بعد عام من الثورة يساءل الجميع الى أين تذهب مصر ؟ وبين التشاؤم والتفاؤل يوجد ضباب وحالة من عدم الفهم لدى الجميع وخاصة السياسين الذين ملئوا الفضائيات والجرائد بالتصريحات ،اما المواطن فأنه يشعر أن القادم أسوأ لأنه أصبح فى حالة "توهان"نفق مظلم ليس له اخر ،حتى الثوار أصبحوا فى حالة إنعدام وزن بعدما وصل الإخوان الى مساعهم وتركهم الميدان ، ونحن فى مساحتنا للإختلاف نحاول أن نجيب على السؤال الصعب الى أين تذهب مصر من خلال حقائق ومقارنات ونترك للقراء الحكم . فمن جانبه اعتبر المفكر السياسي وأستاذ الاقتصاد الدكتور جلال أمين أن السؤال الذي يتردد في أذهاننا جميعا هو إلى أين نحن ذاهبون؟، أنه من الصعب الإجابة عليه، إلا أنه أشار إلى أن مشكلتنا في أننا نتحدث بافتراض أن مصر بمعزل عما يحدث في العالم. وقال أمين، خلال ندوة لمناقشة كتابه "مصر والمصريون في عصر مبارك" ضمن فعاليات محور "كاتب وكتاب"بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والتي عقدت اليوم السبت ، إن مصر طيلة تاريخها هي الدولة الأكثر تأثرا بما يحدث في العالم لأسباب جغرافية وثقافية وتاريخية، لافتا إلى أن مصر كانت في أفضل أحوالها أثناء وجود توازن بين قوى عالمية، مثل نهضة محمد علي باشا التي بدأت في وجود توازن بريطاني فرنسي، وبداية التصنيع مع الرئيس السابق جمال عبد الناصر في وجود توزان أمريكي روسي. وتابع :أن الشباب المصري أصبح مختلفا ويحمل صفات التغيير، واعتبر أن التغيير لا يحتاج لوقت وإنما يحتاج لنية صادقة ووسائل لتحقيقه، لافتا إلى أن كل الحلول مطروحة ومتاحة، وليس هناك أي داعي لوجود مجلس استشاري أو غيره لأن الآراء والأفكار تطرح الآن عبر الإعلام، مثلما يقول العرب : الحق بين والباطل بين. وقارن المفكر جلال أمين بين الفقر في عصر مبارك والفقر قبل هذا العصر، وقال إن الناس أصبحوا يشعرون بالذلة والمسكنة في عصر مبارك، بعد أن أغلقت فرص الصعود الاجتماعي، وبعد أن أغلق الخليج أبوابه أمام العمالة المصرية، واستبدلها بعمالة أرخص، لافتا إلى أن البطالة تتزايد باضطراد منذ عام 1986. وقال إنه مجرد ما نبدأ في السير في الطريق السليم، وتطوير الاقتصاد والتعليم والإعلام سيسود شعور بالهجة والتفاؤل، فنحن لن نحتاج إلى سنوات طويلة وإنما نحتاج لأسبوع واحد لكي نبدأ العمل. واعتبر أن عدم التعاطف مع الثوار الشباب حاليا من جرائم عصر مبارك، فالمصريون أصبحوا أمتين بنمطي تفكير مختلفين، كما رأى أن دعم الغرب للإسلاميين قد يكون بغرض تجزيئ المنطقة بحسب المذاهب الدينية، وتبرير التحالف ضد إيران، كما أن الحديث عن الخلافات المذهبية والفقهية هو لشغل الناس بأشياء بعيدة عن النهضة. من جانبها أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرا يلحظ أوضاع حقوق الإنسان في مصر بعد الثورة، واستمرت عمليات التعذيب والإنتهاكات ضد المرأة والصحافيين والتمييز والعنف الطائفي استمرت، ولفتت الى ان بعض الأمور كانت أفضل في عهد مبارك. وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش أوضاع حقوق الإنسان في مصر بعد الثورة، مشيرة إلى أنها لم تشهد أي تحسن تحت إدارة المجلس العسكري لشؤون البلاد في 11 فبراير الماضي، وقالت المنظمة في تقريرها، "إجمالاً لم تشهد تدابير حماية حقوق الإنسان في مصر أي تحسن، منذ تولي لدى المجلس العسكري للسلطة" لافتة إلى أن إيقاف الإنتهاكات يحتاج إلى إرادة سياسية. وأوضحت أنه "بعد تولى أعضاء المجلس العسكري السلطة أمروا بالإفراج عن جميع المعتقلين بموجب قانون الطوارئ، وعددهم عدة آلاف في نهاية عام 2010 طبقاً لتقديرات منظمات حقوقية – ووعدوا بوضع حد لحالة الطوارئ. وتابعت "ولكن استمر المجلس العسكري في استخدام المحاكم الاستثنائية التي ينص عليها قانون الطوارئ وأحال أكثر من 12 ألف مدني للمحاكمات العسكرية منذ يناير، أي أكثر من إجمالي عدد المدنيين الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية على مدار 30 سنة من حكم مبارك". وأشارت إلى أن "أولئك المحالون إلى المحاكم العسكرية شملوا أطفال في سن بلغت 15 عاماً، رغم أن القانون الدولي ينصح بعدم محاكمة الأطفال في محاكم عسكرية. ولفتت المنظمة إلى إفراط المجلس العسكري في قمع الاحتجاجات وتعذيب المحتجزين، معلنة "على مدار العام استخدم الجيش القوة المفرطة في تفريق المظاهرات وقام بتعذيب المحتجزين. وأكدت أنه "رغم الإقرار الرسمي بالحاجة لإعادة بناء الثقة في الشرطة، فلم تتم المبادرة بأي عملية إصلاح للقطاع الأمني، ولم تظهر تحقيقات شاملة في أعمال التعذيب والمعاملة السيئة الممنهجة التي مارستها الشرطة في الأعوام الأخيرة، لا سيما جهاز مباحث أمن الدولة". وكشفت أن الجيش اعتقل تعسفاً الكثير من الصحفيين أثناء تغطيتهم للمظاهرات في يناير، بالإضافة إلى مئات المتظاهرين السلميين، لافتة الى انه تم الإفراج عن الصحفيين في ظرف أيام من القبض عليهم، لكن المحاكم العسكرية حكمت على الكثير من المتظاهرين بالسجن. وعلى سبيل المثال، ادعت السلطات باتهامات "بلطجة" مبهمة على المتظاهر السلمي عمرو البحيري، وتم اعتقاله أثناء تظاهرة بميدان التحرير في 26 فبراير، حيث أدانت المحاكم العسكرية البحيري وحكمت عليه بالسجن خمس سنوات، وما زال رهن الاحتجاز.كما احتجزت السلطات أطفالاً تعرضوا للعنف البدني والتعذيب، ويعتبر أطفال الشوارع تحديداً أكثر عرضة للاعتقالات والانتهاكات. ولفتت المنظمة إلى أستمرار الشرطة في استخدام التعذيب في أقسام الشرطة، ومراكز الاحتجاز، وعند القبض على الأفراد. ففي يونيو مات سائق الميكروباص محمد صباح نصر أثناء احتجازه في مركز شرطة الأزبكية في القاهرة، بعد أن قبضت عليه الشرطة ومعه سبعة آخرين بتهمة "تعطيل المرور". وكشف المقبوض عليهم مع نصر إنهم رأوا الشرطة تضربه، ومن جهتها قالت وزارة الداخلية إنها تحقق في وفاته لكن لم تُعلن عن تقرير بنتيجة التحقيق. ورغم أن المنظمة أشادت بتمتع وسائل الإعلام بقدر أكبر من الحرية في أعقاب تنحية مبارك، إلا أنها أشارت إلى أن تلك الحرية منقوصة فيما يخص قضايا الجيش، مشيرة إلى أنه حتى سبتمبر 2011 قامت النيابة العسكرية التابعة للمجلس العسكري باستدعاء تسعة نشطاء وصحفيين على الأقل لاستجوابهم بشأن اتهامات ب "إهانة الجيش"، لكن أفرجت عن أغلبهم دون اتهامات. وأوضحت انه في 7 سبتمبر قال وزير الإعلام أسامة هيكل إن بسبب "الفوضى الإعلامية" الحالية فهو لن يمنح تصاريح بث للقنوات الفضائية الجديدة. وبعد أربعة أيام هاجمت الشرطة مقر قناة "الجزيرة مباشر" مصر، التي وفرت التغطية الأشمل للتظاهرات المعارضة للمجلس العسكري على مدار الأسابيع السابقة، وأمرت القناة بوقف البث في مصر، فاستمرت القناة في التغطية من قطر. ونوهت المنظمة بإصدار المجلس العسكري قانون الأحزاب السياسية ليسهل على الأحزاب السياسية الجديدة بدء العمل وذلك بتمكينها من التسجيل طالما هي