لأن الرئيس مرسي كان طالبا نجيبا متفوقا في دراسته , كما قال شباب حملته الإنتخابية وقتها , وكما صدعونا بنبوغه أثناء فترة عمله المزعومة في وكالة ناسا ( لا أعرف حقا كيف استغنت ناسا عن تلك العبقرية الفذة ليعود للتدريس في جامعة الزقازيق ) ولأن كل المؤشرات تؤدي الي كون مرسي فلتة عصره , فكان من الطبيعي أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون , من حيث بلغوا من الظلم , والعنف , والقمع والدكتاتورية . فعندما فشل مبارك في قمع الثورة بالمواجهة المباشرة مع الأجهزة الأمنية , بطريقة على عينك يا تاجر , لجأ الى لعبة قذرة حاكها مع وزير فرعون عمر سليمان , وهي موقعة الجمل وحملات التشويه للثوار , بالضبط فعل مرسي وهامانه عصام العريان , وغيرهم من الزبانية والمستشارين , فحملات تشويه الثوار لم تكف منذ تولى مرسي الرآسة , ومن قبلها منذ مغالبتهم في البرلمان , تلك الحملات التي بدأت باتهام اليساريين بالكفر وتلقي تمويل من الخارج , مرورا بتكفير من يدعم حزب الدستور والقوى الليبرالية , انتهاء باعلان حصري بان كل شهداء الثورة كلهم من الاخوان , فقد تفوق مرسي بنظريته على ديكارت في نظريته الشهيرة أنا اشك اذن أنا موجود , لتتحول الى أنا إخوان إذن أنا شهيد , وأنت ليبرالي إذن أنت عميل . ثم كرر مرسي المشهد بحذافيره , في موقعة جمل جديدة , فعندما كنت أشاهد ما حدث الجمعة الماضية في ميدان التحرير حضرتني جملة سعيد صالح الشهيرة في مسرحية العيال كبرت , ( طبق الأصل العلقة اللي فاتت ) , الفرق الوحيد أن بلطجية الإخوان جاءوا سيرا على الأقدام دون أحصنة أو جمال , لأنهم ببساطة لا يحتاجونها , فسيارتهم الفارهة تفي بالغرض , واتوبيسات النقل الجماعي التي تحملهم كقطيع الخراف لينطلقوا بغوغائيتهم على المتظاهرين العزل , ما الفرق بين كوادر الحزب الوطني التي جمعت البلطجية ليضربوا متظاهرين عزل ضد مبارك , عن قيادات الحرية والعدالة التي أطلقت همجية الإخوان على متظاهرين عزل ضد مرسي ؟؟ وما الفرق بين آداء الداخلية وباقي الأجهزة الامنية الجمعة الماضية وبين أداء الجيش يوم موقعة الجمل ؟ لا شئ ( دي عملت مش واخدة بالها ودي عملت مش واخدة بالها بردو ). ولكن السؤال الأهم هنا, ما الفرق بين مرسي ومبارك؟, اقترح ودون الحاجة للبحث عن إجابة - الآن على الأقل - أن نضيف لصفحة التسالي في الصحف مسابقة , نضع فيها صورة مبارك بجوارها مرسي , والقارئ عليه أن يستخرج 3 اختلافات , واتحدى ان استطاع احدهم ان يعثر على فرق واحد سوى الذقن , وبعد أن تستمع لخطاب مرسي عقب المائة يوم , وجمله الرنانة التي لا تساوي على أرض الواقع الحبر التي كتبت به عن قضية المرور والأمن ورغيف العيش .. إلخ , ففي كل مسالة يبدأ كلامه بجملة : (في رأيي أنا وماليش دعوة باي حد ), وينهيها بجملة (وهنعمل إيه الأمور معقدة ولازم نصبر ..) مرورا بنسب مؤية ما أنزل الله بها من سلطان , حديث مهرطق عن حل مشكلة المرور بنسبة 60% والأمن 70% النظافة 80% وهلمة جرة , ( هو الكلام بفلوس ) , وبعد التصفيق الحاد لمؤيدي مرسي الذي يشبه الى حد التطابق صدى تصفيق اعضاء الحزب الوطني لجمال أثناء عروضه الإستعراضية في مؤتمرات الحزب , نتوقف أمام أهم مشهد , شاب يرتدي تيشيرت عليه شعار التيار الشعبي , او حزبي هو الدستور , او يحمل علم الاشتراكيين الثوريين , أو قبضة 6 ابريل , او لا يرتدي شئ على الاطلاق , سوى جلده الذي صبغته شمس مصر وتركت عليه سنين القمع علامات تصب معدنه المصري الأصيل صبا , لم يجني سوى أنه نزل ليهتف ضد مرسي , استخدم حقه في نقده , كما في الماضي القريب استخدم حقه لانتخابه , فكان الرد ان يضربه أبناء مرسي واحفاد حسن البنا , ويحرقون سلاحه الوحيد , لافتة يرفعها , ويكسرون ما يستند عليه , قلم حبره ودماء الشهداء , لكنهم نسوا ان هؤلاء الشباب الذين سالت دماءهم دفاعا عن الوطن، ورغم ذلك يتهمونهم بالعمالة والكفر والخيانة , هم من أجلسوا مرسي على مقعد الرئاسة , ولكن لماذا نستعجب ؟ فكما داس الاخوان على دم الشهداء من اجل حفنة كراسي في البرلمان , ألا يدوسوا على عظام بعض الثوار من أجل عرش الرئاسة ؟؟