«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب هيكل والشيوعيين .. ضجيج فكري منزوع الدسم
نشر في محيط يوم 24 - 07 - 2007


ضجيج فكري منزوع الدسم

بينما اتهمهم أستاذ الجيل محمد حسنين هيكل على قناة الجزيرة بأنهم أبعد القوى عن أن يقوموا بنظام جديد وأن بينهم وبين الوطنية مشكلة ,ونشأتهم كانت في أوساط يهودية ,أطلق كبار المفكرين الشيوعيين المصريين النار على هيكل ,معلنين أنه كذاب لا يقدم تاريخا وإنما يقدم ما يمكن أن يطلق عليها قصة حياته أو مذكرات شخصية مذاعة على قناة الجزيرة ومسجلة على أقراص مدمجة
ذاهبين إلى أنه " هيكل "إذ يقدم هذه المسائل إنما يركز بصفة أساسية على دوره وأدوار أخرى إما ساعدت في صنعه أو التصق بها .
محيط صفية حمدي
ولم يكن نقدهم اللاذع الموجه لهيكل مقتصرا على ما رددوه خلال ندوة عقدتها دار الثقافة الجديدة بالقاهرة بعنوان " الحركة الشيوعية وهيكل ",وإنما كان هذا إعلاناً للكتاب الذي أصدروه ردا على ما سرده هيكل خلال أحاديثه بقناة الجزيرة القطرية وحمل نفس العنوان ,وأشاروا لأنهم حاولوا مراسلة قناة الجزيرة مطالبين بحق الرد ,ولكن أحدا لم يجيبهم !!
استنكر المفكر الشيوعي أحمد عبد الحليم في عرضه للكتاب قول هيكل أن"الشيوعيون في موقفهم من الوطنية لم يكونوا قوة مؤثرة في المجتمع المصري ",وطالب بمحاولة تصور المجتمع المصرى والحياة الفكرية المصرية دون دور الشيوعيين :بلا حسن فؤاد وعبد الغنى أبو العينين ومحمد عودة وحلمى التونى ,وفن الكاريكاتير بلا جاهين وعبد السميع وبهجت وحجازي ,والمسرح بلا يوسف إدريس وعبدالرحمن الشرقاوى , مرددا أن الشيوعية مهما كانت العيوب إسهامها باق وليس محل شك .
واستشهد بنجيب محفوظ في أعماله قائلا أنه لا يكاد عمل لمحفوظ يخلو من شخصية الشيوعي ابتداء من خان الخليلى ومحجوب عبدالدايم ,وفى الثلاثية أحمد عبدالمنعم وبعدها الشحات وميرامار وباق من الزمن ساعة الخ ",مع ملاحظة أنه "احمد عبد الحليم"لم يعلق على الصورة التى تناولها محفوظ عن الشيوعية ومدى فعاليتها وإنما ركز على كونها جزء موجود فى المجتمع المصرى .
واستهل الدكتور أحمد القصير بالجزء الخاص به الكتاب تحت عنوان "هيكل ينشر الوعى الزائف حول تاريخنا الوطنى " قال فيه :"حديث هيكل من خلال قناة الجزيرة عن الشيوعيين المصريين قاصر وخاطئ ومتحيز ويخالف الحقائق التاريخية ويبذر تصورات خاطئة مخاطرها تكمن في أن القارئ أو المستمع تعود أن يعتبر صاحبها من المصادر الموثوق بها وأنه كان في بعض الفترات قريبا من صناعة القرار ...
ويتجاهل مساهمة الشيوعيين المصريين فى الحركة الوطنية بدءا من نشاط اللجنة الوطنية للطلبة والعمال وإصدار الصحف مثل الفجر الجديد والضمير والجماهير فى الأربعينات ,حتى الدعوة لإلغاء معاهدة 1936,والمناداة بالاستقلال والابتعاد عن الأحلاف العسكرية لدرجة أن عبدالناصر نفسه تعاون مع الشيوعيين في تلك الفترة وقدم لهم السلاح والذخيرة,ولم يتوقف هذا التصاعد للحركة إلا بحريق القاهرة فى يناير 1952,وإقالة حكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس وفتح المعتقلات .
