دعا منتدى الاقتصاد العربي الذي انعقد في دورته ال17 إلى الاستثمار في قطاعات التعليم والثروة البشرية والصناعة وانشاء صندوق عربي مشترك يعمل على اقراض الدول التي تعاني من صعوبة في مواجهة التداعيات الناجمة عن الأزمة المالية العالمية . وحذر البيان الختامي الصادر عن المنتدى اليوم من الانعكاسات السلبية لتراجع معدلات النمو والركود الاقتصادي العالمي, مؤكدا ان موضوع الاصلاح الاقتصادي في الدول العربية يعتبر عنصرا اساسيا في تحقيق التقدم الاقتصادي. وأشار البيان الذي أوردته وكالة الأنباء الكويتية إلى أنه سيكون من الصعوبة بمكان رصد مؤشرات وتوقعات مستقبلية دقيقة عن انعكاسات الازمة وما ستؤول اليه في المرحلة المقبلة نظرا لحجم التغييرات وسرعة التحولات التي تحدثه". وحذر البيان من أن "حالة الركود العالمية الحالية وتراجع النمو عالميا تطول وتزداد عمقا من ناحية الانعكاسات في ظل عدم التأكد من انها قد تكون وصلت فعلا الى حدها الاقصى وذلك على الرغم من التحسن الذي بدأ يطرا على الصعيد المالي والاستجابة التي تتم للاجراءات المتخذة لمعاجلة الازمة في مختلف الدول وهو ما يستلزم دفع عجلة الاقتصادات العربية الى التحرك وعدم الانتظار". وأكد البيان أهمية اعطاء موضوع "الاستثمار في التعليم والثروة البشرية العربية" الاولوية التي تليق بدوره في الاقتصاد وابراز البعد التنموي والاستثماري". وبين أنه "على الرغم من أن انعكاسات الازمة المالية العالمية قد تبطىء من وتيرة الاصلاحات الجارية في بعض الدول العربية إلا ان ذلك يجب الا يدفعنا الى ايقافها مهما كانت الظروف والاسباب". وأشار الى ان "مسألة النمو والربح السريع في القطاع العقاري العربي أدت إلى الحد من النمو المتوقع فيه وهو ما دفع إلى موجة هبوط, بيد انه راى ان ذلك ليس بمؤشر سلبي على المدى المتوسط والبعيد مؤكدا أهمية ان يكون "التفاؤل" هو السمة الابرز في القطاع العقاري العربي الذي يمثل ثروة حقيقية. وأكد البيان على أن "الوضع المصرفي العربي أفضل بكثير منه في بقية العالم", مشيدا بالسياسية المصرفية "الاستباقية" لبعض الدول العربية في مواجهة الانعكاسات على قطاعها المصرفي كلبنان والأردن. أما الدول الخليجية التي تتمتع بقوة مالية كبيرة مقارنة بغيرها من الدول العربية فقد استطاعت إلى الآن مواجهة واحتواء الانعكاسات المحدودة نسبيا والتي ألمت بالقطاع المصرفي لديها". وشدد البيان على أهمية القطاع الصناعي العربي على اعتبار أن الصناعة هي الاصل في العلاقات بين الدول وان الاقتصاد لا يمكن ان يتطور الا على قاعدة شراكات استراتيجية تقوم على القطاع الصناعي والتجارة. وفي هذا الاطار أكد البيان أهمية التركيز على تضافر جهود القطاعين العام والخاص وعلى تحقيق التكامل بينهما للارتقاء بالصناعات العربية الكبرى الى المستوى العالمي دون اهمال. وشدد على ضرورة "دعم الصناعات المتوسطة والصغيرة وذلك لبناء صناعة عربية اكثر قدرة وحصانة ضد التقلبات الاقتصادية المستقبلية. وأوصى المنتدى بضرورة مقاومة الاتجاهات الحمائية الآخذة في الانتشار كرد فعل على تداعيات الازمة المالية العالمية وايجاد بيئة استثمارية جاذبة عبر تطوير الانظمة وتبسيط الاجراءات واستثمار المدخرات وتفعيل العمل العربي المشترك لتحويل الازمة الى فرصة تتيح المجال لكافة شرائح المجتمع والقوى الفاعلة فيه الى بناء اقتصاد اقوى واكثر تنوعا ومناعة. ودعا المؤتمرون المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي "لمتابعة معاجلة الانعكاسات الناجمة عن الازمة المالية العالمية على الدول العربية وتقيد الدول العربية بضرورة تنفيذ المنطقة الاقتصادية العربية الحرة والبحث في انشاء صندوق عربي مشترك يعمل على اقراض الدول التي تعاني من صعوبة في مواجهة المشاكل والتداعيات لديها". وأكد المنتدى أهمية دفع المصارف الى الاقراض والمستهلك الى الاستهلاك مع اعطاء البنوك المركزية دورا اكبر, وكذلك الامر بالنسبة للقطاع العام ولكن كمراقب وليس كاداري, مشددا على ضرورة "انشاء سوق سندات وصكوك متطور لفتح قناة اخرى للاقتراض وحل مشكلة الاقراض في المشاريع الكبرى من خلال القطاع العام مؤقتا حيث لا بديل عن دوره في هذا المجال لسد الفجوة القائمة. وأكد أهمية تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل وبالتالي تقليص معدل البطالة من خلال خلق المزيد من فرص العمل. وشدد على ضرورة تحقيق نمو مستدام في القطاع العقاري والتركيز على الطلب الحقيقي, واحداث التشريعات المطلوبة للحد من عمليات المضاربة. يذكر أن الدورة ال18 لمنتدى الاقتصاد العربي ستعقد في بيروت خلال شهر مايو من عام 2010. وكان مسئولين ورجال أعمال عرب قد قدروا خلال ملتقى الاستثمار العربي" الذي عقد في دبي حجم الخسائر التي تعرضت لها الثروات العربية في الخارج جراء الأزمة بأكثر من 3.1 تريليون دولار, داعين المستثمرين والصناديق السيادية الإقليمية إلى توجيه استثماراتهم نحو المنطقة العربية. من جانبه, رجح رئيس مجلس "الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية" عدنان القصار، أن تكون الأصول العربية في الخارج فقدت حتى الآن نحو 2.5 تريليون دولار، جراء أزمة المال العالمية، إلى جانب خسائر تتجاوز 600 مليار دولار، بسبب انهيار الأسواق المالية والتراجع الكبير في أسعار النفط. ونقلت صحيفة الحياة اللندنية قول القصار "أن الآفاق المستقبلية للسنة الحالية لن تكون بقوة النمو ذاتها التي عرفتها الدول العربية العام الماضي", متوقعا تباطؤ إجمالي الناتج المحلي في المنطقة إلى 3.9 % لهذه السنة. وأشار مشاركون في الملتقى، إلى أن الملاءة المالية للدولة العربية ستمكنها من تخطي الصعاب الحالية، على اعتبار أن احتياطي العملات الأجنبية لدى دول مجلس التعاون الخليجي، بلغت مستويات قياسية عام 2008، وتجاوزت 1.5 تريليون دولار، وهو الأمر الذي قد يخفف من حدة انعكاسات تراجع أسعار النفط.