لأن قضية التعليم في مصر من القضايا الحيوية والإستراتيجية التي توليها الثورة عناية خاصة فقد لفت نظري ونحن في بداية عام دراسي جديد ما نقلته لي شخصية لها دور تعليمي وتربوي في تخصصها بحكم عملها كمدرسة في مدرسة تجاور مبني وزارة التربية والتعليم وتتبع إدارة السيدة زينب التعليمية .. ما قالته المدرسة الشابة ينطوي علي كارثة لا تنته حدودها عند النقطة الأخيرة من تحويل مسار التلاميذ موضع الشبهه وأبطال الجريمة ولكنها تمتد إلي ما هو أبعد من ذلك .. أكثر من عشر طلاب تم إستبعادهم من المدرسة نهائياً وأحيلوا إلي نظام الدراسة من منازلهم بعد تحويلهم من الإعدادي العام إلي التعليم الفني ، حيث السادة الطلاب المحترمون المراهقون الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 ، 16 سنة ضُبطوا عشرات المرات وهم يتعاطون المخدرات داخل دورات المياه بالمدرسة المذكورة والتي نكرر أنها تقع بجوار مبني الوزارة ولا يفصلها عنها إلا بضعة أمتار . الأخطر من ذلك أن هؤلاء الطلاب الفاشلين طوروا أداءهم وأنتقلوا من مرحلة التعاطي إلي مرحلة الإتجار وهنا تأتي الأزمة الحقيقية ، حيث إشتكي بعض أولياء الأمور من تعرض أبنائهم إلي ضغوط من جانب الصبية المنحرفين لإجبارهم علي شراء المخدرات وتعاطيها بالقوة ، وهو ما أعطي مؤشراً إلي وجود عصابات وأصابع خفية تحرك التجار الصغار داخل المدرسة وتعمل علي توسيع نشاطهم ، فالقيام بهذه المهمة يحتاج إلي رأس مال وتوفير حماية كافية لوصول المخدرات من بانجو وحشيش وأقراص ليد المدمنين . الغريب أن المدرسة بقياداتها لم تتخذ أي إجراء ضد التلاميذ الأشقياء المجرمين إلا بعد إستنفادهم لسنوات الرسوب ، ثلاث مرات متتالية في الشهادة الإعدادية برغم دوام الشكوي منهم طوال الفترات الماضية ، وبدلاً من فصلهم فصلاً نهائياً وإبلاغ النيابة عنهم إكتفوا بتحويلهم إلي فصول الخدمات والنظام المنزلي وهم يدركون تماماً أنهم بذلك لم يحلوا المشكلة ولكنهم فقط نقلوا العدوي من مكان إلي مكان لتعميم الإدمان وتوفير المواد المخدرة بالمدارس المختلفة ليصبح هناك إكتفاءً ذاتياً لدي جميع القطاعات والإدارات بوزارة التربية والتعليم ! مشكلة أخري أطلعتني عليها المدرسة المخلصة تتعلق بشروط إعادة القيد لمن حصلوا علي جميع فرص النجاح ولم يحققوه .. لقد فرض مدير مدرسة إعدادية أخري بمنطقة المرج التعليمية علي ولي أمر تلميذ راسب ثلاث سنوات مكرر أن يشتري للمدرسة أربعة مراوح سقف وخمس كراسي خيزران كشرط للسماح لإبنه بإعادة السنة الرابعة ودخول الإمتحان مؤكداً أنه يقدم له ولأبنه خدمة العمر لأن القانون لا يسمح بإعادة القيد بعد إستنفاد المهلة المقررة باللوائح ، وعلي الفور إستجاب ولي الأمر أبو التلميذ الفاشل ووعد بإحضار الطلبات في اليوم التالي مباشرةً . هكذا تم حل المشكلة بالمراوح والكراسي وتكييف مكتب "البيه "المدير عملاً بمبدأ "شيلني و أشيلك" .. وراعيني قيراط أراعيك قيراطين .. وسلملي علي التعليم والوزارة ومدرسة المشاغبين .