صدر حديثا طبعة جديدة لرواية الكاتب الأثيوبى ديناو منغستو "الأشياء الجميلة التى تحملها السماء" والتي قد ترجمت إلى عشر لغات. وكان الكاتب فى الثانية من عمره لما فرّ مع عائلته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية هربا من الأوضاع السيئة والمأساوية التى أعقبت سقوط النظام الملكي. ووفقا لحسونة المصباحى بصحيفة "العرب" اللندنية يقول ديناو منغستو أنه بدأ يحس بهويته الأثيوبية عند بلوغه سن الثالثة عشر. فقد أخذ الأمريكيون البيض يتعاملون معه لا ك"طفل لطيف" وإنما كزنجي. وهكذا بدأ يكتشف العنصرية البيضاء التى كانت متخفية من قبل. وشرع ديناو منغستو يبتكر لنفسه هوية خاصة به. هوية تصدّ عنه عدوانية العنصرية وشراستها ووحشيتها مستندا فى ذلك على الكتب التى تتحدث عن بلده الأصلي، أى أثيوبيا. وشيئا فشيئا اكتسب هويته التى كانت مفقودة قبل ذلك، بعدها اكتشف ديناو منغستو أيضا أن الزنوج الأمريكيين يغارون من الزنوج الأفارقة المهاجرين ويعتبرونهم أوفر منهم حظا فى الدراسة، وفى الحصول على وظيفة. ويقول ديناو منغستو: "إن العلاقات بين المجموعتين، أى بين الزنوج الأمريكيين والزنوج الأفارقة متوترة إلى حد ما حتى ولو أنها تبدو مغلفة بروح التضامن والتفاهم. والسبب فى ذلك يعود أساسا إلى أن المجموعتين تواجهان نفس المشاكل. ويشعر الزنوج الأمريكيون أنهم مهضومو الحقوق ذلك أن الزنوج الأفارقة يحظون بفرص أكثر فى الدراسة وفى العمل، ويعاملون بشكل انساني، ولا يشتكون من العنصرية البيضاء مثلهم. وفى الكنيسة، يستقبل الأمريكيون البيض الزنوج الأفارقة كضحايا للمجاعات والحروب فى بلدانهم. أما الزنوج الأمريكيون فيعاملون بكثير من القسوة". وتحدث عن والديه وعن أثيوبيا قائلا: "بصفة عامة كان والدايا يتجنبان الخوض فى حديث يتصل باثيوبيا. وصمتهما كان مقصودا. فهما لا يريدان فتح جراح قديمة، وبالتالى يمكن القول أنهماكانا يسعيان عن وعى إلى نسيان وطن لم يعيشا فيه حياة سعيدة. وربما كانا يتذكران أثيوبيا بين وقت وآخر، غير أنهما كانا يخفيان ذلك. وأعتقد أن والدى كان يفكر كثيرا فى أخيه الذى مات فى أثيوبيا غير أنه لم يكن يتحدث عن ذلك أبدا بين وقت وآخر كان يلفظ اسمه، ثم يتركه فى الهواء، فإذا الأخ الميت بعيدا يظل مجرد شبح يسبح فى الفراغ. ومن المؤكد أن والدى كانا يرفضان الحديث عن الماضي، وكانا يريدان أن ينسيا هذا الماضى نهائيا. وكان عليّ أن أنتظر فترة النضج لكى أتجرأ وأسألهما عن حياتهما السابقة فى أثيوبيا، وعن ذكرياتهما، وعن المآسى التى تعرضا لها والتى أجبرتهما على الهجرة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد عدت إلى أثيوبيا عام 2005, ولكن لم أكن أتكلم اللغة الأثيوبية.لذا ظللت غريبا هناك ولم أتمكن من النفاذ إلى حياة الناس الذين تعاملوا معى كما لو أننى أجنبي!".