يشمل فيروس الورم الحليمي البشري نوعاً تصيب الأعضاء التناسلية، يؤدّي بعضها إلى تكوّن خلايا غير طبيعية في بطانة عنق الرحم، قد تتحوّل فيما بعد إلى خلايا سرطانية تسبّب ما يسمّى بسرطان عنق الرحم. وهناك ما يزيد عن المائة نوع من فيروس الورم الحليمي البشري HPV الذي يصيب النساء والرجال على السواء، إلا أن غالبية أنواعه غير خطرة وتزول تلقائياً، بدون أن تسبّب أية عوارض، كما يوضح الدكتور فيصل القاق رئيس الجمعية اللبنانية للتوليد والأمراض النسائية في حديثه مع مجلة "سيدتي".
ويشمل 30 نوعاً تصيب الأعضاء التناسلية، بعضها يسبّب ظهور ثآليل تناسلية وأورام حميدة (غير سرطانية) في عنق الرحم، فيما بعضها الآخر يؤدّي إلى تكوّن خلايا غير طبيعية في بطانة عنق الرحم قد تتحوّل فيما بعد إلى خلايا سرطانية تسبّب ما يسمّى بسرطان عنق الرحم. ويرتبط هذا الفيروس أيضاً بسرطانيّ المهبل والفرج.
ويعتبر اللقاح المضاد لسرطان عنق الرحم الأوّل في تاريخ الطب لأحد أنواع السرطانات التي تصيب الإناث. وهو فعّال ومضمون، يقي من الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري عن طريق تقوية جهاز المناعة في الجسم ضد غالبية مسببّات سرطان عنق الرحم، إذ يغطّي حوالي 85% من أكثر الفيروسات المسبّبة للمرض.
ويؤمّن اللقاح كذلك ذاكرة مناعية؛ أيّ يذكّر جهاز المناعة في الجسم بضرورة مواجهة الفيروس لدى توجّهه إلى عنق الرحم في أية مرحلة عمرية، ما يعني أن اللقاح يمكن أن يكون فعّالاً لمدى الحياة، حتى ولو أُخذ في سنّ الثانية عشرة.
ويمكن للإناث اللواتي تتراوح أعمارهنّ ما بين 12 سنة و26 سنة تلقي هذا اللقاح، بغضّ النظر عن إجراء أيّ فحص.أمّا الإناث اللواتي تجاوزن سنّ ال 26، فتظهر الدراسات أن اللقاح يمكن أن يكون فعّالاً وذا فائدة كبيرة. ويمتدّ هذا الأمر حتى لو تمّ أخذه بين 45 و55 سنة، ولكن يفضّل دائماً استشارة الطبيب.
ويوضح د. فيصل أن تناول اللقاح يتم على جرعات ثلاث، وذلك على شكل حقن في العضل. وتكرّر هذه العمليّة بعد شهرين، فأشهر أربعة.
وتعتبر جميع الفئات العمرية معرّضة للإصابة، لكن احتمالية الإصابة تصبح أكبر من سنّ 50 سنة فما فوق، وعند وجود حالات عائلية سابقة، وفي حالات عدم المقدرة المادية على الكشف المبكر وتلقّي اللقاح، ووجود معدّلات مرتفعة من الهرمونات في الجسم، أو تناولها لفترة طويلة، والتعرّض لعلاقة في سنّ مبكرة مع عدد من الشركاء والحمل قبل سنّ 17 سنة وعدم المباعدة بين حمل وآخر، بالإضافة إلى عوامل ترتبط بنظام الحياة كالإسراف في التدخين والامتناع عن تناول الفاكهة والخضر.
هناك امرأة تقضي كل دقيقتين في العالم نتيجةً للإصابة بسرطان عنق الرحم، لذا، يعتبر فحص "باب" أو "الزجاجة" كما هو متعارف عليه شعبياً هاماً للغاية، لمراقبة تغيّرات خلايا عنق الرحم لدى المرأة. وفي حال ظهور خلايا تنذر باحتمالية الإصابة بسرطان عنق الرحم في مرحلة لاحقة، تخضع المرأة لدراسة دقيقة لعنق الرحم، لمعرفة أسباب تغيّر الخلايا واتّباع العلاجات اللازمة.
عادةً تغيب العوارض التي تنذر بمرحلة ما قبل السرطان أو السرطان المبكر، وهي تقتصر على المراحل المتقدّمة أيّ عند نموّ السرطان وغزو النسيج المجاور للخلايا. ومن بين هذه العوارض: حصول نزيف من المهبل خارج أياّم الحيض وهو العارض الأكثر شيوعاً، والألم في الحوض وأثناء العلاقة الزوجية، بالإضافة إلى وجود إفرازات ذات رائحة كريهة وبعض الدم. وهنا، تبدو استشارة الطبيب المتخصّص عند ظهور أيّ عارض من هذه العوارض ملحّة، وذلك لتحديد أسبابها الحقيقية التي يمكن ألا تكون ناتجة عن الإصابة بالسرطان. مع أهمية زيارة الطبيب النسائي مرّة سنوياً، لإجراء فحص "الزجاجة" السنوي، رغم تلقّي اللقاح.