التعريف بالاسلام ضرورة لتغيير مواقف الغرب العدائية محيط علي عليوة
مؤتمر كلية دار علوم المنية دعا المشاركون في مؤتمر "الذات والآخر في الثقافة العربية والإسلامية" الذي عقد في كلية دار العلوم بجامعة المنيا إلى مخاطبة الغرب بلغته من خلال وسائل اعلام تتمتع بالمهنية وتعرف مداخل العقل الغربي من اجل التعريف بالاسلام وتصحيح صورته ولدحض تهمة الارهاب التي يلصقونها به وضرورة الدعوة لتشجيع الحوار بين الأديان والثقافات .
وطالب المشاركون بتنقية التراث العربي الإسلامي من الشوائب التي اعترته والتي لاعلاقة لها بالواقع المعاصر إلي جانب انها قد تضر بعلاقتنا بالآخر مؤكدين علي أن الاسلام لايعترف بنظرية صراع الحضارات التي ظهرت في الغرب لانه دين يدعو للتعارف بين البشر ووضع اسس تلاقي وتعاون الثقافات والشعوب من اجل خير البشرية جميعا . وفي كلمته في افتتاح المؤتمر طالب الدكتور علي جمعة مفتي مصر بأهمية معرفة الذات حق المعرفة من حيث معرفة خصائصها والحقوق والواجبات التي اقرها الاسلام ومن ثم الثقة في النفس مع ضرورة الاعتراف بالآخر ووجوده والبحث عن المشترك فيما بيننا ووضع برامج للتعايش والتعاون فيما بين الشعوب والثقافات ومشاركة الجميع في إعمار الأرض.
ومن جانبه أوضح الدكتور ماهر جابر محمد رئيس جامعة المنيا أن العولمة الغربية أوجدت حالة من عدم المساواة بين الأمم وأثارت الصراعات والحروب فيما بين الامم الثقافات أكثر مما أوجدت حالة من الوئام والتنوع الثقافي الذي يسهم في التفاهم والتقارب بين الحضارات مشيرا إلي أن بعض القوي الغربية ربطت بين الإسلام والإرهاب فنصبت نفسها عدوا للإسلام بزعم محاربة الإرهاب وجيشت الجيوش واحتلت عددا من البلدان الاسلامية واسالت الدماء البريئة تحت زعم مواجهة الارهاب وأدت تلك العولمة إلي تهميش بعض الثقافات غير الغربية واحتقار الأديان التي يعتنقها غير الغربيين .
واوضح انه ينبغي تبني الدعوة لاعادة كتابة التاريخ الاسلامي وما تضمنه من قيم ومواقف انسانية رائعة وتوصيلها للغرب خاصة المواطن العادي لاننا نمتلك مقومات قيمية عظيمة و هائلة للتاثير علي العالم وخدمة اهدافنا في التواصل والتعاون بين البشر .
وطالب رئيس الجامعة بضرورة وضع خطة إعلامية تخاطب الآخرين بلغاتهم وتبرز الملامح الايجابية للحضارة الإسلامية وأكد أن التجمع العلمي المتمثل في اعضاء المؤتمر من شأنه إعادة صياغة فكر جديد لتصحيح صورة العرب والمسلمين والحوار مع الآخر عبر خطاب جديد يضع نصب عينيه عقلية المتلقي للآخر ومخاطبته باللغة التي يفهمها لكسبه إلي صفنا وتعريفه بحضارتنا وثقافتنا .
قضية فكرية متازمة الدكتور محمد عبد الرحيم ومن جانبه قال الدكتور محمد عبد الرحيم، عميد الكلية ورئيس المؤتمرإن قبول الاخر والتعايش معه مبدأ انفرد به الاسلام ودعا اليه منذ اربعة عشر عاما قبل ان تسمع به الدنيا في عصرنا الحالي حيث عقد الرسول صلي الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلي المدينة اتفاقية بين المسلمين واليهود حدد فيها عليه الصلاة والسلام الحقوق والواجبات لشركاء الوطن مع ان المسلمين كانت لهم السيادة والرئاسة في ذلك الوقت.
ونبه إلي أن علاقة الأنا بالآخر من القضايا الفكرية المتأزمة التي يحتدم حولها الجدل فهناك البعض ممن يرفضون الآخر بحجة أن ذلك يفضي إلى ذوبان ثقافتنا وتغيير ثوابتنا،مؤكدا أن هذا التوهم لا أساس له من الصحة، والدليل على ذلك أن علاقة أسلافنا العظام بالآخر المتمثلة في الحضارات الهندية والفارسية والإغريقية وغيرها لم تكن من قضايا الأزمة عندهم – كما هي عندنا الآن - بل كانت من سمات الصحة ومظاهر النهضة والرقي.
