من الواضح أن الأزمة المالية العالمية أصبحت تهدد بقوة الاقتصاد الصيني خاصة في ضوء تقلص احتياطي النقد الأجنبي الذي يعد أكبر احتياطي تملكه دولة في العالم لأول مرة منذ خمس سنوات. وكشف تصريح لمسئول بإدارة الحساب الرأسمالي التابعة لهيئة الدولة للصرف الأجنبي نشر على شبكة الإنترنت ذكر فيه أن الاحتياطي هبط لأول مرة منذ ديسمبر 2003 دون أن يحدد قدر الهبوط الذي أصابه. وأشارت وكالة الأنباء القطرية إلى أن الاحتياطي الصيني تجاوز 1.9 تريليون دولار في نهاية سبتمبر الماضي. وجاء هذا التصريح ليضاف إلى قائمة التوقعات التي ترجح تراجع نمو الاقتصاد الصيني العام المقبل كنتيجة مباشر للأزمة المالية العالمية, فقد كشف تقرير للبنك الدولي عن إمكانية تراجع النمو إلى حوالي 7.5% العام المقبل وهو ما سيعد أدنى معدل يسجل منذ نحو 18 عاما. وعزا التقرير الربع السنوي الخاص باقتصاد الصين ذلك التراجع الملحوظ الذي قد يشهده الاقتصاد الصيني بعد أن أحرز نموا بلغ 12% العام الماضي إلى مظاهر الكساد التي بدأت تصيب أغلب الاقتصادات الصناعية والتي ستؤدي إلى خفض معدلات الاستهلاك بشكل واضح وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث أول تراجع في حركة الواردات عالميا وللمرة الأولى منذ العام 1982.? ويشير لويس كويجس كبير المحللين لدى البنك الدولي أن تراجع حركة الواردات عالميا سينعكس بصورة سلبية على الاقتصاد الصيني خاصة وأن الصادرات تمثل دعامة أساسية لمعدلات النمو السريعة التي حظي بها الصين على مدى السنوات الأخيرة. وقال في تصريحات أوردتها صحيفة "شينا ديلي" عبر موقعها الالكتروني إن النصف الأول من العام المقبل سيكون الأكثر صعوبة للاقتصاد الصيني غير أنه أكد أن الصين ما زالت تمتلك الأدوات الكفيلة بضمان استمرارية النمو بمعدلات جيدة. وتتضح أول مؤشرات انعكاس الأزمة على الاقتصاد الصيني من خلال البيانات المتعلقة بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لأسواق الصين والتي بدأت تشهد تراجعا في معدلات النمو فعلى الرغم من وصول النمو السنوي لحركة الاستثمار الأجنبية على مدى التسعة الشهور الأولى من العام الحالي إلى حوالي 39.9% وارتفاع استثمارات الشركات الأجنبية لتبلغ 74.4 مليار دولار إلا أن حجم الاستثمارات المباشرة المتدفقة للصين قد بلغت خلال الشهر الماضي 6.64 مليار دولار فقط مقارنة بالمستوى الشهري المسجل على مدى العام الحالي في حدود 8.3 مليار دولار. وأشار تقرير لصحيفة "شينا ديلي" إلى أن تلك البيانات الخاصة بوزارة التجارة الصينية تعكس أيضا وجود تباطؤ في معدل نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة والذي بلغ خلال النصف الأول من العام حوالي 45.6%. ويري أحد المحللين لدى مؤسسة "شينا ايكونوميك بيزنيس مونيتو" إلى أنه مع تضرر الاقتصاديات الأوروبية والاقتصاد الأمريكي نتيجة الأزمة الراهنة، ستبدأ رؤوس الأموال الأجنبية النزوح عن الأسواق الناشئة والعودة من جديد لأوطانها.