خفض التصنيف الائتمانى لأمريكا.. "فاتورة متأخرة الدفع" على العم سام
محيط زينب مكي
مزيد من الخفض المتوقع رغم الانتقادات اللاذعة التي أدلت بها وزارة الخزانة الامريكية فور أعلان وكالة "ستاندرد اند بورز" خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من العلامة ( ايه ايه ايه) لأول مرة فى تاريخ البلاد ، رأى العديد من الخبراء خارج الولاياتالمتحدة ان خفض التصنيف الائتمانى هو "فاتورة متأخرة الدفع" يجب على دولة العم سام ان تدفعها لادمانها بالديون.
الوكالة.. مزيد من التخفيضات
وقال مدير التصنيفات السيادية فى الوكالة ديفيد بيرز يوم السبت ان خطة خفض الدين التى توصل اليها الحزبان ليست قوية بما يكفى لاعادة الوضع المالى للولايات المتحدة على المدى الطويل الى مساره السليم مرة اخرى.
وقالت الوكالة فى تقريرها يوم الجمعة الذى جرد الدولة من التصنيف الائتمانى الارفع ان "الخفض يعكس رأينا الذي يفيد بان فعالية واستقرار وتوقعات مؤسسات وضع السياسات الامريكية ضعفت فى ظل التحديات الاقتصادية والمالية المستمرة الى درجة اكثر مما توقعناها عندما صدرت توقعاتنا السلبية للتصنيف فى 18 ابريل 2011".
وأوضحت "ستاندرد اند بورز" بالفعل ان مزيدا من التخفيضات قد تتبع ، لذلك , اذا لم تجر استقطاعات جوهرية فى الانفاق العسكرى الامريكى العملاق وتكاليف الرعاية الاجتماعية المتضخمة , سيؤكد الخفض انه ليس سوى مقدمة لمزيد من التخفيضات فى التصنيفات الائتمانية اكثر دمارا , الامر الذى سيعكر الاسواق المالية باسرها بصورة اكبر .
اضافة الى ذلك , فان تعرض الولاياتالمتحدة لمزيد من خفض التصنيفات الائتمانية من المرجح ان يقوض الانتعاش الاقتصادى العالمى ويوقد شرارة جولات جديدة من الاضطرابات المالية تصطاد الجميع
حق "الدائن" الأكبر
وكانت "داغونغ جلوبال" , وهى وكالة تصنيف صينية وليدة, قد خفضت سندات الخزانة الامريكية فى أواخر العام الماضى 2010 بسبب تفعيل البنك الفيدرالى برنامجه الثانى للتيسير الكمى , غير ان هذه الخطوة قوبلت حينها بشعور من العجرفة والسخرية من قبل بعض المعلقين الغربيين، والآن, اثبتت ستاندرد اند بورز ان ما قامت به نظيرتها الصينية ما هو الا ابلاغ المستثمرين العالميين بالحقيقة الوقحة .
وكالة ستاندر اند بورز وفي تعليق على خفض التصنيف الإئتمانى للولايات المتحدة ، تقول وكالة الانباء الصينية "شينخوا" أن الصين بصفتها اكبر دائن للقوة العظمى الوحيدة فى العالم , لديها كامل الحق الآن فى مطالبة الولاياتالمتحدة بمعالحة مشكلات ديونها الهيكلية وضمان سلامة الاصول المقومة بالدولار للصين ، ولعلاج إدمانها على الديون , يجب على الولاياتالمتحدة اعادة العمل بالمنطق السليم بأن ينبغى للمرء ان يعيش فى حدود قدراته .
وتضيف الوكالة، وينبغى على الحكومة الامريكية ان تدرك الحقيقة المؤلمة بان الايام الماضية حيث لم يكن لها الا ان تقترض للخروج من اى ازمة من صنيعة يديها قد ولت اخيرا، كما يجب عليها ان تتوقف عن عادتها القديمة فى ترك سياساتها للانتخابات المحلية تستحوذ على الاقتصاد العالمى كرهينة وتتوقف ايضا عن الاعتماد على الجيوب العميقة للدول التى تتمتع بفوائض كبيرة لتعويض عجزها الدائم.
استنكار أمريكي
بعد يوم واحد من تجريد الولاياتالمتحدة من التصنيف الائتمانى "الأرفع" لاول مرة فى تاريخها , انتقد مسؤولون كبار فى إدارة أوباما قرار الخفض الذى اتخذته الوكالة.