مستوفية للشروط التي يحددها القانون. ولفتت الى أنه في عهد مبارك، كانت طلبات تسجيل الأحزاب الجديدة تُرفض في العادة، لكنها أنتقدت عدم تعديل قانون الجمعيات وملاحقة بعضها بتهمة الحصول على تمويل خارجي. ونبهت المنظمة الدولية إلى استمرار حوادث العنف الطائفي في عام 2011، بدءً بتفجيرات كنيسة القديسيين بالإسكندرية، ومروراً بحادث كنيسة أطفيح في مارس الماضي، ثم أحداث إمبابة في 3 يوليو، ثم كنيسة مار جرجس في ماريناب بمحافظة أسوان. وأشارت إلى أن هناك مطالب بإصدار قانون جديد لتجديد وإنشاء الكنائس، وهو مطلب قديم للمسيحيين الذين يتعرضون للتمييز في هذه النقطة. وإعتبرت "هيومن رايتس" أن إصدار المجلس العسكري قانون يجرم الإحتجاجات العمالية هو ضد مبادىء حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الشرطة العسكرية استخدمت القوة المفرطة في 11 مناسبة على الأقل أثناء تفريق تظاهرات واعتصامات عمالية. وسلطت المنظمة الأضواء على إنتهاكات حقوق المرأة، ولاسيما قضية كشف العذرية، في 9 مارس، وعدم إحراز أي تقدم في التحقيقات أو الملاحقات القضائية ضد الضباط المتورطين في الحادث. وأنتقدت إلغاء كوتا المرأة في البرلمان المقدرة ب 64 مقعداً، ووصفت إلزام الأحزاب بترشيح كل حزب سيدة واحدة على الأقل على قوائمه، بأنه "إجراء شكلي أدى لتناقص حاد في عدد أعضاء مجلس الشعب من السيدات". وانتقدت أيضاً إستمرار العمل بقانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسلمين، المستند إلى الشريعة، معتبرة أنه يميز ضد المرأة في شؤون الأسرة، كما أنتقدت إستخدام قوانين كنسية تحظر علي الأقباط الطلاق، باستثناء حالات الزنا، مشيرة إلى أنه زادت اعتراضات بعض الأقباط وظهرت مطالبهم بقانون بالزواج المدني يمنحهم الحق في الطلاق. وأكدت المنظمة أن إيقاف الإنتهاكات ضد حقوق الإنسان في نصر تحتاج إلى إرادة سياسية بالأساس. ومن جانبه، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة كشف إن أوضاع حقوق الإنسان في مصر تشهد "أنتهاكات متنوعة"، بعضها لم يحدث في عهد النظام السابق. وأوضح أن "التوسع في المحاكمات العسكرية ضد المدنيين، والإنتهاكات بحق النساء مثل كشف العذرية والضرب والتعرية بميدان التحرير وتشويه سمعة الناشطين ومنظمات المجتمع المدني أبرز تلك الإنتهاكات". وأشار إلى أنه بعد عام من الثورة "لم ترفع حالة الطوارىء كلياً"، بل بقيت لمواجهة ما يسمى ب"البلطجة"، وهي الإتهامات التي توجه للكثير من الناشطين السياسيين ويحالون بموجبها للمحاكمات العسكرية. وفي هذا الإطار لفت أحمد راغب الناشط بمركز هشام مبارك لحقوق الإنسان إلى "أن منظومة حقوق الإنسان في مصر لم تتحسن بإستثناء حرية الرأي والتعبير، حيث زادت مساحتها مقارنة بعهد الرئيس السابق حسني مبارك". وبيَّن إن الإنتهاكات ضد حقوق الإنسان إتخذت أشكالاً أكثر عنفاً، منها "إختبارات العذرية والإفراط في إستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين كما هو الحال في أحداث محمد محمود ومسرح البلون وأحداث مجلس الوزراء في 18 ديسمبر الماضي". وتوقع "ألا تشهد أوضاع حقوق الإنسان تحسناً ملحوظاً إلا بعد تسليم السلطة من المجلس العسكري إلى المؤسسات المنتخبة". يتبقى لنا أن نعرف ان الأيام المقبلة فى مصر ستشهد سخونة شديدة لكل أصحاب المصالح ونأمل أن يكون للمواطن العادى نصيب من بلاده التى أراد الظالمين والطامعين أن يحرموه من خيراتها.