ورأى الباحث صلاح عدلى أن كلام هيكل لا يجب أن يؤخذ على محمل الجد لأنه يعبر عن مصالح هيكل الشخصية!!
حديث هيكل على قناة الجزيرة

وقبل أن نستكمل ما ضمنه الكتاب وأعلنته الندوة نعرض لما سرده هيكل بقناة الجزيرة بشئ من التلخيص من وجهة نظر صحفية ,مؤكدا أن الشيوعيين تصوروا أنهم قد يصلحوا مولِّدا لنظام جديد لكنهم في واقع الأمر كانوا – والكلام لهيكل- " ممكن يقال أنهم أبعد القوى عن أن يقوموا بهذا الدور حيث وجدوا فراغا مهولا قد نشأ عقب سقوط النظام القديم"
مجس قيادة الثورة
وأضاف أنه رصد خريطة لتنظيمات الشيوعيين ونشأة الحركة الشيوعية في مصر وفي العالم العربي ومن خلالها تبين له أنه كان من الصعب في ظروف نشأة الشيوعية أن يكتب لها النجاح .
ومن ضمن الأسباب أن الشيوعيين فسروا التاريخ ماديا فحسب وأنكروا تأثيرات الدين وأضاف هيكل سبب آخر وهو مشكلة يراها بين الشيوعيين والوطنية لإنهم يتحدثون عن أممية دولية يقودها الاتحاد السوفيتي دولة الشيوعية الأولى في العالم وهذا معادي لمنطق الوطنية ، وأضاف سبب ثالث أن الشيوعيين وقفوا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحروبهم موقفا بحق غريب حينما صوروا الصراع على أنه بين الطبقة العاملة من الناحيتين في مقابل الرأسمالية من الجهتين أيضا !! بمعنى أنه صراع روتشلد وبانثيوري كبار الرأسماليين اليهود متحالفين مع أمثال عبود باشا مثلا أو أمثال فرغلي أو أمثال علي أمين يحيى ضد الطبقة العاملة العربية واليهودية على حد سواء، وتناسوا الصراع الوطني الأساسي والذي يتجه نحو وطن بضيع اسمه فلسطين.
أما عن نشأة الشيوعية في مصر فيقول هيكل في قناة الجزيرة : " نشأت كلها في أوساط يهودية، كانت هناك ثلاث حركات شيوعية : الحركة المصرية للتحرر الوطني ومن أعضائها الشيوعي اليهودي هنرى كورييل، وكان اسمه الحركي يونس ومن المعروف أن أغلبهم كان من أصل أجنبي وتدل الأسماء على ذلك ، الحركة الثانية هي حركة إسكرا، وتعني شرارة وهي كلمة روسية والمشكلة هي أنهم نقلوا المباديء من روسيا والأسماء ايضا ورئيسها هليل شفارتز يتضح من اسمه أنه من أصل نمساوي أو مجري أما اسمه الحركي فهو "بشندي"!! الحركة الثالثة اسمها تحرير الشعب يرأسها مارسيل إسرائيل .
ويستكمل قائلا :مرسي وبشندي ويونس ، من مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وفي غمرة النضج الوطني المتسارع بدأ الشيوعيين يمصروا حركاتهم فظهر حزب شيوعي مصري ودخله إسماعيل صبري عبد الله وفؤاد مرسي وأبو سيف يوسف، ثم كتاب من أمثال الأستاذ نبيل الهلالي ومحمد سيد أحمد، ورأي هيكل أن دورها لم يتجاوز الهوامش وذلك للشك من جنَّد كورييل ..؟ المسألة برأيي بها تناقضات لا تسمح للحركة الشيوعية تكون مولِّدة نظام جديد في مصر.
يتابع هيكل في حلقاته على الجزيرة : " بعد ثورة 23 يوليو توحدت الحركات الشيوعية في حركتين ، الاولى حدتو وتعلي الديمقراطية والتحرر الوطني وانتمى لها بعض الضباط الوطنيين وجمعت هنري كورييل مع هيليل شفارتز حيث رأسها كورييل والثانية الخاصة بمارسيل إسرائيل ظلت منفصلة ووضعت هذه الأحزاب الشيوعية تحت توجيه الأحزاب الشيوعية الأوروبية امتداداً للفكرة الاستعمارية" .
