من لا يرى ان الفقر هو اكبر مشكل مصر،فهو لا يرى،ومن لا يرى ان الثورة كان وقودها الرئيسى انتشار الفساد بكل انواعه - فساد السلطة والمال- فهو لا يرى،ومن لا يدرك ان غالبية الشعب المصرى يعانى وبشدة الفقر وضيق العيش فهو غير مدرك،ومن لا يسعى من المسؤولين الى حل مشاكل الفقر فهو لا يستحق التواجد كمسؤول،عانى الشعب (معظمه)الفقر والمرض طويلاً وللاسف لايزال يعانى،فلم يصل اليه بعد تاثير الثورة ووعود من كانوا يستخدمون شعارات الثورة ومناصرة الفقراء للوصول الى المناصب،وصل منهم من وصل،والبقية تسعى بكل ما تملك قبل ان تنتهى ملحمة الثورة،فالثورة اصبحت الطريق للسلطةوهى فرصة نادرة ما تتكرر،وربما لن تحدث فى المنظور القريب،لا يزال العاطلين ينتظرون الوعود بايجاد وسيلة للحياة- عمل او اعانة-،لا يزال الموظفين يعانون من ارتفاع المصاريف وعدم قدرتهم على توفير اعباء الحياة لاسرهم،لا يزال المؤقتين الذين صدرت قرارات بتثبيتهم ينتظرون،ويسألون،اين تلك القرارات واين الوعود،..،انها وعود،فالرئيس د.مرسى الذى وصل الى السلطة كان قد وعد بتثبيت كافة المؤقتين ورفع الاجر للموظفين وتطبيق الحد الادنى والاقصى للاجور،انه قد وعد !! لكنه نظر بعيداً فاتجه نحو السعودية مرة مرة،وعينيه تتجه نحو الصين،ومتابع للاحداث فى سيناء،!! فلم يجد من مستشاريه ان يذكروه،فان الذكرى تنفع المؤمنيين،ان لك وعوداً قطعتها على نفسك،ولا مفر من تنفيذها،لانك امل الثورة،وامل هولاء الفقراء فى مناصراتهم،ورفع المعانة عنهم واسرهم..أقلت المشير وعنان،وغيرت الجنزورى والغيت الاعلان الدستورى،ولا يزال الفقراء ينتظرون القرار بان تنظر اليهم،ان المصرى الفقير لا يهمه كثيراً،اذا كان المشير تمت اقالته،او تم تكريمه،ولا يهمه اذا كان رئيس الوزراء هو الجنزورى،او قنديل،ولكن يهمه ان يجد قوت يومه،يهمه ان يجد مسكناً،يهمه ان لا يتسول حتى يستطيع تجهيز بنته المقبلة على الزواج،يهمه ان لا يشعر بالحزن والاسى كل يوم وهو يرى ابنه عاطلاً،ان مقولة (الرئيس لن يفعل كل شىء) غير صحيحة،فلا يزال هناك من يتقاضى اجراً بالملايين،ولا يزال الفساد والرشوة مسيطرون،ولا يزال المحسوبية فى التعيينات،ولا يزال كل شىء على ما هو عليه،فما تبقى لهولاء؟ ذهب ابو اسامة الرجل البسيط الحال الى مدير ادارة بلطيم التعليمية،ليقول له ان له ثلاث اولاد بالمدرسة،وانه لم يقدر على دفع المصاريف المدرسية،وانه سمع،اذا كان لاحد،ثلاث اولاد،يجوز دفع مصاريف لاثنين واعفاء الاخر،فرد عليه مدير المدرسة( يا راجل،الكلام دا لو ابوهم ميت )،فرد عليه (ابو اسامة)،دون تفكير ولو للحظة واحدة بقوله( اعتبرنى ميت )،المهم ان ترفعوا عنى بعض المصاريف لاننى لا استطيع،والمدرسة مصرة على اما دفع المصاريف او طرد الاولاد،...،قد تبدو للبعض القصة بسيطة،لكنها فى وجهة نظرى مؤثرة،وان اصحابها كثر،فقد تجرأ الرجل واعتبر نفسه ميت من اجل تعليم اولاده،فهى رسالة لرئيس الدولة،هناك من يرغب فى بيع كليته،وهناك من يرغب فى التبرع بجزء من جسمه،لايجاد وسيلة للعيش،بل هناك شباب يرغبون فى الانتحار،من اليأس والاحباط،فماذا سيفعلون بعد قيام ثورة وعزل الرئيس،وانتخاب رئيس جديد ؟ ولا يزال ينتظرون ؟ انه ناقوس خطر،بسبب البطىء الشديد فى القرارات،فالقرارات لا تصدر الا بعد موت الناس،لماذا؟ لان التغيير لا يزال فى الشعارات ولم يصل الى التحقيق . ان هولاء الفقراء والعاطلين هم اساس الثورة،وهم من دافعوا عنها،وهم من ينتظرون الكثير من الرئيس لرفع معاناتهم،فلم نسمع فى حديث الرئيس عن ماذا سوف يفعله لهولاء،لان الوقت عامل مهم ولا يقدرون على الانتظار اكثر من ذلك،لقد انتظروا كثيراً ويحتاجون اليوم الى سماع اى قرارات مبشرة لهم او ترسم الابتسامه على وجوههم،ففى مصر نحو 12 مليون عاطل عن العمل،ونحن 50% من الشعب فقراء،علاوة على المرضى،مرضى الكبد والقلب الذين لا يستطيعون العلاج،فهل بالفعل نسى الرئيس الفقراء والعاطلين ؟ سيادة الرئيس لقد عان الشعب الكثير،وكل امله فى الله ثم سيادتكم،والامر يحتاج لقرارات جريئة،اننا نود قرارين فقط الان تسعد بهما الملايين ":1- مصر خالية من العمالة المؤقتة- قرار رئاسى بجعل مصر خالية من العمالة المؤقتة،والقرار الاخر " 2- بدل اعانة لكل عاطل او فقير تحت خط الفقر - لا يجد ما يوفر له قوت يومه،-قراران فى منتهى الاهمية والضرورية،ولا يمكن تأجيلهما يوماً واحد . ان ( ابو اسامة )،ينتظر ماذا سيفعل رئيس الجمهورية له،وان العاطلين والمؤقتين ينتظرون ماذا سيفعل رئيس الجمهورية لهم ؟ والموظفين ينتظرون متى سيطبق الحد الاقصى والادنى للاجور ؟،وان الشعب ينتظر قرارات حاسمة تصل اليهم ؟ فمتى ؟ د.سرحان سليمان الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى [email protected]