منهج عبد الكريم زيدان الدعوي ومؤلفاته "زاد" للمصلحين والدعاة محيط – علي عليوة
الدكتور حسين الدليمي أكد حسين الدليمي أن الدكتور عبد الكريم زيدان يعد احد رواد الدعوة الإسلامية في العراق وأن تأثيره الإصلاحي والدعوي من خلال جهوده ومؤلفاته امتد إلي سائر أرجاء العالم الإسلامي.
جاء ذلك خلال مناقشة الرسالة الجامعية التي حصل بها حسين الدليمي على درجة العالمية "الدكتوراه" من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
وقد منحت له الدكتوراة بتقدير "ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى" عن رسالته المسماة (جهود الدكتور عبد الكريم زيدان في خدمة الدعوة الإسلامية) .
وأضاف الدليمي أمام لجنة المناقشة أن اسم الدكتور هو (عبد الكريم زيدان بيج) ولقبه (العاني) نسبة إلى بلدة عانه العراقية، و(المحمدي) نسبة إلى عشيرة المحامدة، و(الدليمي) نسبة إلى أكبر العشائر العراقية.
وأشار إلى أنَّ الدكتور عبد الكريم ولد في بغداد (عاصمة العراق الشهيرة)، والصحيح في ولادته أنها في عام (1921م) وقد نشأ في كنف عائلته المتدينة ببغداد، بين إخوته الذين كان هو أصغرهم. وقد توفي والده ولا يزال عمر الدكتور عبد الكريم ثلاث سنوات.
وأوضح الباحث خلال مناقشة رسالته أن الدكتور عبد الكريم زيدان درس واستفاد من بعض المشايخ والأساتذة العراقيين والمصريين، من أمثال الشيخ أمجد الزهاوي، والشيخ عبد القادر الخطيب، والشيخ نجم الدين الواعظ، والشيخ محمد محمود الصواف، والشيخ علي الخفيف، والشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ حسن مأمون.
لافتا إلي أن الدكتور عبد الكريم زيدان تتلمذ علي يديه عدد كبير من الطلبة من مختلف الجنسيات العربية والإسلامية. وخلص الباحث إلى أنَّ للدكتور عبد الكريم مكانة علمية عالية.
كانت السبب في منحه الجوائز الدولية، فضلاً عن العديد من الوظائف الإدارية والعلمية في المؤسسات التعليمية، العراقية وغيرها.
وأشار الدليمي إلي أن الله تعالى وهب الدكتور عبد الكريم زيدان خصائص علمية من حيث (الدقة والتحري في النقل) و(الحيادية والصدق) و(احترام العلماء والثناء عليهم) و(سعة الاطلاع والمعرفة) و(الذكاء وطريقة إيصال الفكرة). بعض صفاته ك (الصلة بالله والتوكل عليه) و(الرفق واللين) و(الإخلاص والتواضع) و(الصراحة والشجاعة).
ولفت الانتباه إلي أهم الآثار والمؤلفات الدعوية للدكتور عبد الكريم زيدان والتي منها كتاب (أصول الدعوة) الذي يعدُّ مرجعاً مهماً في أصول وفقه الدعوة، بما لا يمكن لطالب العلم الاستغناء عنه.
و كتاب (المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة) الذي يعدُّ محاولة رائعة لاستخلاص الدروس والعبر من قصص القرآن، ووضعها بين يدي الطالبين والدارسين وكتاب (السنن الإلهية في الأمم والأفراد والجماعات).
وكشف الدليمي النقاب عن جهود الدكتور عبد الكريم زيدان في التعريف بالأديان في القرآن، وأثرها في خدمة الدعوة الإسلامية ومنها جهوده في التعريف باليهودية والنصرانية في القرآن .
وأشار إلي أن من جهود الدكتور عبد الكريم زيدان إيضاح أركان الدعوة الإسلامية التي تقوم في رأيه علي َّ (موضوع الدعوة) و(الداعي) و(المدعو) .
لافتا إلي أن "الدعوة "باعتبارها لفظة مفردة، فإنها عربية الأصل، ولها ارتباط تاريخي وثيق بلغة العرب، ولها وجود ملحوظ في الكتاب العزيز والسنة النبوية.
وأوضح الدليمي أن التعريف الراجح للدعوة أن يقال: (هي عرض الداعية خصائص الإسلام على الناس بدراية تامة، في أسلوبٍ يناسبُ حال المدعوين). وأنَّ الراجح في حكم الدعوة الإسلامية (الوجوب العيني) على كل مستطيع، بقدر طاقته.
وأنَّ الداعي إلى الله هو لسان الشريعة الإسلامية، وترجمان النص، وهو المبلّغ عن ربه (عز وجل) فيما يقوم بتبليغه من تعاليم دينه. أما المدعو، فالمقصود به كل إنسان على وجه الأرض لم تبلغه دعوة الإسلام، أو بلغته على نحو غير صحيح، أو بلغته كما ينبغي التبليغ، ولكنه يعصي الله ولا يعمل بمقتضى ما علمه من الإسلام.
