كنا نسأل قبل اليوم : لماذا لا يستقيل الوزراء فى مصر؟.. والسؤال الذى يجب أن نسأله الآن ولماذا يستقيل الوزراء؟! لا تصدقوا أن محمد لطفى منصور وزير النقل والمواصلات استقال بمعنى أنه قدم استقالته طائعا ، فلا أحد من المسئولين فى مصر يتم اختياره بقرار سيادى يمكن أن ينصرف بقرار شخصى ، فقط الذى جاء به هو الذى يستطيع أن يصرفه. حكى لى وزير ومحافظ أسبق أنه عمل مع الرئيسين السادات ومبارك وعندما أراد أن يستقيل بعد أن اختلف مع رئيس الوزراء الأسبق المرحوم فؤاد محيى الدين قالوا له لا أحد يملك هذا انتظر ، وانتظر حتى تم تغييره مع أول حركة للمحافظين. وفى مسألة استقالة وزير النقل تحديدا كان لابد أن تتم التضحية برأس كبير قبل عيد الحزب الوطنى القادم بعد أيام ، وبناء عليه يمكن أن يقف أحد مسئولى الحزب الآن ويعلن أن وزير النقل استقال من أجلك أنت ! وكنت قد توقعت شيئا من هذا القبيل عندما انطلقت الحملة المنظمة للصحافة القومية مع أول ضوء يوم أول أمس تحمل عناوينها الرئيسية هجوما كاسحا ضد وزير النقل بشكل ينم عن اتفاق وتدبير ، تلاه فى اليوم التالى استخدام د. زكريا عزمى لصفته البرلمانية فى مواصلة الهجوم الحاد على الوزير ليعطى الضوء الأخضر ويمهد الأرض لميلشيات البرلمان لتتابع المعركة ، كل هذا كان مخططا له ولم يكن على الوزير الذى لم يعمل بشكل جاد على تطوير السكك الحديدية بقدر ما عمل على استحلابها لتدر مزيدا من الإيرادات لخزانة الدولة من خلال رفع أسعار التذاكر وتأجير المحطات والكافتيريات وبيع أراضى الهيئة أو بعض أصوالها ، وها هو الآن يضطر بعد خدمة الحكومة وتنفيذ توجيهاتها الرأسمالية أن يقف أمام عدسات التصوير ويقول لجمهور المشاهدين: إنه استقال. ولعل الله يخب ظنى وسوء طويتى ويكون الأمر على غير ذلك بمعنى أن يكون الوزير قد اتخذ القرار من تلقاء نفسه إحساسا بالذنب أو حزنا على أرواح الضحايا المعلقة بين السماء والأرض حتى يقتص لها من المذنب . وفى هذه الحالة فقط تكون استقالة الوزير إعلانا لبداية عهد جديد فى مسيرة ثقافة استقالة المسئولين تٌنبأ بأن المسئول المخطئ يكمن أن يتحمل مسئوليته حتى وإن كانت سياسية ويغادر مقعده ليترك لغيره فرصة الإصلاح وخاصة فى قطاع منحوس مثل النقل والمواصلات تسبب فى حرق اثنين من وزرائنا محمد لطفى منصور ومن قبله د. إبراهيم الدميرى الذى أوهمونا أيضا عام2002 أنه استقال عقب كارثة حريق قطار الصعيد المروعة والتى لم تشهد بعدها قطارات الغلابة تطويرا يذكر ويكفى أنها لازالت تعمل بالمازوت لذلك نحن فى انتظار كارثة أخرى ، ومعها استقالة الوزير الثالث.