أربع وعشرين بعثة ديبلوماسية، بينها أربع لملك فرنسا. وبعد ثلاثة عشر عاما أمضاها فى الحكم، خرج مكيا فيللى من فلورنسا منفيا وذلك بعد أن تم غزوها مجددا من قبل الجيش الفرنسي، وفى منفاه، عاش مكيا فيللى حياة متواضعة، وفى منفاه كتب مكيا فيللى كتاب "الأمير"، غير أن هذا الكتاب لم يطبع إلا عقب مرور خمسة أعوام على وفاته وذلك عام 1532.