كان وقوف الغسكر بجانب الثورة والثوار موقفا ملهما لجميع شعوب الربيع العربى وكانت دموع عساكر الجيش على شهداء 25 يناير موقفا معبرا ان الجيش جزأ لا يتجزأ من الشعب المصرى ولكن كانت هناك حقيقة خفية عن الجميع الا وهى أن العسكر الذين صنعوا جمهورية مصر الأولى، لن يتخلوا عن السلطة لمجرد أن ثوار ميدان التحرير أطاحوا بمبارك، خصوصا وأن الخبراء يرون أن المؤسسة العسكرية تدير ما لا يقل عن ثلث الاقتصاد المصري. يبدو أن المجلس العسكري صار عبئا على ثورة 25 يناير في مصر، فشباب الربيع العربي لا يريدون أن تبقى السلطة بيد المجلس بعد أن قمع الجيش احتجاجات أعقبت الثورة بالقوة مما أسفر عن مصرع عشرات من المحتجين. وبعد ضغوط من جانب الشباب الذين ما برحوا يلازمون ميدان التحرير، حدد المجلس العسكري يونيو حزيران القادم موعدا لتسليم السلطة لرئيس مدني. الشباب وغيرهم يتهمون العسكر بمحاولة حماية امتيازاتهم وتجنب رقابة المدنيين على الجيش، ويتهمون المجلس العسكري بتجنب التخلي عن السلطة خوفا من المساءلة بشأن الدماء التي سالت أثناء قمع التظاهرات خلال العام الأول من الثورة، فيما ينفي المجلس العسكري كل ذلك. مجلة بيزنس ويك الأمريكية في فبراير 2011، كانت أول من سلط الضوء على هذا الوضع حينما نقلت عن جوشوا ستاشر الخبير العسكري في الشؤون المصرية والأستاذ المساعد في جامعة كينت ستيت في ولاية أوهايو تساؤله، كيف تكون عائدات الدولة من الشركات العسكرية سرا من أسرار الدولة تماما مثل ميزانيتها العسكرية مع أن ثلث اقتصاد البلاد تحت حكم العسكر؟. محمود عفيفي مصر، مدير المكتب الإعلامي لحركة "6 إبريل"، يقول:"العسكر متمسكون بالسلطة إرضاء لطوحهم السياسي، وأعضاء المجلس العسكري متخوفون من المساءلة بشان ضحايا الاحتجاجات الذين قتلهم الجيش والتي قد تلاحقهم لو تخلوا عن السلطة، كما أن للمجلس العسكري كثير من الثروات، وهو يسعى من خلال التمسك بالسلطة إلى الحفاظ عليها ". الناشط محمود عفيفي أشار إلى أن العسكر، كما نشرت صحف محلية ودولية، يتمتعون بامتيازات استثنائية ويسيطرون على مساحات واسعة من الاقتصاد المصري، لكنه نفى أن يكون قد اطلع شخصيا عن كثب على أوضاع كبار الضباط في مصر وعلى طريقة حياتهم . ومضى يقول "إن كل ما نطلبه من المجلس العسكري هو الشفافية في طريقة تداوله للأموال". أضاف إلى انه قرأ وسمع عن هذه الامتيازات وطالب المجلس العسكري بالكشف عن حقيقة الثروات التي يشاع أن ضباط المجلس يمتلكونها لإزالة كل التباس قد يحدث بهذا الصدد، لكن الجنرال سويلم نفى هذا الأمر مشيرا بالقول "أنا واحد ممن يوصفون بكبار الضباط، وكل ما املكه هو أني أسوة بأي ضابط في الجيش حصلت على شقة سكنية ثمنها 28 ألف جنيه مصري بإقساط سددتها على مدى 17 عاما ، وهذه هي الميزة الوحيدة التي خصصت بها، كما أن بعض الضباط حصلوا على سيارات سددوا أثمانها بالتقسيط على مدى سنوات طويلة". وأكد أن كل المصريين سمعوا الكثير عن أموال وثروات وبيوت فاخرة وسيارات مرفهة وقطع أراضي كبيرة يمتلكها كبار الضباط. ونريد أن نعرف حقيقة ما سمعناه، الشعب يريد أن يعرف الحقيقة، الضباط ينفون هذه المعلومات وهناك من يتهمهم، لابد إذا أن يظهروا ذممهم المالية أمام مجلس الشعب لنعرف الحقيقة". أما اللواء المتقاعد حسام سويلم تحدث، فنفى من جهته جملة وتفصيلا ما وصفه بالادعاءات القائلة بأن العسكر يسيطرون على ثلث الاقتصاد المصري موضحا أنه "حينما كان المشير عبد الحليم