داكار : تختتم في العاصمة السنغالية داكار اليوم الجمعة الدورة الحادية عشرة لقمة منظمة المؤتمر الاسلامي، التي يشارك فيها عدد من رؤساء وممثلي 57 دولة اسلامية. وتميز اليوم الاول من القمة التي بدأت أمس الخميس بمناقشة جملة من المواضيع تناولت في الاساس سبل الوقوف في وجه الحملة التي يتعرض لها الاسلام من قبل الغرب والقضية الفلسطينية إضافة إلى تعديل ميثاق المنظمة. وأعلن الرئيس السنغالي عبد الله واد الرئيس الحالي للمنظمة في الجلسة الافتتاحية أن الأولويات تحت رئاسته ستكون حل القضية الفلسطينية وإقامة دولة معترف بها، داعيا إسرائيل إلى وقف كل النشاطات غير القانونية ووقف الرد غير المناسب. وقال واد إن المنظمة تدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ودعا الفلسطينيين إلى الوحدة ورأب الصدع. وفي الموضوع ذاته طالب الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلو بمحاكمة إسرائيل أمام محاكم جرائم الحرب الدولية بعد هجماتها الأخيرة على قطاع غزة. وقال أوغلو إن "الوضع في فلسطين لا يزال يدعو للأسى بسبب استمرار الأزمة التي خلقتها إسرائيل بوقف عملية السلام وإعاقة العديد من خطط ومبادرات السلام التي يقدمها المجتمع الدولي". وأضاف "أصبح من اللازم توثيق هذه الاعتداءات رسميا وأن تتم محاكمة مرتكبيها أمام محاكم عدل دولية مهمتها فحص هذه الجرائم البشعة مثل المحكمة الجنائية الدولية". ومن جهته دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تل أبيب للكف عن هذه الأعمال والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، كما أدان الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية على الإسرائيليين. وفي ملف آخر دعا الرئيس السنغالي إلى تجاهل ما سماها "الأيادي الشيطانية التي تقف وراء الإساءة للإسلام في الغرب" وإلى وضع "إستراتيجية حقيقية للإعلام والاتصال لتوضيح صورة الإسلام في الخارج". وأشار واد إلى أن هناك روحا تزداد إيجابية في الغرب نحو قبول الإسلام، قائلا إنه على المسلمين أن يشرحوا لبقية العالم حضارة الإسلام والسلام الاجتماعي. وخلال كلمته في القمة دعا وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل سوريا الى المساعدة على التوصل الى حل للازمة الرئاسية في لبنان، قائلا " نتطلع الى دور سوري فاعل لتحقيق وفاق وطني في لبنان استنادا الى المبادرة العربية التي تدعو الى انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية. وفي رسالة تلاها ممثله في القمة دعا رئيس الوزراء الماليزي عبد الله احمد بدوي المنظمة الى المزيد من الانخراط في السلام العالمي، وقال بدوي "نامل رؤية منظمة المؤتمر الاسلامي تلتزم بقدر اكبر في عملية السلام العالمي". وتابع رئيس الوزراء الماليزي في رسالته "نريد تعزيز قدرات منظمة المؤتمر الاسلامي لكي تخدم اكثر الدول الاعضاء، انها منصة يجب ان تكافح جميع اشكال الذم بالاسلام ، وان تكافح آفة الفقر". كما دعا بدوي الى "مساعدة الفلسطينيين على خلق دولة مستقلة"، معتبرا ان بامكان المنظمة "ان تخلق الفرق على مستوى الامة اذا ما سرنا يدا بيد"، واوضح المبعوث الماليزي ان السنغال انتخب لثلاث سنوات على رأس المنظمة، وهو منصب يتولاه تقليديا البلد المضيف للقمة. من جانب آخر، وجه الروسي فلاديمير بوتين رسالة الى المشارکين في قمة داکار أکد فيها ان تعميق علاقات الصداقة والتعاون مع بلدان العالم الاسلامي يعتبر نهجا استراتيجيا بالنسبة لروسيا. وجاء في الرسالة: "ولهذا بالذات نشير بارتياح ألى أنه بعد حصول روسيا على صفة مراقب في منظمة المؤتمر الاسلامي، اکتسب التعاون بين روسيا والدول الاسلامية ديناميکية جديدة". وأکد الرئيس بوتين أن الرغبة في تعزيز مبادئ العمل الجماعي والقانوني في