إنها سياسة "العصا والجزرة" .. "الجزرة" للقيادة السياسية المصرية .. والعصا – طبعا – للشعب (!!) هذا على ما يبدو هو الخيار الذى قررت أن تتعاطى به السعودية مع الثورة المصرية، التى لم تصادف هوى الكثير من قادة الأنظمة القمعية والديكتاتورية فى المنطقة. ففيما حاولت السعودية وغيرها من دول الخليج تقديم "رشوة" بعشرات الملايين من الدولارات أكثر من مرة للحكومة المصرية، اشترطت مقابلها امتناع مصر عن محاكمة الرئيس المخلوع على جرائمه فى حق أمته، وهى المحاولات التى قابلتها الحكومة والقوى السياسية والثورية فى مصر بمنتهى الحسم، رافضة أى تدخل خارجى فى شأن داخلى خاص بمصر الثورة، فإنها وبالمقابل، وبدلا من مساندة مصر فى تخطى أزمتها الاقتصادية الراهنة، فقد حاولت بقرارها الصادم – أمس – بمنع تجديد تراخيص العمل للمصريين العاملين بالمملكة منذ أكثر من ستة سنوات، أن تضغط أكثر وأكثر على المصريين، الذين يبدو أنهم يُعاقبون على تمسكهم بحريتهم واستقلالية قرارهم، بعد عقود طويلة مضت وهم معزولون تماما عن دوائر صنع القرار الرسمى، فى ظل عهد القمع والطغيان، الذى انتهى بقيام ثورة 25 يناير المجيدة، بينما لا يزال مُمسكا بتلابيب شعوب أخرى بالمنطقة، منها الشعب السعودى الشقيق. وفى تعليق منه على القرار السعودى الأخير، أكد "على البدرى" – رئيس اتحاد عمال مصر الحر – أن العاملين المصريين فى السعودية هم أكثر المتضررين من هذا القرار الظالم والمفاجئ، والذى يظهر أن مصر سوف تدفع ثمنا غاليا مقابل استعادة حريتها. وواصل بقوله، أنه إذ يستنكر القرار الغريب والمشبوه من جانب المملكة، فإنه يستنكر الصمت المطبق من جانب اتحاد العمال الرسمى تجاه القرار، وهو الصمت الذى لا يجد تفسيرا له إلا أن قيادات هذا الاتحاد ومعظمها ينتمى للعهد البائد، مازالوا يعيشون مرحلة ما قبل الثورة، وأهم معالمها انتظار التعليمات والتوجيهات من جهات عليا، لكى يضبطوا عليها مؤشرات ردود أفعالهم وقراراتهم. وأوضح "البدرى" أن ملايين المصريين أصيبوا بالقلق من هذا القرار الذى يضرب استقرارهم المادى وعائلاتهم فى الصميم، مشيرا إلى أنه يتلقى على مدار الساعة عشرات من الاتصالات من عمال مصريين يطالبون القيادة العسكرية والحكومة بالتدخل الفورى لإنقاذ مستقبلهم من الضياع. وأعلن "البدرى" أنه بصدد تشكيل وفد من اتحاد عمال مصر الحر، للسفر إلى السعودية لبحث أوضاع العمال المصريين هناك خلال أيام قليلة، وذلك بالتنسيق مع د. عصام شرف – رئيس الحكومة المصرية.