أصبح الشغل الشاغل للمواطن هو الحالة الاقتصادية التى تمر بها مصر وخاصة بعد الثورة وكشف تقرير اقتصادى أصدرته مؤسسة أمريكية إن الاقتصاد المصري شهد عامًا طويلا من الركود، وشهد «تضخمًا جامحاً»، كما واجهت الصناعات فيه عقبات متتالية. وأضاف التقرير أن الثورة شجعت العمال في عشرات المصانع، على المطالبة بحقوقهم السياسية والاقتصادية، وهو ما دفعهم للاحتجاج والإضراب عن العمل أحيانًا، وأكد أن التضخم السريع في مصر يحول دون شعور العمال بالحصول على حقوقهم، حتى مع الزيادة في رواتبهم. وفي المقابل، أوضح التقرير أن أصحاب المصانع يشعرون بأن الضغط عليهم قوي، لأنهم «يلبون مطالب العمال بزيادة الأجور والحوافز، لكن الأوضاع المتردية للاقتصاد المصري، تضغط أكثر عليهم، فلا يستطيعون تحقيق أرباح أو تلبية المزيد من مطالب العمال المشروعة، خاصة مع زيادة الأسعار المضطردة». وأكد أن بعض أصحاب المصانع يرون أن زيادة الأجور مقبولة طالما أنها ستؤدي لاستمرار عمل المصنع، خاصة مع انخفاض الأعمال بنسبة 40 % خلال العام الماضي. ونقل التقرير عن محمد مرزوق، رئيس مجلس إدارة مصنع الجيزة للغزل والنسيج، قوله إن «المسألة ليست مسألة ربح الآن، بل تتعلق بكيفية الخروج من الأزمة»، مشيرًا إلى أنهم يبحثون عن استقرار الأوضاع حاليًا واستعادة السوق التي فقدوها. وأضاف «مرزوق»، أن عملاءه من أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية تركوا مصنعه وبحثوا عن موردين آخرين خوفًا من فشل المصنع في استيفاء الشحنات أو توصيلها بسبب عدم الاستقرار في مصر، مؤكدًا أن المسألة كلها تتعلق بثقة العميل بالمورد، فبمجرد عودة المصنع لما كان عليه، كل شيء سيتحسن. وأوضح التقرير أن السياحة المصرية، أحد أكبر مصادر الدخل في مصر، انخفضت بنسبة الثلث تقريبًا، بسبب الانفلات الأمني، مستشهداً بما حدث للسائح الفرنسي، الذي لقي مصرعه في حادث سطو على مكتب صرافة، وأكد أن مواطنًا مصريًا من بين كل 4 مواطنين يواجه البطالة، معتبراً أنها إحصائية مقلقة، خاصة أن البطالة كانت أحد الأسباب الرئيسية لقيام ثورة يناير. وأشار إلى أن العنصر الأكثر تأثرًا بالصعوبات الاقتصادية في مصر هو مجال الأعمال الصغيرة، والمحال ذات الرأسمال القليل أو المتوسط، بالإضافة إلى الصناعات التي تعتمد على عدد صغير من العمال بشكل يومي، إذ تضطر إلى غلق أبوابها فور اندلاع أي أحداث. الدستور الاقتصادى الجديد وبعد أن انتهى الخبراء من وضع الدستور الاقتصادي الجديد الذي وضعه الاتحاد العام للغرف التجاريةواشترك 64 خبيرًا وأستاذًا للاقتصاد يمثلون 14 هيئة مختلفة، في رسم ملامح الدستور الجديد بالتعاون مع ممثلين للغرف التجارية، من أجل وضع بنوده على أساس علمي يمكن تطبيقه على أرض الواقع وضمان تحقيق الهدف المرجو منه المتمثل في تقوية وتعزيز الاقتصاد المصري والعمل على استقراره. جاء تشجيع الصادرات وتفعيل القوانين المنظمة لعمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وزيادة معدلات التشغيل للحد من البطالة وجذب الاستثمارات الجديدة ودراسة الخريطة الاستثمارية لمصر وربط الأجر بالكفاءة والإنتاجية علي رأس ملامح الدستور الاقتصادي. وأكد الدكتور فؤاد أبو ستيت، أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة حلوان وعضو بلجان وضع الدستور الاقتصادي، علي أنه يمثل خارطة طريق للارتقاء بالمنظومة التجارية والصناعية التي تؤدي بدورها الي تعزيز الاقتصاد المصري ومنها تشجيع الصناعات الصغيرة خاصة أنها تعتبر من أهم دعامات الاقتصاد، من خلال المطالبة بتسهيل منح الائتمان لها والتسويق الجيد إضافة الي مساعدة أصحابها في إعداد دراسات الجدوى لها لضمان نجاح المشروع. وأضاف أبوستيت, أن الدستور طالب بضرورة استعادة الأمن الذي يعتبر من العوامل الرئيسية المؤثرة في جذب الاستثمارات الجديدة والاحتفاظ بالاستثمارات القائمة، كما تطرق الدستور الي الصناعة العشوائية المعروفة باسم مصانع "بير السلم" وضرورة القضاء عليها خاصة ان إنتاجها غير مطابق للمواصفات القياسية وتضر بعمل الصناعة الرسمية والتجارة الداخلية. وأوضح أن الدستور قام بوضع سياسات عامة لحل المشكلات الاقتصادية المتعثرة، فالنسبة للبطالة شدد الدستور على ربط التعليم بسوق العمل من خلال تخريج كوادر جامعية تستطيع الحصول على فرصة عمل بسهولة وذلك عن طريق تنمية مهارات الطلاب وتدريبهم على التقنيات الحديثة التي يحتاجها سوق العمل. وأشار إلي أن فرصة العمل الواحدة تحتاج من 50 إلي 70 ألف جنيه وبالتالي فإن الاقتصاد المصري يحتاج للمليارات لتوفير نحو 750 ألف فرصة عمل سنويا وهو الأمر المشروط بتنمية الاستثمار وتهيئة مناخ استثماري مواتي. وأكد أن القطاع الخاص باعتباره يسهم في الناتج القومي بأكثر من 60% فتقع على عاتقه مسئولية كبيرة في توفير فرص العمل وهو أمر لن يحدث إلا من خلال تنمية مهارات العمالة المصرية المعروفة بافتقارها مقومات العمل وبالتالي فلابد من قيام القطاع الخاص بتدريب العمالة بجانب العمل. وفيما يتعلق بالصادرات قال إن الدستور لم يغفلها، خاصة أن تشجيع الصادرات يزيد من رءوس الأموال الأجنبية, وتوفير فرص العمل وتحسين ميزان المدفوعات، مشيرا إلي أن الدستور طالب بتصدير المنتجات تامة الصنع وليس السلع الغذائية أو نصف منتجة وذلك لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد القومي. أما بالنسبة لشق الأجور, فأكد أبوستيت, أن الدستور أوصى بتطبيق الحد الأدنى على القطاع العام واستثناء القطاع الخاص منه في الوقت الحالي، خاصة أنه سيزيد من الأعباء على أصحاب الأعمال في ظل الركود التي تعاني منه الأسواق على أن يؤخذ بعين الاعتبار بعد الاستقرار الأوضاع الحالية. وأضاف أن الدستور طالب بالاهتمام بتعديل منظومة النقل واللوجيستيات لضمان خفض الفاقد في المنتجات والبضائع وبالتالي ضبط أسعارها في الأسواق خاصة أن أي خسارة يتعرض لها المنتج أو التجار تضاف على تكلفة المنتج النهائي ولا يتحملها سوى المستهلك. ومن جانب، أشارت الدكتورة نجوى سمك عضو لجنة الاستثمار والتمويل للدستور الجديد, إلى أن الدستور مقسم إلى أكثر من لجنة تشكلت من عدة أستاذة متخصصين في ذات المجال ومنها لجان لسوق العمل، والبطالة، والأجور وأخيرا لجنة الاستثمار والتمويل، مشيرا إلي أن لجنة الاستثمار قامت بوضع أسس لتغيير منظومة الاستثمار في مصر من خلال تفعيل فكرة التشابك والعنقودية بين الصناعات المختلفة لتجويد المنتجات ودعم العملية الاستثمارية. وأضافت أن الدستور تطرق إلي تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والقوانين المنظمة لها، والعمل على تفعيلها خاصة أن هناك بنود عديدة في قانون المشروعات الصغيرة الذي صدر عام 2003 غير مفعلة، والتي حدت من انتشار ودعم هذه المشروعات ومنها البند الخاص بشراء الحكومة 30% من انتاج المشروعات، فضلا عن بند تقوية العلاقات بين المشروعات الصغيرة والكبرى الربط بينهما. وفيما يتعلق بالتمويل المتناهي الصغر قالت إن الدستور وصى بمشاركة الجمعيات الأهلية في تمويلها، إضافة إلي تفعيل قطاع التمويل متناه الصغر، مشيرة إلي وجود قوانين جيدة تنظم عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ولكنها غير مفعلة وبالتالي فلابد من تفعيلها بشكل يخدم هذه المشروعات ويساعد في نجاحها. وأكدت أن الدستور أوصى أيضا بدراسة الخريطة الاستثمارية بعناية وتحديد المشروعات القائمة والمشروعات المتوقفة والعمل على إزالة المعوقات الخاصة بها لتشجيع العملية الإنتاجية وإعادة دوران عجلة التنمية التي أصبحت شبه متوقفة خلال الفترة الحالية. واخيرا يتبقى أن يشعر المواطن المصرى بإيجابية قانون الاقتصاد الجديد عليه ليشعر بالأمان على مستقبله ومستقبل أولاده.