مضيفا بعد ذلك نقطة جديدة كانت محور تعليق خلال الردود بالندوة والكتاب أشار فيها لأنه : "لم تكد تمضي بعد قيام ما جرى في 23 يوليو..أسابيع أو أيام إلا ودخل الشيوعيون في اختبارين، أحدهم مؤسف والثاني مضحك، المؤسف هو ما حدث في كفر الدوار، عملية اضطرابات عمالية وإضراب واعتصام في مصانع وتهديد بإحراق مصانع والغريبة -كما يقول هيكل -أن يثبت التحقيق إنه هذا الاعتصام الذي جرى تشارك فيه عناصر من أحزاب شيوعية مع مجموعات من رجال الملك ,فدخلنا في أول محاكمة عسكرية ورأس المحكمة عبد المنعم أيمن وأصدرت أحكاما بالإعدام، و نُفذت للأسف بالفعل الأحكام ...هنا الشيوعيون أظن ارتكبوا خطأ وفي مقابله حُكْم بالإعدام في محاكمة عسكرية وأرى حاجة لاعتذار عن حكم بالإعدام .
وكانت هناك اعتراضات على حكم الإعدام على خميس والبقري وهذه الاعتراضات شارك فيها جمال عبد الناصر وخالد محي الدين، لكن الأغلبية سايرت وفكرة الأمن والنظام استبدت وتحريض المدنيين كان موجودا وصدَّر العسكريون فيها أو صُدِّر الضباط فيها .."
الواقعة الثانية التي يرويها هيكل هي محاولة الانقلاب التي فشلت ووصفها السفير الإنجليزي بخرقاء (CRAZY) !!
الشيوعيون يردون على هيكل
وفي رده على هيكل بأن الشيوعيين المصريين كانوا الأبعد عن ثورة يوليو وأن حركتهم ولدت ميتة تحدث القصير عن حدتو قائلا أنها كانت الشريك الأساسي في ثورة يوليو منذ بدء تشكيل تنظيم الضباط الأحرار ومشاركة خالد محي الدين مع عبد الناصر في تأسيسه مع عدد ضئيل من الضباط , وأن أحمد فؤاد كان مسؤولا عن التثقيف بلجنة قسم الجيش التابعة لحدتو وأحمد حمروش مسؤولها السياسي بينما كان شوقي فهمي حسين وهو صول بسلاح الطيران مسؤولها التنظيمي .
وعن أحداث كفر الدوار أشار لأن حدتو كانت موجودة على أرض الواقع وكانت مع مطالب العمال وشاركت في حملة التوعية لحماية المصانع عندما حدثت أضرار ووقفت مع قادة العمال خميس والبقري وطالبت بعدم إعدامهم لأنهم غير مسؤولين عن الأضرار وصوت خالد محي الدين ويوسف صديق وجمال عبدالناصر في مجلس قيادة الثورة ضد الإعدام ولكن الغالبية كانوا معه ونفذ في محاكمة كان يرأسها الضابط عبدالمنعم امين - عضو القيادة الذي كان يدعو لتطهير الحركة العمالية من الشيوعيين .
وتطرق لما بعد الثورة مشيرا لأن هناك بعض القرارات تم إتخاذها تتعارض مع أهداف الثورة التي قامت من أجلها وتعرضت قيادات شيوعية بسبب معارضتها لتقديم استقالاتها وللإعتقالات ضاربا المثل بقرار مجلس قيادة الثورة يناير 1953 بإلغاء الدستور وحل الأحزاب السياسية وعدم إجراء انتخابات نيابية والذي قدم بسببه يوسف صديق - عضو حدتو - استقالته من مجلس قيادة الثورة واستمر به حتى استقال ابريل 54 بعد الأزمة السياسية الشهيرة حول قضية الديمقراطية التي حدثت مارس 54.