العلاقات الدولية في ظل دور محوري لمنظمة الأممالمتحدة تزيد التقارب بين روسيا وبلدان العالم الاسلامي. وشدد الرئيس الروسي على أن السياسة الخارجية لروسيا موجهة نحو تقديم الدعم لتحقيق حل عادل للمشکلة الفلسطينية وتطبيع الوضع في الشرق الأوسط عموما. اتفاق سوداني تشادي وعلى هامش القمة في داكار، وقع الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره التشادي ادريس ديبي أمس الخميس، اتفاق مصالحة ينهي خلافا بين البلدين استمر خمس سنوات. وتم الاتفاق بوساطة من الرئيس السنغالي عبد الله واد الذي يرأس الدورة الحالية لمنظمة المؤتمر الاسلامي. وتعهد الطرفان في الاتفاق بمنع کافة انشطة المجموعات المسلحة في الدولتين، ومنع استخدام اراضي اي من الدولتين لزعزعة استقرار الدولة الاخرى. ولا يقدم "اتفاق داکار" الذي وصف مبدئيا بانه اتفاق جديد لسلام "نهائي" اي جديد للاتفاقات السابقة باستثناء انشاء مجموعة اتصال مکلفة متابعة وتنفيذ الاتفاق بنية حسنة ومراقبة اي انتهاکات محتملة. وقالت الوثيقة، ان هذه المجموعة التي ترأسها ليبيا والکونغو، ستضم وزراء خارجية هذين البلدين والسنغال والغابون واريتريا وتجمع الساحل والصحراء والمجموعة الاقتصادية لافريقيا الوسطى والاتحاد الافريقي. ويقضي الاتفاق بان تجتمع مجموعة الاتصال مرة کل شهر في احدى عواصم الدول اعضاء المجموعة، ويمکنها اذا تقدم اي من البلدين السودان وتشاد بشکوى، ان تدعو الى اجتماع استثنائي. وقال وزير الخارجية السوداني دينغ الور کول: "ان هذا الاتفاق يکمل الاتفاقيات السابقة التي لا تنص على آليات مراقبة". وفي البنود الاخرى للاتفاق، کرر البشير وديبي "تأکيد احترام تعهداتنا السابقة" بهدف "وضع حد نهائي للخلافات بين بلدينا واعادة السلم والامن في المنطقة". تعديل الميثاق وكان أكمل الدين إحسان أوغلوا الأمين العام للمنظمة أعلن أنه تمت الموافقة على معظم البنود للميثاق الجديد للمنظمة، وقال وزير الخارجية السنغالي شيخ تيديان غاديو أنه تم احراز تقدم تاريخي بشأن تعديل الميثاق ، مضيفا" إننا خرجنا من القاعة متفائلين بكوننا انجزنا عملا تاريخيا يتمثل فى انه بعد 36 عاما من العمل بموجب الميثاق القديم نجحنا تقريبا في انجاز توافق عام حول الميثاق الجديد لمنظمة المؤتمر الاسلامي، وذكر أمين عام المنظمة إن أهم ما سوف يصدرعن قمة دكار هو المصادقة على الميثاق الجديد، والذي سيراعي الحاجات والظروف الطارئة على عمل المنظمة بعد عقود من العمل الإسلامي المشترك وأيضا متابعة برنامج الخطة العشرية . وأوضح أوغلو أن الميثاق القديم الذي وضع عام 1972 أصبح الآن لا يفي باحتياجات الأمة وأصبح لا يعبر عن آمال الأمة الإسلامية ، معتبرا أن القرارات والتوصيات التي سيخرج بها مؤتمر القمة الاسلامية التي تستضيفها السنغال ستكون بالغة الاهمية حيث إنها ستسهم في تقدم منظمة المؤتمر الاسلامي إلى الأمام. وأضاف أن المنظمة جعلت من محاربة ظاهرة "الإسلاموفوبيا" والتمييز وعدم التسامح ضد المسلمين والإساءة للإسلام إحدى أهم الأولويات، فقد اعتبر قادة الدول الأعضاء في قمة مكة ظاهرة "الإسلاموفوبيا" والمنحى المتصاعد للتمثيل الخاطئ للإسلام في الغرب، ولاسيما عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وبعض العمليات الإرهابية التي استهدفت بعض البلدان الأوروبية، من أكبر التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية . وطغى على القمة غياب كل من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، والرئيسين الباكستاني برويز مشرف والمصري حسني مبارك والزعيم الليبي معمر القذافي، وكان من بين قادة الدول الثلاثين الذين يشاركون في القمة، الرؤساء الايراني محمود احمدي نجاد والافغاني حميد كرزاي والفلسطيني محمود عباس.