بعد أيام من المداولات شهدت سجالا واسعا في مجلس الشيوخ حول خطة النهوض بالاقتصاد، التي تقدم بها الرئيس الجديد باراك أوباما، والتي تهدف إلى انتشال الاقتصاد الأمريكي من الركود الذي يعد الأسوأ على الإطلاق منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، نجحت مجموعة صغيرة من أعضاء المجلس "المعتدلين" من الحزبين الجمهوري والديموقراطي في التوصل إلى تسوية مع الجمهوريين المعتدلين حول اعتماد الخطة بقيمة تصل إلى 780 مليار دولار بعد أن كان الحديث يدور حول 937 مليار دولار. ويتجه المجلس لتمرير الخطة نهائيا يوم الاثنين المقبل على الرغم من أن غالبية الأعضاء الجمهوريين في المجلس لا يزالون يعارضون الخطة، حتى أن بعضهم يرى انه في حال إقرار الخطة سيكون ذلك يوما سيئا للولايات المتحدة. وكان مجلس النواب الذي يتمتع بغالبية ديموقراطية أقر صيغة أولية بقيمة 819 مليار دولار من دون أن يصوت إي جمهوري تأييدا للخطة، و في حال اقر مجلس الشيوخ الخطة يجب أن يقوم المجلسان بتوحيد صيغة الخطة على أن يطرح النص الموحد مجددا للتصويت في مجلسي الكونجرس. وكان الرئيس باراك أوباما قد اعتمد لهجة حازمة في مواجهة بطء المداولات أثارت الخطة التي بدأت منذ منذ يوم الاثنين الماضي، وقال الجمعة بعد الكشف عن ارتفاع في نسبة البطالة التي بلغت 6.7%، وهو أعلى مستوى لها منذ سبتمبر 1992، إنه "من غير المسئول أن يحصل التعطيل والتأخير في حين يُسرح ملايين الأمريكيين من عملهم". وكان تقرير صدر حديثا عن وزارة العمل الأمريكية قد كشف عن بلوغ إجمالي من فقدوا وظائفهم خلال يناير الماضي 598 ألف شخص مما رفع معدل البطالة ، في حين فقد نحو 3.6 ملايين شخص وظائفهم منذ بداية الركود في ديسمبر 2007. وفي خطوة اعتبر بعض المراقبين أنها تهدف إلى تصعيد الضغط على المجلس، عين أوباما يوم الجمعة هيئة استشارية تضم خبراء اقتصاديين وقيادات من قطاع الأعمال وأكاديميين وزعماء نقابيين، لمساعدته في توجيه جهوده للتغلب على الأزمة وإعادة بناء النظام المالي. ويتألف المجلس الجديد من 15 عضوا ويرأسه بول فولكر وهو رئيس سابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، كما حدد الرئيس الأمريكي مهلة حتى منتصف فبراير لكي يوافق الكونجرس على مشروع القانون ويرسله إلى مكتبه لتصديقه. ووفقا لما أورده موقع التلفزيون الألماني على الإنترنت فقد وافق الديمقراطيون بعد خمسة أيام من المفاوضات الساخنة على تخفيض عشرات المليارات من الدولارات من قيمة خطتهم الأصلية التي كانون قد اقترحوها، والتي كانت تبلغ قيمتها 937 مليار دولار، وذلك للحد مما يصفه منتقدون معظمهم جمهوريون بأنه إنفاق غير المبرر. وأوضح عدة أعضاء ديموقراطيين في مجلس الشيوخ إن توزيع النفقات في الخطة الجديدة، التي يبقى أن يصوت عليها المجلس، أتى على الشكل التالي: 58 % للاستثمارات المختلفة (طاقة وتربية وصحة وغيرها) و42 % للتخفيضات الضريبية. وقد نجح الديمقراطيون في الحصول على دعم نائبَين جمهوريين وبذلك يصل عدد أصوات النواب الداعمة للخطة 60 صوتا من أصل 100 صوت في مجلس الشيوخ، لكن الجزء الأكبر من أعضاء مجلس الشيوخ في المعارضة الجمهورية لا يزال على معارضته لخطة الإنعاش. وفي هذا الصدد يقول السناتور جون ماكين المرشح الجمهوري السابق للرئاسة الأمريكية انه في حال إقرار النص "سيكون ذلك يوما سيئا للولايات المتحدة"، في حين رفض زعيم الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل التسوية. جدير بالذكر أن نقاط الخلاف التي يسعى النواب الجمهوريون إلى تحسينها في خطة الإنعاش هي الحصول على المزيد من التخفيضات الضريبية والتقليل من النفقات العامة.