نيويورك : بعد وصول أسعار النفط الخام لأعلى مستوياتها منذ نحو ثمانية أشهر متجاوزة ال73 دولارًا، يبدو أن السوق البترولى أصبح غير مهيئاً فى المرحلة الراهنة لمواصلة ارتفاعاته فى ظل عدم ظهور حتى الآن أى بوادر انتعاش ملحوظ بمستويات الاستهلاك العالمي. كما إن الملاحظ إن السوق البترولى قد تجاهل بصورة واضحة عاملاً "جيوسياسيا" هامًا متمثلاً فى الأزمة التي تشهدها إيران، حيث تعد خامس أكبر مصدر للنفط فى العالم، وذلك بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، اذ كان المفترض أن يكون للمأزق السياسي الراهن تأثيرًا على إتجاهات أسعار النفط من حيث مواصلة الارتفاع. ويرى المحللون أن تجاهل السوق البترولى للتطورات الأخيرة فى إيران، يأتى فى الوقت التى تشير فيه الاحصائيات إلى فائض القدرات الإنتاجية غير المستغلة للدول المنتجة يكفى لتغطية أى نقص محتمل فى مستويات المعروض العالمي. وتشير تقديرات وزارة الطاقة الأمريكية إلى أن القدرات الإنتاجية غير المستغلة لدول أوبك قد ارتفعت لأعلى مستوياتها منذ نحو سبعة أعوام، حيث وصلت إلى 4.7 مليون برميل يوميًا مقابل 1.5 مليون برميل يوميًا العام الماضي. وترجع تلك الطفرة فى القدارت الإنتاجية غير المستغلة إلى الانخفاض الملحوظ فى مستويات الطلب العالمي على النفط، فى ظل الكساد الذى ضرب العديد من الاقتصاديات الصناعية والناشئة. وأشار المحللون الى إن ذلك الفائض فى القدرات الإنتاجية يكفي لتغطية نحو ضعف الصادرات النفطية لإيران. وكان السوق البترولي قد شهد من قبل ردود فعل قوية عوامل "جيوسياسية" نظرا لأن فائض القدرات الإنتاجية الغير مستغلة فى السوق لم تكن تكفى لتغطية أي نقص محدود فى حجم المعروض إلا إن المظاهرات الأخيرة التي شهدتها إيران بعد الانتخابات لم يكن لها تاثير يذكر على إتجاهات الأسعار نظرا لفائض القدرات الإنتاجية والمستويات القياسية للمخزون البترولى فى العديد من الدول المستهلكة. ويشير تقرير أوردته صحيفة الفايننشال تايمز على موقعها الإلكتروني إلى أن الفتور الذى أبداه السوق البترولي للأزمة السياسية فى ايران يعد مؤشرًا على أن زيادة القدرات الإنتاجية غير المستغلة للدول المنتجة سيتيح لمنظمة "أوبك" التحكم فى إتجاهات الأسعار بشكل أكثر فاعلية خلال فترات الأزمات السياسية. وقد بلغ إنتاج ايران النفطي الشهر الماضي نحو 3.6 مليون برميل يوميًا وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الامريكية، وتبلغ صادرات إيران حوالى 2.2 مليون، حيث تستوعب أسواقها المحلية نحو 1.4 مليون برميل. وحول تحركات أسعار النفط فى الأسواق العالمية تراجع سعر النفط الخام فى أخر تعاملات الأسبوع فى بورصة نيويورك للسلع بأكثر من دولارًا للبرميل، وذلك فى ظل التوقعات التي ترجح ارتفاع مستويات المعروض من الوقود فى السوق الأمريكى نظرًا لارتفاع إنتاج معامل التكرير وانتعاش حركة الواردات. وأشارت شبكة "بلوم برج" إلى تراجع سعر النفط الأمريكى لعقود شهر يوليو عن مستوى ال 70 دولارًا ليبلغ 69.55 دولارا بانخفاض قدره 1.8 دولارا أو 2.6 %، وقد اعتبر ذلك أدنى مستوى لسعر الخام منذ 8 يونيو الحالي، وبلغت نسبة انخفاض نسبة العقود الآجلة فى بورصة نيويورك بحوالى 3.5 % خلال الأسبوع الأخير. وفى بورصة البترول الدولية بلندن سجل سعر خام برنت لعقود شهر اغسطس 69.19 للبرميل بانخفاض نسبته 2.6 %.