أبو غزالة وزيرا للدفاع عام 1981، أقيم جهاز الخدمة الوطنية ليساعد في إعادة بناء البنية التحتية. هذا الجهاز كان يستغل الطاقات الإضافية في الجيش موظفا إياها في إعمال زراعية، وفي عمليات إنتاج حيواني، وفي إقامة المواصلات وإنشاء جسور ومطارات كان آخرها مطار سوهاج، كما يتولى هذا الجهاز إنتاج خبر وملابس بأسعار تناسب دخل الشعب ". وفي شرح مسهب لمهام جهاز الخدمة الوطنية أشار اللواء حسام سويلم إلى "أن هذا الجهاز بميزانية تبلغ 28 مليار جنيه يوفر الخدمة اللوجستية للجيش، بمعنى الملبس والمأكل والنقل والمسكن ، معفيا ميزانية الدولة من نفقات هذه المتطلبات، بمعنى أن الجيش المصري خلافا لجيوش كثير من الأمم يمول نفسه من موارده ولا يحمّل ميزانية الدولة وعبء تمويله. وفى مقال بعنوان ”دولة داخل الدولة ”يقول باري لاندو "إن النخبة العسكرية ذات الرتب يتمتعون بمزايا غير محدودة ويعيشون في رفاهية كبيرة ، ولديهم من وسائل المتعة والراحة ما يعجز عنها المصريون إلا في أحلامهم ، مثل العلاوات والسيارات الجديدة ، ويحصلون على تخفيضات لبعض السلع والمنتجات في سلع الأثاث المنزلية والتي تعتبر غالية الثمن. ويستعرض الكاتب المصانع والشركات التي يحوزها العسكر، ويقول إن السبب في انشغال الجيش بالأنشطة غير العسكرية هو معاهدة السلام عام 1979 في محاولة للحفاظ على وجوده داخليا حيث كانت المعاهدة تهدد بالنيل من دوره في مصر فتحول إلى تلك النشاطات المدنية. وأشارالكاتب أن مصانع الجيش تضاعفت ستة عشر ضعفا ، ولم تكن في مجال الأسلحة والمعدات العسكرية ولكن في صناعة الدش والملابس والأبواب والمايكروسكوب، وكل هذه المنتجات تباع بأسعار مخفضة لمخازن الجيش ولكن الكمية الأكبر منها تباع تجاريا في الأسواق المحلية . ويضيف الكاتب أن المبرر الوحيد لكل هذه الأنشطة غير العسكرية هو أن يكون الجيش الأكثر تأثيرا من المدنيين ويتساءل الكاتب أنه من الصعب ألا يكون الأكثر تأثيرا عندما يصبح قادرا على توظيف الآلاف من الفقراء الذين يوظفون في هذا العمل . ويستنكر الكاتب كيف تعطي أمريكا بليون دولار للجيش المصري من اجل الأسلحة الأنيقة والمعدات النظيفة التي تبقيهم على الحدود ، ولا يعلم أحد ما يكسبه الجيش في الأنشطة الاقتصادية الكبيرة التي ينغمس فيها. وتحت عنوان “الجيش المصري يتقدم ويكافح ويبيع الدجاج ” طرحت مجلة بيزنس سؤلا هاما على موقعها بتاريخ 17/2/2011 وبعد خلع الرئيس مبارك :حول المصالح الاقتصادية للجيش وكيف سيتعامل مع الثورة ؟ ونقلت المجلة عن تقرير سبرينبورج – مؤلف كتاب “مصر مبارك : تفتيت النظام السياسي ” – إن الشركات التي تنتمي إلى القطاع العسكري ”كبيرة وأعدادها لا تحصى ”. وأكد أن القيادات العسكرية لن تسمح بسيطرة المدنيين عليها ويكمل ”إنها ليست مسألة حماية المؤسسة العسكرية، إنها مسألة الحفاظ على الأساس المالي لأعضائها “ وعلى عكس العسكر في الاتحاد السوفيتي الذي يكره شروط صندوق النقد الدولي لإيمانه بالاشتراكية ودعم الفقراء ، والذين كانوا يتميزون بالزهد في الملبس والمأكل أو على الأقل يحافظون على المظهر الزاهد أمام الناس احتراما لقيمهم الأخلاقية التي يؤمنون بها ، كشفت صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 10 مارس 2011 أثناء زيارة سامي عنان الرجل المفضل للأمريكان كما وصفته الصحيفة أنه تجول هو وزوجته في ضواحي فيرجينيا ليشتروا لهم وللمسئولين العسكريين من أصدقائهم أدوات كهربائية وملابس .