صندوق النقد الدولي.. بين سلطة "الاغنياء" وطموح "الفقراء" !! محيط زينب مكي صندوق النقد الدولي جاء إعلان المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولي بتبنى إجراءا يسمح باختيار المدير العام القادم للصندوق بطريقة مفتوحة وشفافة وعلى أساس الكفاءة, بشرط ان يكون المرشح الناجح صاحب سجل مميز فى صنع السياسات الاقتصادية على المستويات العالية وخلفية مهنية بارزة ومن الضرورى ان يتحلى بالمهارات الادارية والدبلوماسية اللازمة لقيادة هذه المؤسسة العالمية جاء ليفتح الباب أمام الخلاف بين مختلف دول العالم؛ فقد جرى العرف على تولي امريكي رئاسة البنك الدولي وأوروبي رئاسة صندوق النقد الدولي، فيما يرى عدد من الدول الناشئة ضرورة ان يرأس الصندوق شخص من احد الاقتصادات الناشئة والتي كان أداءها افضل من الدول المتقدمة خلال الفترة الأخيرة.
ومن المقرر أن ينتهي صندوق النقد من عملية اختيار المدير العام الجديد للصندوق بحلول 30 يونيو / حيزران الجاري بعد أن تم فتح باب الترشيح 23 مايو / آيار إلى 10 يونيو / حيزران، وفقا لما أعلنه عبد الشكور شعلان عضو مجلس ادارة الصندوق المكون من 24 عضوا وممثل المجموعة العربية.
وعقب استقالة رئيس الصندوق السابق دومينيك ستروس-كان المتهم في قضية محاولة اغتصاب عاملة في أحد الفنادق في نيويورك، رأى البعض أن ثمة رغبة في أوروبا أن يشغل اوروبي هذا المنصب المنشود لان نسبة كبيرة جدا من اموال الصندوق موجودة في القارة التي تتعامل مع توترات منطقة اليورو.
ويعتقد المحللون أن الجانب الأوروبي والأمريكي يأملون فى الدفاع عن مصالحهم المكتسبة في صندوق النقد الدولي والحفاظ على استقرار النظم القائمة، أما الاقتصادات الناشئة فترغب في التعبير عن الطلب القوي لإصلاح الاطار الحالى غير المتوازن للادارة الاقتصادية العالمية.
وبالفعل بدأت وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاجارد ، التي تعتبر المرشح الأوفر حظا والتى تحظى بدعم أوروبا ، بعمل حملة لحشد الدعم لترشحها لرئاسة صندوق النقد الدولي، بعد أن ضمنت أن تحصل على تأييد الولاياتالمتحدة وروسيا لكنها تواجه مقاومة من قوى جديدة مثل البرازيل والصين والهند.
ستراوس كان المدير السابق للصندوق وعلى الجانب الأخر، أعلن ممثلو الاقتصادات الخمسة الصاعدة الرئيسية بصندوق النقد الدولي يوم 24 مايو ان اختيار المدير الجديد للصندوق ينبغي ان يعكس الحقائق المتغيرة للاقتصاد العالمي ولا يقوم على اساس الجنسية في اشارة الى التقليد الخاص باختيار مدير اوروبي.
وصرح ممثلو الصين والبرازيل والهند وجنوب افريقيا وروسيا - دول مجموعة "بريكس" - في بيان مشترك بان "التقليد الذي ينص على ان اختيار المدير العام يتم عمليا على اساس الجنسية يقوض شرعية الصندوق"، ورفضوا ان يتم اختيار خليفة اوروبي للمدير العام السابق للصندوق دومينيك ستراوس- كان.
البرازيل
وفي هذا الصدد، قال وزير المالية البرازيلى غيدو مانتيغا خلال اجتماع مع محافظ البنك المركزى المكسيكى اغوستن كارستنز المرشح للمنصب الاعلى فى المؤسسة المالية العالمية "انه من المهم ان يرأس صندوق النقد الدولى شخص من اقتصاد ناشئ ". وقال مانتيغا " فى السنوات القليلة الماضية , كان اداء الدول الناشئة افضل من الدول المتقدمة بمعدلات نمو اعلى "، مضيفا " كون المشرح ولد فى اوربا او الولاياتالمتحدة لن يجعله الأجدر لهذا المنصب"، موضحا "ان التزام المرشحين باصلاح صندوق النقد الدولى اكثر اهمية من اماكن ميلادهم".
الهند
ومن جابنها، انتقدت الهند الدول الغنية قائلة انها "لا تريد التخلي عن السلطة بسهولة"، قائلة على لسان رئيس وزرائها مانوهان سينج إن "اولئك الذين يمارسون السلطة لا يريدون التخلي عنها بسهولة... واخشى ان يستمر الصراع على تحقيق نظام عالمي افضل ومتوازن واكثر انصافا، بما فى ذلك ادارة المؤسسات العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجلس الامن، لفترة طويلة". واعرب رئيس الوزراء الهندي، بعد رحلة افريقية استمرت ستة ايام، عن امله في الوصول الى توافق على اعلى وظيفة في الصندوق، وهو امر مقبول بشكل عام. وقال إن "الهند تجري اتصالات مع دول مختلفة".
الصين
كريستين لاجارد المرشحة الأوفر حظا كما أعلنت الصين أن رئيس صندوق النقد الدولي ينبغي اختياره من خلال التشاور الديمقراطي مع عملية اختيار أساسها الجدارة والشفافية . ولدى اجابتها على سؤال بشأن موقف الصين من المدير العام المقبل لصندوق النقد الدولي ذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جيانغ يوي "ان اختيار قادة صندوق النقد الدولي والرؤساء التنفيذيين رفيعي المستوى يعد جزءا من اصلاح هيكل المنظمات المالية الدولية". ذكرت جيانغ ، مشيرة الى التوافق الذي تم التوصل اليه من قبل قادة مجموعة العشرين ، أن الاختيار ينبغي أيضا أن يسعى الى زيادة حضور الأسواق الناشئة وأن يعكس بشكل أفضل التغيرات في نظام التخطيط الاقتصادي العالمي . المكسيك وجنوب افريقيا
تخطط المكسيك ترشيح محافظ البنك المركزي للبلاد اغوستين كارستينز لمنصب المدير العام الجديد لصندوق النقد الدولي، ويعتبر وزير المالية السابق لجنوب افريقيا تريفور مانويل أيضا المرشح الاوفر حظا من جانب الاقتصادات الناشئة، ومن هذه الإجراءات، يتضح ان الاقتصادات الناشئة بدأت تشكيل جبهة لمواجهة الدول الأوروبية.
أصحاب السلطة
يعتقد المحللون أن الدول الأوروبية مازالت تعتبر منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي بمثابة امل للخروج من مشكلة الديون السيادية، وتوصلت إلى اتفاق سريع لتسمية مرشحها الذى تمثل فى وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد .
كما يعتقدوا أن الدول الاوروبية تأمل تحقيق الفوز في هذه المنافسة الشرسة، بسبب اثنين من العوامل، هما التاريخ والواقع، فمنصب المدير العام لصندوق النقد الدولي يشغله الاروببيون منذ تأسيس الصندوق، ومن ثم تعتقد الدول الأوروبية ان المنصب يستحقه أوروبي.
وختاما، على الرغم من ارتفاع نسبة التصويت للاقتصادات الناشئة في صندوق النقد الدولي، لا تزال نسبة البلدان المتقدمة كبيرة بشكل يوحى بعدم امكانية فوز الاقتصادات الناشئة في المنافسة، ولاتزال الولاياتالمتحدة هى الدولة الوحيدة التى تتمتع بحق النقض في صندوق النقد الدولي، ويلعب موقفها دورا حاسما في نتيجة اختيار رئيس صندوق النقد الدولى، ولكنها حتى الآن اعربت عن وجهات نظرها بشأن معايير الاختيار للرئيس الجديد لصندوق النقد الدولي فقط، ولم توضح موقفها ازاء المرشحين.