واستنكر محمود أمين العالم ما قاله هيكل قائلا :" ما فجعني أن الأستاذ هيكل يتحدث عن الحركة الشيوعية المصرية كأنما هي حركة نشأت في منتصف القرن العشرين، وإنها نشأت كلها في أوساط يهودية..",مبينا أن البدايات الأولى للحركة ترجع لأواخر القرن التاسع عشر,و أن هيكل مع أنه في أحاديثه السابقة كان مركزا على المرحلة الوسطى من القرن العشرين، لكن هذا لا يبرر - وهو رجل التأريخ المحقق المدقق -أن يتجاهل في تقييمه للحركة الشيوعية المصرية أكثر من نصف قرن على نشأة هذه الحركة بمستويات مختلفة .
ومن المراجع التي توضح نشأة الشيوعية كتاب ضخم للأستاذ الدكتور رفعت السعيد بعنوان "تاريخ الحركة الشيوعية المصرية " الذي يعرض جزؤه الأول لتاريخ هذه الحركة من عام 1900 إلى 1940وإلى جزئه الثالث، تاريخ الحركة الشيوعية المصرية من 1940 إلى 1950.
وعن العلاقة مع الإتحاد السوفيتي أشار لأن الحزب الشيوعي المصري تم قبوله عضوا في الدولية الشيوعية التي كان يقودها الاتحاد السوفيتي، ونتيجة لهذا طلب من قيادة الحزب الشيوعي المصري قطع علاقتها التحالفية التي كانت قائمة بمستوى أو بآخر آنذاك مع حزب الوفد، ولكن قيادة الحزب الشيوعي المصري رفضت ذلك، فتم فصل الحزب الشيوعي المصري من عضوية الدولية الشيوعية، على أنه من المؤسف - والكلام لمحمود أمين العالم -أن تقوم حكومة الوفد بقيادة سعد زغلول بضغط من المحتل البريطاني بإلغاء مشروعية وجود الحزب الشيوعي المصري واعتقال بعض قادته ومن بينهم الشيخ صفوان أبو الفتح حتى واصل الحزب نشاطه سرا لما يقرب من أواخر الثلاثينيات.. وكان يصدر آنذاك نشرة خاصة هي مجلة الحساب ,ونقد الحزب قبول لطفي السيد المشاركة في الاحتفال بإقامة جامعة عبرانية في فلسطين آنذاك.
وفصل بين كورييل كأحد المريبين والوطنيين مثل أبو سيف يوسف وإسماعيل صبرى وفؤاد مرسى مبينا أن الشيوعيين قادرين على التغيير ,بعيدا عن كورييل.
وقد أفرد هيكل جزء خاص من حديثه حول هنري كورييل -الذي ضمنه أمين العالم ضمن المريبين في حديث هيكل -وبين هيكل بحديثه أن هذا الرجل ظل يتحكم..أو على الأقل يُنظَر إليه باعتباره مفتي اليسار في مصر وهذا كان وضعا في منتهى الغرابة كما يصفه هيكل قائلا: "بعض الناس لم يتنبهوا إلى صلاته الواسعة والمتمددة وقنواته المفتوحة مع إسرائيل إلى درجة أنه بعد 23 يوليو كانت معلوماته بحسب البرقيات التاريخية توصلها المخابرات الإسرائيلية إلى باريس وإلى لندن .
ولخص ما كُتب عنه بكتاب اسمه (AMAN APART) رجل وحده ,وجمع 16 ملمحا مختلفا لشخصية كورييل من هذا الكتاب ," رجل واحد، يهودي مولود في مصر - تعلَّم في مدرسة مسيحية وعائلته يهودية من إسبانيا أصلا , خرجوا مع (ENCWISTION) عملية عودة المسيحية لإسبانيا وطرد المسلمين واليهود وظلوا بالمغرب ثم جاؤوا إلى مصر ضمن مَن جاء في الطريق إلى فلسطين عندما طرح نابليون لأول مرة نداءه لعودة اليهود إلى الأرض المقدسة لأن نابليون أول مَن فكر في مشروع استيطاني في هذا الموقع من العالم لكي يحجز ويقطع العالم العربي،امتيازات أجنبية كانت سارية,والده كان يعمل بالبنوك وأغنياء ،قصرهم بالزمالك .
