يثير الكتاب الجديد للكاتب الباكستاني طارق علي الصادر بعنوان "المواجهة: باكستان في مجرى انطلاق القوة الأمريكية" عدة أسئلة منها: هل تشكل الخطوات المرتقبة لإدارة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما تجاه أفغانستان بوادر كارثة جديدة تسببها السياسة الخارجية لأمريكا؟ هل يفاجأ العالم الذي تنفس الصعداء بعد رحيل إدارة بوش بحرب أميركية جديدة طويلة المدى؟. في واقع الأمر صرح الرئيس أوباما مرارا في حملته الانتخابية عزمه على تصعيد العمل العسكري في أفغانستان، وكان تركيزه على الحرب في أفغانستان معادلا لرفضه للحرب في العراق. وقد قال أوباما بوجوب تحويل القوات الأميركية المنسحبة من العراق إلى أفغانستان، ولم يتردد في القول بأنه على استعداد لضرب أهداف عسكرية داخل حدود باكستان إذا استدعى الأمر. ينتقد طارق علي في كتابه الصادر نهاية العام الماضي عن دار "سكريبنر" وفق ما كتب محمد عبد الخالق بكري بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية تصريحات أوباما حول تصعيد العمل العسكري في أفغانستان، ويرى أنه لا سبيل لحسم الوضع في تلك البقعة عسكريا. يقول الكاتب إن تزايد الوجود العسكري الأجنبي في أفغانستان سيدفع الأفغان، حتى الذين لا يعطفون على حركة طالبان، إلى أحضان التطرف والعداء للغرب، لتتسع المقاومة على نحو غير مسبوق. يؤكد المؤلف أنه لا سبيل لاستقرار أفغانستان دون تنفيذ حزمة من السياسات التي تستهدف بناء البنية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وهذا يستلزم مراجعة المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي لسياساتها، فعلى الصندوق أن يراجع سياساته الائتمانية ليستهدف مشكلات الصحة والتعليم والفقر والبطالة في أفغانستان. ويبدو أن المؤلف يستبعد مشاركة حركة طالبان في هذه الحكومة القومية، فهو يؤكد أنه حتى لو قبلت الولاياتالمتحدة التعايش مع نسخة أقل تطرفا من "طالبان" فإن القوى الإقليمية لن تسمح بذلك؛ إذ ليس لديها أدنى مصلحة في مشاركة "طالبان" في حكم أفغانستان. ويوجه المؤلف نقدا قاسيا إلى النخبة السياسية الباكستانية بشقيها العسكري والمدني، ويتهمها بالعزلة والاغتراب عن هموم ومشكلات الشعب الباكستاني، ويتهم الولاياتالمتحدة بإداراتها المتعاقبة بقصر النظر في الركض خلف مصالحها، لأنها - كما يقول - قد نفضت يدها من باكستانوأفغانستان بعد دحر الغزو السوفيتي، ظنا أن التداعيات المريعة في الإقليم شأن لا يخصها حيث أنها أنهت مهمتها في المنطقة. لكن يعود الأمر ليرتد إلى صدر أمريكا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، ليثبت خلل هذه السياسة وقصر نظرها. ومن القضايا المثيرة للجدل التي أثارها الكاتب، أن خطر تنظيم القاعدة على المصالح الأمريكية قد تم تضخيمه من قبل الحكومة الأمريكية والغرب عموما، ف "القاعدة" في أسوأ الفروض قادرة على توجيه ضربات متفرقة هنا وهناك، ولكن أفعالها لا تؤثر على المجرى العام للسياسة الأمريكية. ويشير الكاتب هنا إلى عجز تنظيم القاعدة عن اجتذاب قطاعات واسعة من الجماهير المسلمة، نسبة للتكتيكات التي يتبعها.