ولفت الباحث إلي أن للدكتور عبد الكريم زيدان جهد بارز في بيان أنواع الدعوة وأساليبها ووسائلها ومصادرها ومعوقاتها. وفي أنواع الدعوة، فإنها تنقسم إلى (دعوة سرية) و(دعوة جهرية)لافتا إلي أن هذان النوعان يعدّان مرحلتان أساسيتان لا يمكن تجاهلهما، أو الاستغناء عنهما في كل عمل يراد له النجاح.
وتتنوعُ الأساليب الدعوية إلى تشخيص الداء ووضع الدواء، والعمل على إزالة شبه المعاندين، واستخدام أسلوب الترغيب والترهيب، والتربية على معالم الإسلام.
أما وسائل تبليغ الدعوة في فكر الدكتور عبد الكريم زيدان – يضيف الدليمي - فإنَّ أهمها التبليغ بالقول، والتبليغ بالعمل، والتبليغ بالسيرة الحسنة.
وأن المصادر التي استمد منها اسلوبه في الدعوة الإسلامية كانت القرآن الكريم، والسنة النبوية، وسيرة السلف الصالح، واستنباطات الفقهاء وجهودهم، والتجربة والواقع.
مشيخة الازهر الشريف وخلص الدليمي إلي أن معوقات الدعوة تتنوع إلى (داخلية) و(خارجية) حيث تتمثلُ الداخلية منها في قلة الدعاة، وانعدام جملة من المتطلبات المهمة، وانعدام القدوة الحسنة.
فيما تتمثل المعوقات الخارجية في قلة المال، وشيوع المذاهب والأفكار الوافدة، والتأثير الحكومي، وغير ذلك.
وعن أخلاق الدعاة في فكر الدكتور عبد الكريم زيدان - يضيف الباحث - يعتبر أن هذه الأخلاق ُ غاية في الأهمية؛ لصلاح أمر الدعوة واستمراريتها؛ لما لها من تأثير كبير في سلوك الإنسان وما يصدر عنه.
وأنه ينبغي أنَّ يكون سلوك الإنسان الداعي موافق لما هو مستقر في نفسه من معان وصفات. ومن هنا صار صلاح النفس وتعويدها على الأخلاق الفاضلة أمر بالغ الأهمية لنجاح الداعية في عمله الدعوي .
ولهذا كان النهج السديد في إصلاح الناس، وتقويم سلوكهم، وتيسير سبل الحياة الطيبة لهم: أن يبدأ المصلحون بإصلاح نفوسهم وتزكيتها، وغرس معاني الأخلاق الجيّدة فيها.
ومن جملة الأخلاق التي ركز عليها الدكتور زيدان لأهميتها في الدعوة الإسلامية، الإخلاص، والصدق، والحكمة، والتواضع، والرحمة، والحلم، والرفق واللين، والشجاعة، والصبر.
لما تمثله هذه الأخلاق والمزايا من أهميةٍ لأنها تعين بشكل كبير على نشر الدعوة الإسلامية في كافة أرجاء المعمورة .
يذكر أن الرسالة أشرف عليها كل من الدكتور عبد القادر سيد عبد الرءوف رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين بالقاهرة (مشرفاً أصلياً)، و الدكتور محمد السيد راضي جبريل رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن (مشرفاً مشاركاً).
وقد نوقشت الرسالة من جانب كل من الدكتور أحمد ربيع أحمد يوسف عميد كلية الدعوة الإسلامية السابق، و الدكتور مجدي عبد الغفار حبيب المتخصص بعلوم الدعوة والثقافة الإسلامية ظهر السبت الموافق 27/11/2010م على مدرج الإمام عبد الحليم محمود.
و تناولت الجهود الدعوية للعالم العراقي الكبير الدكتور عبد الكريم زيدان الذي يعد العالم العراقي الأشهر في العصر الحديث، ممن استطاع أن يكوّن مدرسة فكرية، ومنهجية دعوية صارت معروفة لجميع الباحثين من طلاب العلم الشرعي.
احتوت الرسالة على ستة أبواب رئيسية تضمنَ الباب الأول حياةَ الدكتور عبد الكريم زيدان. وتضمن البابُ الثاني قراءةً في الآثارِ الدعوية للدكتور عبد الكريم زيدان.
بينما جاء البابُ الثالث لإيضاح جهودِهِ في التعريفِ بالأديانِ في القرآن وأثرِها في خدمةِ الدعوةِ الإسلامية. أما البابُ الرابعِ فقد خصصه الباحث للحديثِ عن جهودِ الدكتور عبد الكريم زيدان في بيانِ أركانِ الدعوةِ الإسلامية.
وتكلم في البابِ الخامسِ من الرسالةِ عن جهودِهِ في بيانِ أنواعِ الدعوةِ وأساليبِها ووسائلِها ومصادرِها ومعوقاتِها. وأما البابُ السادس والأخير، فقد عقده الباحث لإيضاحِ جهودِ الدكتور عبد الكريم زيدان في بيانِ أخلاقِ الدعاة.
ويعد الدكتور حسين الدليمي أول باحث عراقي يمنح هذه الدرجة العلمية من جامعة الأزهر التي تعد الجامعة الإسلامية الأولى عالمياً منذ عشرات السنين. وهو أول من تناول شخصية الدكتور عبد الكريم زيدان صاحب المؤلفات الفقهية والدعوية والأصولية الشهيرة.