باريس: صدر للمؤرخ والكاتب بريطاني الجنسية من اصل باكستاني طارق علي عن دار نشر (سابين ويسبيزيه) الترجمة الفرنسية لروايته "سلطان في باليرمو" والتي يحاول من خلالها أن يؤكد علي أن مسألة الصدام فيما بين الحضارات المختلفة ليست سوي شئ غير معقول، بل يصل الأمر إلي درجة السخافة. ففي الرواية نجد ملك نصراني يبدي أمام أحد أصدقائه المسلمين مشاعر الحسرة من عدم غزو العرب لأراضي إنجلترا، الملك هو (روجر الثاني) المنحدر من أصل نورماندي والذي كان قد توج كأول ملك لجزيرة صقلية علي يد بابا غير شرعي يُدعى (أناكليه الثاني) في عام 1130 ميلادي. أما صديق الملك المسلم فقد كان هو مصمم الخرائط ورسامها: محمد بن عبد الله بن محمد الإدريسي. نحن وقتئذ في عام 1153 ولم يتبق للملك روجر الثاني من عمره سوي عام واحد سوف يحياه. نعم، لم يضع العرب سيطرتهم علي جزيرة صقلية، غير أنهم استفادوا من خلال تواجدهم في باليرمو، وفي حالة تتمتع بامتياز فريد من نوعه بفضل رعاية الملك روجرز الثاني الذي أصبح يُطلق عليه وعن طيب خاطر السلطان (روجاري). وذات يوم - وفق عاطف عبد المجيد بجريدة "القاهرة" المصرية نقلا عن صحيفة "لوموند" الفرنسية - دُبرت احدي المؤامرات من اجل إجبار الملك (روجر الثاني) علي ان يضحي بمستشاره العربي الأهم والذي كان يُدعي فيليب المهدي، ومنذ ذلك اليوم والإدريسي يعيش حالة من التشتت بين أن يكون وفّيا لأولئك الذين يشاركونه الدين ويباركون حركات التمرد المسلح وبين ثقته في الملك (روجر الثاني) وإمكانية المشاركة والمعايشة الطيبة فيما بين المسيحيين والمسلمين. كان محمد الإدريسي مغرما بالشعر، وفي الوقت نفسه كان طبيبا، وعالما متخصصا في علم الأحياء إضافة إلي أنه كان يرسم ويصمم الخرائط، وقد اتهم بتورطه في مؤامرات سياسية ومثلها في مغامرات غرامية، لقد كان الإدريسي شخصية روائية رائعة مشكلا علم الرموز الذي يمكن أن نطلق عليه (إسلام الإشعاعات) بحلقة جوهرية في التحول والانتقال إلي التراث الإغريقي الغربي. أما" سلطان بالريمو" فهي الجزء الرابع من كتاب طارق علي المعنون ب "خماسية الإسلام" والذي أعاد إحياء العصور التاريخية التي شارك فيها المسيحيون المسلمين، وفي حالة مواجهة أحيانا، وفي حالة هدوء مؤقت أحيانا أخري. كان الجزء الأول من هذا الكتاب - وفقا لنفس المصدر - قد صدر عام 2003 تحت اسم "في ظل شجرة الرمان" ثم تلاه كتاب "صلاح الدين" أثناء استرداد مدينة القدس ثم "امرأة حجرية في زمن الإمبراطورية العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر". ولد طارق علي عام 1943 في مدينة لاهور الباكستانية وكبر وترعرع في باكستان في كنف عائلة تنتمي إلي طائفة الشيوعيين العقلانيين، وفي ذلك البلد المسلم بدأ دراساته في مدرسة يقوم بإداراتها مبشرون كاثوليك من ايرلندا. وبناء علي طلب العائلة حاول الأب أن يدخل ابنه مدرسة إسلامية إلا أن الابن رفض ذلك وهو يثق أنه سوف يواجه أناسا جاهلين يهتمون بقراءة القرآن دون أن يعرفوا منه أي شئ. أطلق عليه البعض لقب الزنديق المناضل، وقد ادرك وهو في الجامعة السبب الذي من ورائه أرسله والداه إلي بريطانيا العظمي، السبب هو الاطمئنان عليه بعيدا عن مسرح النزاعات وفي جامعة إكسفورد أصبح بسرعة البرق الموجه للمعارضة الطلابية ورمزا للمقاومة ضد الحرب علي فيتنام. يذكر ان طارق علي اشتهر بإنتقاده للسياسات الأمريكية و الإسرائيلية من اهم كتبه "صدام الاصوليات : الحملات الصليبية"، "الجهاد و الحداثة" و كتاب "بوش في بابل" الذي إنتقد فيه الحرب الأمريكية على العراق.