القاهرة: صدر مؤخراً عن الدار المصرية اللبنانية مجلد يضم المسيرة العلمية والفكرية لرائد الدراسات الشرقية عبد الوهاب عزام بعنوان "عبدالوهاب عزام رائداً ومفكراً"، من تأليف الدكتور السباعي محمد السباعي، وقدمه مستشار الأمين العام الأسبق للجامعة العربية ممدوح عزام أحد أفراد أسرة الراحل، كما ضم الكتاب مقدمة أخرى للدكتور مصطفى الشكعة تحت عنوان "تصدير واجب أداءً لدين". ووفقاً لمحمود قرني بصحيفة "القدس" العربي كان الدكتور السباعي مؤلف الكتاب أحد تلامذة المفكر الراحل، والذي يشير إلى أن الدافع وراء تقديمه لمثل هذا الكتاب لكون المفكر الراحل كان واحدا من الذين يدركون واجبهم نحو أمتهم، إلى جانب جمعه لعدة صفات منها كونه أستاذاً، وأديباً، وشاعرا، ومترجماً، وناقداً، وغيرها. ويؤكد المؤلف على ما كان يمتلكه عزام من إيمان بوحدة الفكر الإسلامي وسموه وإيجابيته وقدرته على حض المسلمين على التمسك بما لديهم من كنوز فكرية، كذلك إيمانه بالترجمة وتجميع المفكرين من العالم الإسلامي وتقوية الروابط معهم كوسيلة لمواجهة التحديات الغربية. ينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول بالإضافة إلى ثبت بالأعمال العلمية للدكتور عبد الوهاب عزام وقد جاء الكتاب في 512 صفحة من القطع الكبير. وبحسب المؤلف فإنه بالرغم من أهمية عبد الوهاب عزام إلا أنه لم يحظ بما يستحق بين أبناء جيله، ويرجع ذلك بعدة أسباب منها المناخ الفكري الذي ساد مصر والأمة العربية والإسلامية آنذاك، وكذلك قلة تلاميذه، وأن مقالاته في مجلتي الرسالة والثقافة اللتان توقفتا عن الصدور لم يتم الإلتفات إليها بعد ذلك، أيضاً عدم طباعة مؤلفات عزام ونشرها من جديد. فلم يطبع منها سوى القليل. في الفصل الأول من الكتاب يتناول المؤلف حياة المفكر الراحل ونشاته موضحاً انتمائه لأسرة لها دورها الفكري والسياسي والنضالي ضد الإنجليز، وأنه التحق بالتعليم الأزهري بعد أن أنهى مرحلة الكتّاب ثم التحق بمدرسة القضاء التشريعي التي تخرج منها عام 1920 وعين معيدا في المدرسة وفي عام 1923 حصل على درجة الليسانس في الأدب من الجامعة المصرية وسافر إلى لندن ليعمل مستشارا للشئون الدينية وإماما للسفارة المصرية فيها. وخلال تواجده في لندن اطلع عزام على ما يكتبه المستشرقون عن الإسلام والمسلمين والعالم الإسلامي، ورأى أن يدرس اللغات الشرقية، الفارسية، التركية، والأردية ليقف على أدب تلك اللغات وثقافتها، وآدابه، وبالفعل التحق بمدرسة اللغات الشرقية في لندن، وحصل على درجة ماجستير في الأدب الفارسي وكان موضوعها "التصوف وفريد الدين" ثم عاد إلى مصر، ليواصل ما بدأه في لندن، ليسجل رسالة للدكتوراه عن "شاهنامة" الفردوسي، وهو واحد من أشهر شعراء الملاحم في الأدب الفارسي، بل وأبرزهم وأسبقهم. وعين عزام مدرساً للغات الشرقية في كلية الأداب، ثم ترقى حتى أصبح أستاذاً عام 1939 ثم رئيسا لقسم اللغة العربية فمعيدا للكلية عام 1945، ثم تقلد عدة وظائف دبلوماسية كسفير في عدة دول. وأصدر المفكر الكبير على مدار حياته عدة مؤلفات هامة منها: "مدخل إلى الشاهنامة العربية للبنداري"، "التصوف وفريد الدين العطار"، "مهد العرب"، "محمد إقبال"، "الأدب الفارسي بالاشتراك مع يحيى الخشاب" وغيرها، إلى جانب ترجمة العديد من الكتب خاصة عن اللغات الشرقية.