كأس أفريقيا بين أفراح تونس وأحزان القاهرة محيط - نيللي نبيل أبطال افريقيا الجدد لم يتوقع أكثر المتشائمين في مصر، كما لم ينتظر أكثر المتفائلين في تونس، أن تنتهي كبرى بطولات الإتحاد الأفريقي لكرة القدم "الكاف"، إلى ما انتهت إليه أمس الجمعة، وذلك بعد أن تحققت أقل الإحتمالات، وتوج النجم الساحلي التونسي باللقب دوري الابطال على حساب حامل اللقب الأهلي المصري بعد الفوز عليه 3 - 1، وهو الإنتصار الذي جاء ليعلن قيام الأفراح والإحتفالات في المدن التونسية، ويصيب سكان مدينة القاهرة ونظيراتها في مصر بالحسرة والألم والبكاء. وعلى الرغم من بداية الأهلي القوية في اللقاء، والتي أهدر خلالها فرصتين قريبتين للمرمى، قلب المارد التونسي الطاولة على الجميع، وأنهى الشوط الأول متقدماً بهدف نظيف لنجمه عفوان الغربي، وذلك قبل ان يعادل عماد النحاس الكفة في بداية الشوط الثاني، ويعود هو نفسه ليلقي بفريقه في هوة سحيقة، بعد أن تعرض للطرد لجذب مهاجم النجم المتألق والخطير أمين الشرميطي، الأمر الذي تمكن معه "ليتوال الساحل" من تسجيل هدفين جديدين ليقضي على آمال الفريق القاهري في زيادة ارقامة القياسية على مستوى القارة السمراء. أما المشهد المصري فكان حزيناً للغاية، فكما بدأت الإحتفالات التونسية من الملعب، بدأت الأحزان الحمراء أيضاً من داخله، إذ شهدت الدقائق الأخيرة خروج مدافع الأهلي أحمد السيد عن شعوره، بعدما التقط مخرج اللقاء صوراً له أثناء تلفظه بما لا يجرؤ اللسان على تكراره او اعادته، للاعب النجم أمين الشرميطي الذي بدا وكأنه ارتكب جرم كبير بتألقه اللافت في اللقاء، وارهاقه لمدافعي الفريق. أما أكثر اللقطات طرافة، فكانت عندما دخل بعض مشجعي الفريق في نقاش حاد مع المدرب البرتغالي مانويل جوزيه، انتهى كما تابع الجميع بالقائهم الزجاجات الفارغة عليه، وذلك في الوقت الذي لم تتحمل فيه الجماهير رؤية الكأس في ايدي المنافس، فقاموا بجذب قائد الفريق حامل الكأس أثناء نزوله من المقصورة، وطرحوه أرضاً !!! ورفض معظم اللاعبون الإدلاء باية احاديث تليفزيونية عن الهزيمة، فيما قال أحمد صديق لاعب وسط الفريق : " قدر الله وما شاء فعل .. لعبنا بشكل جيد، ولكن التوفيق لم يكن حليفنا." حسام البدري مدرب الأهلي أما حسام البدري مدرب الفريق، والقائم بأعمال مدير الكرة ، فقال: " كل شيء وارد في كرة القدم .. نعتذر للجمهور، على الرغم من أن التحكيم كان في غاية السوء .. لابد أن نتعامل مع الموقف بواقعية وننظر للمستقبل." ومن جانبه، أرجع جوزيه الهزيمة إلى الظلم التحكيمي الذي تعرض له الفريق في مباراتى الذهاب والعودة، حيث رفض حكم مباراة الذهاب الكاميرونى إحتساب ضربة جزاء، وزاد عليه بحصول بركات على إنذار غير مستحق حرم الأهلى من جهوده فى لقاء العودة بالقاهرة، وفى مباراة الامس تواصل مسلسل الظلم بعدما رفض الحكم إحتساب ضربتى جزاء لصالح محمد أبو تريكة وأحمد شديد. وأضاف جوزيه، أنه لا يقدم من خلال ذلك مبررات أو أعذار لضياع اللقب، مؤكداً أن ما حدث حقيقة واضحة، ولولا الظلم التحكيمى الذى تسبب أيضاً فى طرد عماد النحاس، لكان الوضع مختلف وحافظ الأهلى على البطولة. كما أكد جوزيه أنه لو كان يرى أنه تسبب فى فقدان اللقب لرحل على الفور، ولكنه مقتنع أن عوامل خارجية ساهمت بشكل كبير جداً فى خسارة البطولة، وبصفته المسئول الفنى الأول والأخير لا يمكن أن يحمل أى لاعب مسئولية ما حدث، والخسارة فى كرة القدم واردة واللاعبين الذين خسروا البطولة هذه المرة، هم نفس اللاعبين الذين حصدوا العديد من الألقاب والبطولات، ومازالوا قادرين على إحراز البطولات خلال الفترة القادمة، مشيرا ان الخسارة لن تقلل من الإنجازات الكثيرة التى حققها الفريق. وخارج الاستاد، عمت حالة من الحزن والحسرة أرجاء البلاد، وحمل الجميع مدرب الفريق مسؤولية خسارة اللقب، وانفضت الجموع سريعاً من أمام