ومن اشهر مقولاته "أنا لا أشعر بالانتماء لبلد إلا لفرنسا" ،ليست عنده فكرة كافية عن التاريخ المصري ، وطبقا لمؤرخه نما شعوره الإجتماعي من مشاهدته لمعاملة والده مع الفلاح الذي لا يعرف لغته!! ثم بدأ ينشيء تجمعا شيوعيا بمصر بعد تصدير الفكرة للخارج لأنه لم يتمكن من الإفصاح في حال كان والده مصابا بالعمى".
ولازلنا مع هيكل " لكن كورييل لكي يقود حركة تحرر وطنية، ويتجه بعدها للجزائر ثم يطالب بالاستقلال المصري " يرى أن الهويات متناقضة ولا تعطي هدفا وطنيا ، والدليل أن نفس الرجل بعدها اتصل بالحركات الإرهابية الأوروبية من أول الحرس الأحمر الذي كان يعمل في أوروبا من اليابان والحزب الشيوعي في إيطاليا أو الجامعات الإرهابية في فرنسا والنتيجة أن هذا الرجل قُتل بالرصاص في جريمة لم يُحلّ غموضها حتى هذه اللحظة على مدخل المصعد في العمارة التي كان يقطنها".
بينما أشار محمد يوسف الجندي لأن «هنري كورييل» علي عكس ما يقول الأستاذ هيكل كان مصريا وليس إيطاليا وانقطعت علاقته بالشيوعيين المصريين منذ طردته مصر عام 1950, وذهب إلي فرنسا وأصبحت علاقته مع الشيوعيين المصريين مقطوعة بقرار من الحزب الشيوعي المصري .
ووجه نشاطه لمساعدة المناضلين الجزائريين من أجل التحرر واعتقل في فرنسا وحكم عليه بالسجن عشر سنوات وكان في السجن مع بن بيللا ولكن لم يستكمل الحكم الذي أُلغي في عهد ديجول ,واستمر يساعد جبهة التحرير الجزائرية بمساعدات كبيرة,وبعد انتصار ثورة الجزائر قام كورييل مع رفاقه بتأسيس منظمة سموها التضامن وكانت تساعد منظمات في مختلف أنحاء العالم منها منظمة جنوب أفريقيا التي كانت تناضل ضد الفصل العنصري وأصبح رئيسها نلسن مانديلا ومنظمات أخري في أفريقيا وأمريكا اللاتينية إلي جانب منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات وهي كلها منظمات تعتبرها الإدارة الأمريكية منظمات إرهابية، ويتفق هيكل في روايته مع هذا التوصيف.
مضيفا أن كورييل حينما علم مع بعض رفاقه الذين انتقلوا إلي فرنسا بمحاولات العدوان الثلاثي علي مصر أرسلوا المعلومات إلي جمال عبد الناصر عن طريق الدكتور ثروت عكاشة الذي كان مستشارا ثقافيا في باريس,وقدم له كورييل وزملاؤه مساعدات كبيرة ذكرها الدكتور ثروت عكاشة في كتابه الذي ألفه وتحدث فيه عن تلك الفترة "مذكرات في السياسة والثقافة" صدرت طبعته الأولي في دار الهلال في يناير 1988.
وأضاف الدكتور القصير في هذا الجانب أن عملية اغتيال كورييل شارك فيها أجهزة مخابرات من بينها الفرنسية، وانه رغم قول هيكل بأن كورييل قتل نتيجة اتصاله بالإرهابيين في أوروبا وفرنسا وايطاليا وألمانيا, فإن الأسباب -كما يبين القصير - هي دعمه لاستقلال الجزائر وحركات التحرر الوطني بما في ذلك جنوب أفريقيا,ودلل بأن علاقة كوربيل كانت جيدة مع الرئيس الجزائري احمد بن بلا وكان له ممثل بمنظمة التضامن وأن زيارة بن بلا لوالد كوربيل بالقاهرة حينما حضر تعبر عن طبيعة العلاقة ,مشيرا لأن كوربيل تبرع بمنزله في الزمالك دون مقابل للجزائر وأصبح مقرا لسفارتها بالقاهرة .
