يعزل القاضي من قبل الإمام أو نائبه إذا وجد الإمام من هو أفضل منه ، أو ظهر عجزه وعدم كفاءته ، أو أقر أنه حكم بجور متعمداً ، أو ثبت عليه ذلك بالبينة [26]. فقد عزل الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شرحبيل بن حسنة من القضاء ، فقال له : " أعن سخطة عزلتني ؟ قال : لا ، ولكن وجدت من هو مثلك في الصلاح وأقوى منك في العمل، فقال : يا أمير المؤمنين إن عزلك عيب فأخبر الناس بعذري، ففعل عمر ذلك" [27]. قال الإمام الماوردي : "للإمام عزل القاضي إذا رابه أمر، ويكفي فيه غلبة الظن بذلك" [28]. وثمة ما يشبه الإجماع على أن القاضي إذا ارتشى عزل بمجرد ذلك. وقد قال بعض الفقهاء : إذا قبل القاضي الرشوة بلغت به حد الكبيرة ، لقوله تعالى : {...أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ...} (المائدة: 42)، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله الراشي والمرتشي" [29]. واختلف الفقهاء في جواز عزل القاضي مع بقاء أهليته للقضاء : أ- فذهب الحنفية والحنابل...ة في رواية إلى أنه يجوز للإمام عزل القاضي بريبة وبغير ريبة. بل روي عن أبي حنيفة أنه قال : "لا يترك القاضي على قضائه أكثر من سنة ؛ لأنه متى اشتغل بذلك نسي العلم ، فيقع الخلل في حكمه". ب - وذهب الشافعية والمالكية والحنابلة في رواية ثانية إلى أنه لا يجوز هذا العزل إلا إذا كان هناك مصلحة كتسكين فتنة ونحوها ، وقال كثيرون منهم بعدم نفاذ هذا العزل لو وقع ؛ لأن تصرف الإمام ونوابه منوط بالمصلحة ، ولا مصلحة في هذا العزل [30]. ويرى د. نصر فريد محمد واصل أن حصانة القضاة - من العزل - أمر ضروري جداً لاستقلال القضاة في أعمالهم ونزاهتهم في شئون القضاء على السواء ، بل ذلك واجب لتحقيق ثمرة القضاء وهو إقامة العدل. ويضيف مقيداً الحصانة المراد بها ، وهي حصانة القضاة من العزل عند توافر الصلاحية منهم وأعمال القضاة ، ويكون العزل بدون سبب وهو ما يطلق عليه "العزل التعسفي" ، وإلا فإن العزل قد يكون مشروعاً ، بل قد يكون ضرورياً بالنسبة منقول