فقال مسؤول رفيع بوزارة الخزانة الامريكية فى اتصال هاتفى أمس مع "شينخوا", ان تقييم وكالة "ستاندرد اند بورز " الخاص بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة هو "ضعيف ومتسرع" ويفتقد الى المنطق السليم, مضيفا " انهم تسرعوا واتخذوا قرارا خاطئا لا يستند على معلومات صحيحة".
وقال انه يجب على وكالة التصنيف ان تعطى المزيد من الاهتمام الى جهود خفض الدين فى واشنطن حيث سيتم خفض ما يقرب من تريليون دولار امريكي من الدين الحكومى على مدار العقد المقبل بحسب اتفاق سقف الدين الذى توصل اليه الحزبان الديمقراطى والجمهورى. كما ستشكل لجنة خاصة من الحزبين لتحديد سبل جديدة لخفض العجز بواقع 1.5 تريليون دولار، على ما قال المسؤول الذى طلب عدم ذكر اسمه.
الصين الدائن الأكبر للولايات المتحدة وقال المسؤول ان سندات الخزانة الامريكية ما زالت تمثل ملاذا آمنا للمستثمرين العالميين نظرا للقدرة الهائلة للبلد على السداد.
وانتقدت وزارة الخزانة الامريكية ليل الجمعة قرار الخفض فور صدوره, وقال المتحدث باسم الوزارة فى بيان قصير ان" تصنيفا مشوبا بخطأ قدره تريليونى دولار يتحدث عن نفسه."
وقال جون بيللوز , القائم باعمال مساعد وزير الخزانة لشؤون السياسة الاقتصادية أمس السبت" فى الوثيقة التى قدمت الى وزارة الخزانة بد ظهر الجمعة , قدمت ستاندرد اند بورز تقييما خاطئا حول التصنيف الائتمانى للولايات المتحدة بنى على اساس خطأ قدره 2 تريليون دولار".
واشار بيلوز فى مقالة نشرت على موقع وزارة الخزانة الى ان الخطأ قاد الى " صورة مضللة جدا" حول استدامة الدين الامريكي -- اساس تقييمهم المبدئى ... وهذا الخطأ يقوض التبرير الاقتصادى لقرار تصنيفها الائتمانى ... لكن بعد اعترافها بالخطأ , حذفت وكالة ستاندرد اند بورز ببساطة مناقشة بارزة حول التبرير الاقتصادى من الوثيقة.
وتظهر ارقام من وزارة الخزانة ان التقييم المبدئى لوكالة ستاندرد اند بورز يقدر معدل الدين الامريكى المجمع مقابل اجمالى الناتج المحلى ب 93 فى المائة فى عام 2021 وذلك فى التقرير المقدم الى وزارة الخزانة بعد ظهر الجمعة , وتم خفضه الى 85 فى المائة بعد تصحيح وزارة الخزانة لحساب رقم الدين وقدره تريليونى دولار .
وقال بيلوز " من واقع تقديرات ستاندرد اند بورز المصححة , التى خفضت توقعاتها للعجز فى المستقبل بواقع تريليونى دولار على مدار 10 اعوام وخفضت تقديراتها للدين من اجمالى الناتج المحلى بواقع 8 نقاط مئوية بحلول 2021 , فان الدين العام فى وضع مستقر جدا ".
واضاف بيلوز انه لا يوجد منطق مبرر لخفض دين الولاياتالمتحدة بمعزل عن الخطأ فى الحساب, مضيفا ان الملايين من المستثمرين فى انحاء العالم يتعاملون بسندات الخزانة وتقييم جدارة الائتمان الامريكى تتم فى كل دقيقة و كل يوم والتقييم الجماعى يشير الى ان الامة لديها الطرق والارادة السياسية بان تكون فى موضع المسؤولية فى التزاماتها.
أوباما يدعو لتعزيز الاقتصاد نقطة نظام
وعلى الرغم من الانتقادات العنيفة الموجهة من كبار المسؤولين الامريكيين لوكالة ستاندرد اند بورز , الا ان اوباما دعا يوم السبت صناع السياسات فى الولاياتالمتحدة الى بذل جهود مشتركة لتعزيز الاقتصاد ووضع البلاد على اساس مالي اقوى .
وقال اوباما فى بيان " تسوية الحزبين بشأن خفض العجز هى خطوة مهمة فى الاتجاه الصحيح... بيد ان الطريق للوصول الى هناك اخذ وقتا طويلا وفى وقت حاسم للغاية ... ويجب علينا ان نقوم بما هو افصل لتوضيح ارادة الامة وقدرتها والتزامها بالعمل معا لمعالجة تحدياتنا المالية والاقتصادية الكبيرة".