يوسف الجندي أكد أن الشيوعيين أيدوا قرار تقسيم فلسطين عام 1947 لأنه كان الحل الوحيد الممكن في ظل اختلال التوازن في القوي بين العرب وفلسطين ,وأنه لم يحدث أن أنكر الشيوعيون المصريون دور الدين وهم لا يفرقون بين دين وآخر وغالبيتهم مسلمون وبينهم يهود .

وفيما يرتبط بقول هيكل أن الشيوعيين تصوروا أن يتقدموا ليحلوا محل النظام الذي سقط بمجيء النظام الجديد - أكد أن عددا من الضباط الأحرار كانوا أعضاء في الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني مثل خالد محيي الدين ويوسف صديق وكان للأخير كما هو معروف الدور الأبرز في احتلال مبني هيئة أركان حرب الجيش القديم والقبض علي القيادة القديمة، ليلة 23 يوليو 1952 وقام بذلك وسلم القيادة من نفسه لمجلس قيادة الثورة.
وأوضح الدكتور القصير أن الرجال الثلاثة الذين قال هيكل أنهم اشرفوا على ولادة النظام الجديد كانوا ضد الديمقراطية وبعضهم كان ضد الإصلاحات الاجتماعية أيضا وهم علي ماهر – رئيس الوزراء ,وسليمان حافظ والسنهوري وهما من رجال القانون ,وعلي ماهر كان لا يريد إصلاح قانون الإصلاح الزراعي لكنه صدر وشاركت بصياغته من همشهم هيكل وبعيدا عن هؤلاء الثلاثة وأعده القاضي أحمد فؤاد – عضو لجنة قسم الجيش بحدتو.
وقال أن سلاح الفرسان كان متأثر بخالد محي الدين وكان به ضباط أعضاء بحدتو –طالب بالديمقراطية في 1954 بإلغاء الرقابة على الصحف والأحكام العرفية وإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية وناقشهم عبد الناصر وحينما لم يتراجعوا اجتمع مجلس قيادة الثورة وأصدروا قرارات 25 مارس 1954 الشهيرة التي قضت بعودة الرئيس محمد نجيب وحل مجلس الثورة وتشكيل وزارة انتقالية برئاسة محي الدين لإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية لوضع دستور دائم .
لكن المجلس تراجع وحوصر سلاح الفرسان واستقال خالد محي الدين نتيجة هذا التراجع ,وكان يوسف صديق تحت الإقامة الجبرية عند حدوث أزمة مارس واعتقل بالسجن الحربي وزوجته عليه توفيق – العضو بحدتو بعد مطالبة بتشكيل حكومة جبهة تضم الشيوعيين والوفد والاشتراكيين والأخوان المسلمين ,وكان قد استقال من المجلس احتجاجا على الإبقاء على الحكم العسكري وإلغاء الأحزاب السياسية ودستور 1923 ومد الفترة الانتقالية ل 3 سنوات .
مبينا أن دار أخبار اليوم سعت لدفع الأمور بعيدا عن الديمقراطية والدستور بفرسانها علي أمين ومصطفى أمين ومحمد حسين هيكل الذين كانوا يخشون من أمرين : -
الأول : الخوف من أن الانتخابات ستؤدي لعودة حزب الوفد وزعيمه النحاس للحكم
والثاني : رغبتهم للتخلص من الشيوعيين الذين يتصاعد دورهم .
أين الحقيقة..؟ من نصدق..؟ كانوا تابعين للاتحاد السوفيتي .. يوالي بعضهم إسرائيل ويرون في صراعنا العربي معها صراعا طبقيا وليس وطنيا ، أم تراهم كانوا وطنيون بالفعل ساهموا بنضال المصريين ضد المحتل وكان لهم بصمات في ثورة 23 يوليو،والإجابة: ربما نحتاج جميعا لقراءة جديدة للتاريخ ......


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.