المقاهي والشاشات العملاقة التي انتشرت في جميع الأرجاء، حتى داخل المدارس، وذلك في الوقت الذي سيطرت فيه السعادة على البعض من أنصار العديد من الفرق المحلية المنافسة. وفي المقابل، بدأت الإحتفالات التونسية قبل لحظات من اطلاق حكم اللقاء المغربي عبدالرحيم العرجون صافرة النهاية، فقد اطلقت الجماهير التونسية التي حضرت الى ملعب القاهرة، العنان للفرحة العارمة تعبيراً عن سعادتها بهذا التتويج، ورددت الاهازيج والاغاني التي تمجد تونس وتتغنى بالوانها وبفريق النجم الساحلي. واختلفت المشاعر بين البكاء والصراخ، والعناق الحار بين الموجودين، كما اختلفت الهتافات التي تم ترديدها ما بين المؤيد للنجم، ولتونس، وحتى الزمالك المصري الغريم اللدود للأهلي، وذلك في الوقت الذي قام فيه لاعبو الفريق بعمل دورة شرفية في الملعب، تحت موجة عارمة من التصفيق والهتافات. مشهد تكرر كثيراً في اللقاء هذا ولم يختلف الوضع في المدن التونسية، وخاصة سوسة التي يمثلها الفريق، إذ خرجت الجماهير للشوارع بعد انتهاء اللقاء، واستخدمت منبهات السيارات، والأعلام التونسية وأيضاً "النجماوية"، في اجواء احتفالية اعادت للاذهان ذكريات فوز "نسور قرطاج" بلقب كأس الأمم في 2004. اما لاعبو الفريق فقد تفرغوا للأحاديث التليفزيونية، واجراء اللقاءات السريعة مع العديد من القنوات التي قامت بتغطية اللقاء، وخروجوا ببعض التصريحات، كان أبرزها ذلك الذي أدلى به نجم نجوم الفريق أمين الشرميطي : " الحمد لله على البطولة التي تحققت في وقتها .. لقد شرف النجم الكرة التونسية، ونتمنى حظاً موفقاً للأهلي في اللقاءات القادمة." وقال خالد المليتي نجم الفريق :" نحمد الله.. انتظرنا كثيراً لنحقق هذا الإنجاز .. لقد ظن الجميع إنه لا أمل لنا في نيل اللقب بعد تعادل سوسة، ولكننا كنا على ثقة تامة في امكانياتنا، وفوزنا بتوفيق الله وفضله." وقال رئيس النادي السابق، الذي تواجد في القارة لدعم الفريق : " حان الوقت لنفوز باللقب .. هناك أجيال تبني، وأجيال تجني وتفوز .. أهدي تونس الخضراء الإنجاز الكبير الذي جاء كتتويج ل 10 سنوات مضت من التألق." أما مدرب الفريق الفرنسي برتران مارشان، فقال : " بعد تعادل سوسة، وعدم قبول أية أهداف كنت واثقاً من تحقيق نتيجة ايجابية بالقاهرة، إذ إنها مباراة واحدة، وذلك يتيحح للفريق الأكثر حماساً واستعداداً، فرصة تحقيق الفوز." هذا وقد تصدرت أنباء المباراة جميع المواقع العالمية، حيث علق موقع الإتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، على الحدث تحت عنوان "ليتوال الساحل يتوج بطلاً على عرش أفريقيا"، وقال في مقالته عن المباراة، "بعدما انتهت مباراة الذهاب في تونس بالتعادل السلبي، كان الأهلي بطل افريقيا خمس مرات هو المرشح الأوفر حظاً للتتويج باللقب، والانفراد بالرقم القياسي لعدد مرات الفوز بالبطولة، ولكن على الرغم من ذلك، تمكن الفريق الذي توج على حسابه الأهلي ببطولتين افريقيتين (دوري الأبطال 2005، وكأس السوبر 2006)، من تحقيق حلمه أخيراً بالوصول للق فرحة النجم بكأس أفريقيا ب البطولة، وتمثيل القارة بمونديال العالم في اليابان." أما موقع الإتحاد الأفريقي للعبة "الكاف"، فقد نشر الخبر تحت عنوان " ليتوال الساحل يهزم الأهلي ويعتلي عرش أفريقيا"، وقال في مقاله عن اللقاء : "تمكن ليتوال الساحل من الفوز على حامل اللقب 3 - 1، ليتوج بطلاً للقارة، وذلك على الرغم من إنه لا أحد في تونس كان يتوقع أن الفريق الذي تعادل على أرضه سلباً في سوسة سيتمكن من تحقيق ذلك." وأضاف : " لقد كان لانتصار النجم على الأهلي طعماً مختلفاً، إذ إنه مكنه من الثأر لهزيمته القاسية 0 - 3 قبل عامين أمام الفريق نفسه، كما إنه جاء ليتوج انجازات الفريق على المستوى الأفريقي، بعد حصوله على كأس الأندية أبطال الكؤوس، وكأس افريقيا مرتين، وكأس السوبر، والكونفيدرالية مرة واحدة."