محيط – شيرين صبحي أخناتون مع نفرتيتي وأولادهما فجرت الدكتورة فوزية أسعد استاذ الفلسفة المقيمة في جنيف في كتابها "الفراعنة المهرطقون.. إخناتون. نفرتيتي. حتشبسوت" مفاجأة تاريخية بإعلانها أن إخناتون لم يكن الملك الذي دعا إلي التوحيد كما يشاع عنه بل كان من الهراطقة حيث نسب نفسه للآلهة من أجل شرعية الحكم. وقالت الدكتورة فوزية في ندوة "كاتب وكتاب" التي ينظمها معرض القاهرة الدولي للكتاب، انها بدأت في كتابها بالملكة حتشبسوت التي توفي زوجها وتولي ابن زوجها الحكم ولكنها حكمت بالنيابة عنه لعدة سنوات ثم أعلنت انها الفرعون حيث اتجهت للأسطورة الاساسية لمفهوم الحكم واسمها "هليوبوليس" وكانت لكي تأخذ شرعية لحكمها لابد ان تنتسب للآلهة، فانتسبت للإله "آتوم" والتي تعني التام أو تام الكمال والخفي في نفس الوقت، فهو الخفي والمتجلي في نفس الوقت حيث يتجلي في النور والشمس . وقد لجأت إليه حتشبسوت لأنه إله مزدوج الجنس يشتمل علي الأنثي والذكر في نفس الوقت. وتوضح أن أخناتون لم يكن موحد الألهة ولكنه أراد أن يبين العودة الأبدية وهي عودة لصفات إله الشمس فالفرق بين أخناتون ونفرتيتي ومن سبقوهم من الفراعنة هو اختلاف فني وإعادة تأويل الموروث المصري القديم للآلهة تأويلا جديدا. والفكرة تدخل في إطار تصور المصري القديم للزمن فكان يعرف للزمن شيئين الأبدي والدوري الذي يبدأ بالنور وينتهي بالظلام. ويحكي الكتاب أن نفرتيتي هي التي أوحت لزوجها بعبادة الإله الجديد وكان لها دور سياسي غير مباشر في حكم زوجها وهناك رسومات وصور عديدة توضح صورة نفرتيتي وهي ممسكة بصولجان الحكم. أوضحت الدكتورة مني طلبة أن تاريخ مصر الفرعونية ينقسم الي قسمين الأول هو عصر ما قبل الأسرات وهو العصر الذي ليس له تاريخ، أما القسم الثاني فهو عصر الأسرات وقد بدأ بعد توحيد مينا للقطرين. وينقسم عصر الاسرات إلي العصر القديم وأشهر ملوكه خوفو وخفرع ومنقرع، والعصر الوسيط واشهر ملوكه أحمس، والعصر الحديث وأشهر ملوكه إخناتون، نفرتيتي وحتشبسوت، والعلاقة التي تجمع هؤلاء الملوك الثلاثة هو ارتباطهم بإله الشمس "آتون". وتوضح الدكتورة مني أن نظرة الدكتورة فوزية الفلسفية للتاريخ الفرعوني الديني جديدة بمعني ربط هذه الفلسفة الفرعونية القديمة بالفلسفة الحديثة لنيتشه وفاجنر وغيرهم بنظرة عصرية حديثة من خلال ربط الأفكار الفلسفية الحديثة بالتأملات الفرعونية القديمة وهي خطوة جديدة تدحض ارجاع نشأة الفلسفة إلي اليونانيين بل إلي المصريين القدماء. يري الدكتور أنور مغيث استاذ الفلسفة الحديثة بجامعة حلوان، أن الدكتورة فوزية تتناول الأحداث الفرعونية القديمة برؤية فلسفية فتدرس تأملاتهم الفلسفية للكون والحياة والموت والخير والشر، وهو تناول جديد في نوعه يراعي الدقة التاريخية والتعامل مع التاريخ الفرعوني بنوع من التأويل، معلقا أنها مسكونة بهاجس البحث عن منطق الاختلافات في التعبير الفني عن الآلهة. وقد ربطت الدكتورة فوزية بين أخناتون ونفرتيتي وحتشبسوت رغم الفارق الزمني الكبير بين حكم حتشبسوت وحكم اخناتون. ويوضح أن هناك حكايات تاريخية كثيرة عن أخناتون ونفرتيتي حتي أنهم تحدثوا عن علاقة أخناتون بأمه وإهماله لزوجته الجميلة نفرتيتي مما دفعها للاهتمام بالفنان الخاص بها نكاية في زوجها. وحتي القرن الثامن عشر لم يدرس أخناتون بشكل جيد ثم ظهرت اكتشافات تل العمارنة فبدأت الكتابة عنه كحاكم واقعي قريب من شعبه، كذلك كان لا يخفي عيوبه فنجده مرسوم بأنف كبير وبطن مترهل فاعتبروه حاكما متواضعا، في حين صورته كتابات اخري بأنه حاكم متعصب فرض ديانته بالقوة علي الشعب. ويستدرك أن الدكتورة فوزية تحاول تقديم تصورا جديدا يعني بدراسة مفاهيم حول الآلهة وما تشير إليه هذه المفاهيم. وتختلف الدكتورة فوزية مع الكتابات التي تري أن أخناتون كان متعصبا وقاسيا وقام بهدم كل التماثيل والتواريخ الخاصة بالآلهة الأخري، موضحة أن رسومات عهد أخناتون كانت تتسم بالرقة ومنها صورة يقبل فيها زوجته وصورة أخري يمسك بيدها ويبكيان علي وفاة ابنتهما، وبالتالي لا يمكن أن يكون هذا الحاكم ديكتاتورا كما أن في عهده كان يوجد تماثيل للآلهة رع وآمون وغيرهم أي أن ما قام به أخناتون كان ثورة في المقام الأول علي سلطة الكهنة وليس علي الآلهة في حد ذاتها.