وعلل ذلك بان أسلافنا بالأمس تفاعلوا مع الآخر الحضاري من موقع القوي الراشد المستقل وليس من موقع الضعيف العاجز، ومن ثم لم تكن هناك مشكلة في علاقتهم مع الآخر، أما اليوم فنحن للأسف نتعامل مع الآخر من موقف الضعيف المهزوم الذي تحالفت عليه تحديات التخلف الموروث وتحديات الاستلاب الحضاري الوارد في ركاب الغزو.
وتناولت الدكتورة سهى بعيون من لبنان في دراستها "تأثير الثقافة العربية الإسلامية في المستعربين في الأندلس" التركيب الاجتماعي للسكان في الأندلس، وأوضحت أنه منذ بدايات الفتح الإسلامي للأندلس اتسمت معاملة المسلمين لغيرهم من أهل البلاد المفتوحة من النصاري واليهود بالتسامح التام مما شجع الكثير منهم علي اعتناق الإسلام .
وأضافت بأن من ملامح هذا التسامح أن الحكام المسلمين تركوا للنصارى الحق في التقاضي إلي قضاتهم وامنوا اليهود والنصارى ممن بقوا علي دينهم علي عقائدهم وممتلكاتهم ومنحوهم حرية العقيدة وإقامة الشعائر الدينية مما ساهم في سيادة الاستقرار والتقدم العلمي والحضاري الذي شارك في المسلمون والنصاري وحتي اليهود .
رفض الاساءة للعقائد واوضح الدكتور ابراهيم احمد الشياب من جامعة البلقاء الاردنية إن مفهوم التواصل من وجهة النظر الاسلامية يتقدم ليواجه مفهوم الصراع بين الحضارات الذي يتبناه عدد من القوي السياسية و التيارات في الغرب لدي الغرب ذلك الصراع الذي يمكن ان يهدد بنشوب الحروب التي تهلك الحرث والنسل وتأجيج العداوة بين شعوب العالم ، مشيرا إلي أنه كلما زادت مساحات التعارف والتلاقي بين الامم والثقافات تقلصت مساحات الصراع والخلافات وهذا يب فيصالح السلم والسلام العالمي الذي يدفع إلي الرقي الحضاري والرخاء البشري .
وقال الدكتور فرحان خالد مقبل استاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة صنعاء باليمن إن الخلاف بين البشر هو سنة الهية وهذا الخلاف اذا احسن التعامل معه من شانه ان يثري الحياة ويعد الحوار مع الاخر المختلف عنا وسيلة ونهج قرآني لان العالم ينقسم إلي امة الدعوة وهم المسلمون الذين يمثلون الذات وامة الدعوة وهم سائر الامم التي لاتدين بالاسلام والحوار مع امة الدعوة لايكون بالمؤتمرات والندوات فقط انما يكون بالتواصل الدائم معه مع عدم التنازل عن هويتنا الاسلامية او تذويب الالفروق الدينية بيننا وبينهم او التسوية بين الاديان للاجهاز علي الخصوصية الاسلامية .
واضاف بأن القرآن الكريم وضع لنا اسس التواصل مع الاخر في قوله تعالي (ادع ىإلأي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن إن ربك هو اعلم بمن ضل عم سبيله وهو اعلم بالمهتدين )سورة النحل الاية 125 مشيرا إل يان الاسلام اول من وضع مفهوم المواطنة حين جعل العلاقة بين المسلمين وغيرهم تقوم علي قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات وفق القاعدة الفقهية (لهم ما لنا وعليهم ما علينا ).
وفي ختام المؤتمر توصل المشاركون لعدد من التوصيات منها مناشدة كافة المؤسسات إحياء سلطان الدين في النفوس للأفراد والمجتمعات من خلال التوعية الدينية المستنيرة لأن الدين هو السبيل لتحقيق الحوار الصحيح مع الآخرين وفي هذا تحقيق لقول الله تعالي: "لتعارفوا" وحتى يشيع السلام والوئام بين الشعوب.
ومن التوصيات مناشدة الدول الإسلامية والعربية ببذل الجهدً في مجال تعليم العرب والمسلمين تعليماً جيداً حتى يصبحوا أنداد للآخر المتفوق علميا ومتقدم صناعيا .
كما أدان المشاركون في المؤتمر وسائل الإعلام التي تسئ إلي العقائد والديانات ورموزها كافة وبخاصة تلك التي تنشر صوراً أو أخباراً تسيء إلي الإسلام ورسوله بدعوي حرية التعبير.