بدلا من استغلال روح الثورة التى كانت وراء إتمام صفقة شاليط مقابل الأسرى الفلسطينيين، وذلك من أجل تكثيف الضغط على الكيان الصهيونى لاستعادة المصريين المحتجزين فى سجون تل أبيب، وفى نفس الوقت الحفاظ على حق مصر فى معاقبة متهم بالتجسس لصالح "إسرائيل"، فإن الخارجية المصرية بدأت محاولات حثيثة بهدف الضحك على عقول المصريين لإقناعهم بأن صفقة مماثلة لصفقة شاليط مع الفلسطينيين، يمكن إتمامها مع الجانب الصهيونى .. بغرض (إنسانى) وهو تحرير السجناء المصريين..! والواقع أن الأمر يختلف تماما فى الحالتين، فجلعاد شاليط هو جندى من الجيش لإسرائيلى، تم أسره فى وقت الحرب - عملية الرصاص المصبوب التى شنتها "إسرائيل" ضد غزة عام 2006 - بينما "إيلان جرابيل" هو جاسوس صهيونى متهم بنقل معلومات استراتيجية عن مصر لجهاز الموساد، وبالتالى لا يستحق أن يعامل معاملة الأسرى طبقا لمعاهدة جنيف، ولكن أن يعامل معاملة الجواسيس التى تقتضى معاقبتهم بالإعدام أو السجن لفترات طويلة على أقل تقدير.ولنا فى الجاسوس الإسرائيلى "جوناثان بولارد" عبرة وعظة، وهو الجاسوس الذى ضبطته السلطات الأميريكية وهو يقوم بنقل معلومات بالغة السرية عن أمريكا لصالح حليفتها الأولى "إسرائيل" (!!) وبالرغم من العلاقات الدافئة، بل الساخنة بين الحليفين، وشريكى المشروع الصهيو - أميريكى، إلا أن الولاياتالمتحدة رفضت تماما جميع المساع الإسرائيلية للإفراج عن الجاسوس الصهيونى..
ومن الناحية الأخرى، فإن المقارنة معدومة بين الأسرى الفلسطينيين ممن تعتبرهم "إسرائيل" ‘أعداء إرهابيون، وبين المواطنين المصريين من مساجين تل أبيب، حيث من المفروض أن تسعى وزارة الخارجية المصرية لتحرير كل من لم تثبت إدانته بجريمة مدنيةهناك، فى ظل حقيقة لا يمكن إنكارها وهى أن هناك المئات من الشباب الذين أجبرتهم ظروف الحياه البائسة فى ظل النظام البائد، على الهجرة ولو إلى إسرائيل، سعيا وراء رزق معدوم فى بلادهم، أما كل مواطن مصرى محتجز فى سجون ومعتقلات تل أبيب، فمن حق مصر أن تسعى لتحريره بقوة القانون الدولى .. ودون أن يكون ذلك فى مقابل رشوة مشبوهة يدفعها النظام الحاكم لنظيره فى تل أبيب.